نشرت صحيفة "روسكايا فيسنا" الروسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن محاولة
تركيا تعزيز نفوذها في المناطق المجاورة، التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي، وذلك في إطار الطموحات التركية لبناء "عالم تركي" قائم على الوحدة الثقافية التركية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحكومة التركية تعمل بنشاط لترسيخ فكرة "الوحدة التركية"، التي تقوم أساسا على بسط نفوذها في منطقة
آسيا الوسطى. وفي سبيل تحقيق مبتغاها، تعمل تركيا على تعزيز التعاون مع أوزبكستان في مجال التعاون العسكري، بالإضافة إلى العديد من المجالات الأخرى. كما تسعى أنقرة لدعم علاقاتها مع دول آسيا الوسطى؛ مثل أذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان. فهل ستكون أنقرة قادرة على بناء "عالم تركي" في المناطق التي كانت فيما مضى تابعة للاتحاد السوفييتي؟
وأفادت الصحيفة أن وزير الدفاع التركي، نور الدين جانكلي، التقى بنظيره الأوزبكي، قابول رابدييف، في العاصمة طشقند. وقد نتج عن الاجتماع التوقيع على بروتوكول التعاون بين البلدين في المجال العسكري، ما يبشر بإمكانية تركيز جهود ثنائية في هذا المجال.
فخلال السنوات الأخيرة، بدأت أنقرة تبحث عن أسواق لصادرات الأسلحة، علما بأن الموردين الرئيسيين الذين تتعامل معهم أوزبكستان حاليا هما روسيا والصين.
لكن تركيا لا تهتم بآسيا الوسطى فقط بسبب إمكانية تصدير الأسلحة إليها، بل إن أنقرة تسعى لإشراك أوزبكستان في محور اللعبة السياسية جنبا إلى جنب مع بقية الجمهوريات السوفييتية السابقة؛ مثل تركمانستان وقيرغيزستان وكازاخستان. لذلك، تعول أنقرة على العامل العرقي القائم على فكرة "الوحدة الثقافية التركية" بين شعوب المنطقة. ولعل هذا ما أكده وزير الدفاع التركي عند حديثه عن التقارب الثقافي بين أوزبكستان وتركيا في أعقاب زيارته الأخيرة لهذا البلد.
وأوردت الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان قام زيارة رسمية إلى أوزبكستان، في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2016. وفي إطار هذه الزيارة، اتفقت أنقرة وطشقند على إمكانيات التعاون التركي-الأوزبكي. أما في نيسان/ أبريل سنة 2017، فقد زار وزير الخارجية التركي مولود جاويشأوغلو أوزبكستان. وفي أيار/ مايو؛ تم إبرام جملة من الاتفاقات الاقتصادية الثنائية تبلغ قيمتها ملياري دولار.
ووفقا للخبير الروسي ديميتري أليكسندروف، فإن "أوزبكستان أولا وقبل كل شيء؛ مهتمة بالتعاون الاقتصادي مع تركيا"، و"هذا التعاون قابل للتطور".
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان يعمل بنشاط على توسيع دائرة النفوذ التركي، بالإضافة إلى ترسيخ فكرة القومية والوحدة التركية، التي تعد من بين أهداف أنقرة. ففي سنة 1993، أبرم وزراء ثقافة كل من أذربيجان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، وتركيا، معاهدة إنشاء منظمة دولية للثقافة التركية.
وعلى خلفية ذلك، يتم سنويا إحياء نشاطات ثقافية تحت رعاية المنظمة، تهتم بتقديم "التراث المشترك للعالم التركي". وفي سنة 2009، تم تأسيس مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية، الذي شمل كلا من تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان. وعلى هذا الأساس، أصبح مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية أداة أخرى من أجل إنشاء "العالم التركي" تحت رعاية أنقرة.
وذكرت الصحيفة أن تركيا منذ أيام الإمبراطورية العثمانية حاولت جاهدة الحفاظ على العلاقات مع دول آسيا الوسطى. ولكن انقطعت العلاقات خلال القرن العشرين، ثم استأنفت نشاطها من جديد بعد سقوط
الاتحاد السوفييتي، علما بأن الجمهوريات الصغيرة، التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي، حصلت على دعم من تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن فكرة الوحدة التركية بدأت تجد صدى لها منذ سنة 1990، في دول آسيا الوسطى، إلا أن بلدان المنطقة في الوقت الراهن لم تعد راغبة في اتباع تركيا بشكل كامل، لكن ذلك لا يعني أنها لا تبحث عن سبل أخرى لتعزيز علاقاتها مع أنقرة.
ووفقا لميخائيل ماير، رئيس معهد بلدان آسيا وأفريقيا التابعة لجامعة موسكو الدولية، فإن "تركيا تلعب منذ تسعينيات القرن الماضي على القومية التركية لتعزيز نفوذها في منطقة آسيا الوسطى".
وأضافت الصحيفة أن أنقرة تعتزم تحقيق هذه الغاية، وذلك من خلال استقطاب الطلبة من بلدان آسيا الوسطى إلى الجامعات التركية، وتقديم عدد من الامتيازات لهم. ووفقا لماير، فإن من شأن "الأفكار القومية التركية أن تساهم في جذب الشباب من هذه البلدان، إلا أنه من الضروري توفير الظروف الملائمة لذلك"، علما بأن تركيا لا تمتلك الموارد الكافية لتطوير مثل هذه المشاريع"، وفق قوله.
وأكد الخبير أن تركيا تمكنت من كسب مكانة جد محترمة في منطقة آسيا الوسطى، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، وإنما على الصعيد الجيوسياسي أيضا. وبالتالي، يبدو أنه بات بإمكان تركيا تحقيق مصالحها الخاصة في آسيا الوسطى وبسط نفوذها.
وأفادت الصحيفة أن فكرة الوحدة التركية لاقت ترحيبا كبيرا في أوزبكستان وكازاخستان، إلا أنها لم تنعكس في الواقع بصفة كلية، على الرغم من الدور المهيمن الذي تحظى به تركيا في المنطقة. علاوة على ذلك، تمكنت تركيا من تعزيز نفوذها في بلدان المنطقة في عددمن المجالات الحيوية.