خرج أبرز المسؤولين الكبار في أنقرة، الجمعة، بالتصعيد في الرد على تصريحات وزارة الخارجية الألمانية بعد إصدار القضاء التركي أحكاما حبسية على مواطن ألماني.
وطالبت وزارة الخارجية الألمانية بإطلاق سراح مواطنها "بيتر ستيودتنر" الذي أصدر القضاء التركي قرارا بحبسه بتهمة دعم منظمة "بي كا كا"
الإرهابية، وادعت أيضا أن المواطنين الألمان القادمين إلى
تركيا ليسوا في مأمن وشركاتها هناك تعيش حالة من القلق.
أردوغان: دعايات مغرضة
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه "لا توجد قوة بإمكانها تشويه صورة تركيا".
وأعرب في كلمة ألقاها بمدينة إسطنبول، عن إدانته الشديدة لتصريحات المسؤولين الألمان المستهدفة لتركيا.
وأضاف الرئيس التركي: "هناك محاولات لممارسة الضغوط على الشركات الألمانية (في تركيا) عبر دعايات مغرضة"، مشددا على أنه "ينبغي للحكومة الألمانية التي تأوي إرهابيين فارين من تركيا تقديم توضيحات حول ذلك أولا".
كما أعرب أردوغان عن إدانته لتصريحات وزيرة الاقتصاد الألمانية بريجيت زيبريز، وقال إن تصريحاتها "ترمي لتخويف وإقلاق الشركات المستثمرة في تركيا برسائل غير مباشرة وليس لها أي أساس".
وأضاف: "هذا الأمر (تصريح الوزيرة الألمانية) لا يليق بالسياسة ولا بشخصية سياسية".
وأكد أردوغان أن بلاده "ملتزمة بحماية الشركات الألمانية في المستقبل، كما فعلت في الماضي، وليس بمقدور ألمانيا والعالم أجمع تشويه صورة تركيا".
وشدد على أنه "لا توجد أي تحقيقات تتعلق بالشركات الألمانية في تركيا والادعاءات المتعلقة بذلك كاذبة".
وأردف أنه "حتما ستجد تركيا مكانها العادل والصحيح في الخارطة السياسية والاقتصادية العالمية التي تتشكل من جديد، ولا يمكن للإرهاب أو للذين يكيلون بمكيالين على المستوى الدولي عرقلة ذلك".
قالن: تصريحات الألمان مؤسفة
وسبقت تصريحات أردوغان، إعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، رفض بلاده تصريحات لمسؤولين ألمان انتقدوا قرار القضاء التركي حبس مواطن ألماني على خلفية تقديمه دعما لمنظمة إرهابية مسلحة، واصفا تلك التصريحات بـ"المؤسفة".
وقال قالن، في مؤتمر صحفي عقده بالمجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة: "نعتقد أن هذه التصريحات المؤسفة صدرت لاستثمارها سياسيّا على الصعيد الداخلي، وهي مرتبطة بالانتخابات التي تقبل عليها ألمانيا".
وأضاف: "تجري تحقيقات بحق الكثير من مواطنينا في ألمانيا، ويتعرّض العديد من الأبرياء لمعاملة الجواسيس (..) لذا ينبغي لهم (الألمان) التفكير بطريقة أكثر عقلانية والتخلص من ضيق أفق التفكير".
وانتقد قالن، تصريحات دعت مواطنين وشركات ألمانية بعدم التوجه إلى تركيا لـ"دواع أمنية"، قائلا: "ندين ونفنّد التصريحات التي ادعت أن المواطنين الألمان القادمين إلى تركيا ليسوا في مأمن، وأن الشركات الألمانية في تركيا تعيش حالة من القلق".
وأضاف: "إن توجيه رسالة بأن زيارتهم (المواطنين والشركات الألمانية) إلى تركيا غير آمنة، هو تصرف سياسي غير مسؤول، ونحن لا نقبل بأمر كهذا، لو كان الأوروبيون يرون أن أمن تركيا من أمنهم، لكانوا قد تصرفوا بعقلانية".
وتابع: "كنا دائما على علاقات جيدة مع ألمانيا ونريد ذلك مستقبلا، غير أنه ينبغي أن يكون ذلك في إطار الاحترام والمصالح المتبادلة".
الخارجية: القضاء مستقل
وأعربت الخارجية التركية، عن رفضها لتصريحات مسؤولين في الحكومة الألمانية بشأن قرار القضاء التركي بسجن المواطن الألماني على خلفية اتهامه بتقديم الدعم لمنظمة إرهابية مسلحة.
وأشارت الخارجية، في بيان لها، إلى استقلال القضاء التركي، مؤكدة أن دستور وقانون البلاد يمنع أي هيئة أو سلطة أو شخص من إعطاء الأوامر أو التعليمات أو تقديم التوصيات للمحاكم.
وقالت إنها أبلغت القائم بأعمال السفارة الألمانية في أنقرة، انتقال قضية "ستيودتنر" إلى القضاء التركي المستقل والذي ينبغي الوثوق بقراراته.
اتهامات باطلة
وقال وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي، إن "الاتهامات الباطلة وغير العادلة لن تؤثر أبدا على التزامنا بتطوير علاقاتنا الاقتصادية مع ألمانيا".
وأوضح زيبكجي، أن ألمانيا واحدة من أهم شركاء تركيا في التجارة الخارجية والاستثمارات، وأن بلاده بذلت دائما جهودا لتطوير العلاقات الاقتصادية مع برلين.
واعتبر الوزير التركي تصريحات الحكومة الألمانية حول بلاده بأنها "مؤسفة للغاية ومحزنة".
وشدد زيبكجي، على أن بلاده دولة قانون، وملتزمة بالديمقراطية والمعايير الدولية، وأنهم ينظرون لكل من يستثمر بتركيا على أنه فرد من مواطني البلاد.
وقال إن "كل من يستثمر من أصدقائنا في تركيا، إيمانا بقوتها وإمكاناتها، فهو عنصر أصيل لقصة نجاحنا. وأنّ نشاط حوالي 7 آلاف شركة ألمانية في بلادنا بالوقت الراهن، المؤشر الأبرز لهذا الوضع".
ولفت إلى أن بلاده سوف تتخذ مزيدا من الإجراءات لجذب مزيد من المستثمرين الألمان، وأن "أبواب تركيا مفتوحة على مصراعيها أمام الأصدقاء الألمان وخاصة في جو الاستقرار السياسي والاقتصادي وعناصر الدعم السخية والقوانين الصديقة للمستثمر".
وأضاف أن تطوير العلاقات بين ألمانيا وتركيا سيعود بالنفع على البلدين، وفي حال تأثرت العلاقات سلبا فإن الطرفين سيتضرران من ذلك، وأيضا لن يُفرح ذلك المؤمنين بالصداقة التاريخية بين تركيا وألمانيا.
جدير بالذكر أن القضاء التركي أصدر، الاثنين، قرارا بسجن 6 من أصل 10 أشخاص تم توقيفهم في 5 تموز/ يوليو الجاري، في مدينة إسطنبول، بينهم المواطن الألماني بيتر ستيودتنر، بتهمة "تقديم الدعم لمنظمة إرهابية مسلحة".