تناولت الصحافة الإسرائيلية بقراءات مختلفة، أهمية اللقاء الذي جرى، الأربعاء، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو مع "صديقه" الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، والذي يستبق إعلان انتهاء الحرب في
سوريا.
نتنياهو يتباهى
سخرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، من "تباهي" رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بعلاقته بالرئيس الروسي بوتين، الذي التقاه اليوم في مدينة الاستجمام الروسية "سوتشي" على شاطئ البحر الأسود.
وأكدت أنه رغم العديد من اللقاءات والمحادثات التي جرت بين "الصديقين" خلال السنوات الأخيرة، إلا أن "إسرائيل ستجد نفسها تحت تهديد الحرس الثوري
الإيراني، ونار الصواريخ الجديدة التي تنتج في مصنع أقامته طهران قرب حلب".
وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها لعدد اليوم، إلى أن لقاء نتنياهو ببوتين، جاء ليعكس القلق الإسرائيلي "في ضوء الاتفاق المتبلور بين واشنطن وموسكو قبيل انتهاء الحرب الأهلية في سوريا، وهو الاتفاق المتوقع أن يبقي بشار الأسد في الحكم ويعزز المصالح الإيرانية".
وتساءلت "يديعوت": "كيف ستضمن إسرائيل مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط الجديد هذا، في حين سيكون اللاعبون المسيطرون هم روسيا وإيران؟ حيث من المتوقع عدم تقديم الإدارة الأمريكية المساعدة لنتنياهو في ظل سياسة التدخل المحدود في سوريا التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب".
وأضافت: "هكذا ستبقى إسرائيل وحدها مع الخطوط الحمراء التي رسمتها"، وهي التي عملت على استهداف قوافل السلاح المرسلة من قبل إيران لحزب الله في لبنان عبر الأراضي السورية بأكثر من مئة غارة هجومية خلال السنوات الأخيرة.
أحمر ووردي
ومع كل خط أحمر جديد ترسمه "تل أبيب"، يبدأ بشكل عاجل للتحول إلى خط وردي، بحسب ساندي بيرغر مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، ومقارنة بذلك رأت الصحيفة أن نتنياهو "من شأنه أن يكتشف بأن الخطوط الحمراء تفقد لونها في ضوء علاقات القوى التي يصممها في المنطقة صديقه بوتين مع الإيرانيين، وهنا ستكون القصة مختلفة تماما".
من جانبها، أوضحت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، على لسان محرر الشؤون الأمنية والعسكرية لديها، الخبير الأمني البارز يوسي ميلمان، أن زيارة نتنياهو القصيرة لروسيا تعبر عن حالة "الهلع" التي يعاني منها رئيس الحكومة الإسرائيلي والذي كان محاطا برئيس الموساد يوسي كوهن، ورئيس قيادة الأمن القومي مئير بن شباط.
ولفت ميلمان، إلى أن لقاء "سوتشي"، هو استمرار للقاء الذي عقده الوفد الأمني الإسرائيلي رفيع المستوى برئاسة كوهن، قبل أيام في واشنطن مع نظرائهم في الإدارة الأمريكية، حيث تلقى الوفد الإسرائيلي "حقنة دسمة من العطف"، مؤكدا أن "قدرة واشنطن على التأثير في سوريا محدودة.. وأمامنا بضعة أشهر وستترك أمريكا سوريا كمنطقة نفوذ روسية".
وبناء على ما سبق، أصبحت روسيا "التي هي بحاجة لإيران وفروعها على الأرض السورية، هي المفتاح في الشأن السوري، ومصالح إسرائيل التي تطالب بطرد إيران من سوريا مع موسكو، أصبحت الآن غير متطابقة"، مؤكدا أن "مجال المناورة الإسرائيلية في هذا الموضوع محدودة، كما أن فرص نتنياهو في إقناع بوتين بطرد إيران من سوريا هزيلة".
مستقبل سوريا
وأما صحيفة "إسرائيل اليوم"، فقد أشارت على لسان الخبير البارز في الشأن السوري، البروفيسور إيال زيسر، إلى اللقاءات التي جرت "مرة كل بضعة أشهر" بين بوتين ونتنياهو أو قادة الجيشين الروسي والإسرائيلي، وخاصة منذ دخول روسيا لسوريا قبل نحو سنتين من أجل "التنسيق الكامل بينهما لمنع الاحتكاك أو وقوع أحداث لا يرغب بها أحد".
وأوضح زيسر، أن هذا التنسيق "نجح بشكل كامل؛ حيث عملت روسيا في سوريا واحتفظت إسرائيل بحرية العمل الكاملة في الأجواء السورية"، مضيفا: "من هنا يتضح أن مشكلة تل أبيب ليست مع الوجود الروسي، بل مع إيران وحزب الله، شركاء موسكو في النضال لإنقاذ الأسد".
ومع قرب إعلان انتصار بوتين والأسد وطهران، "يبدأ في سوريا صراع جديد على السيطرة والتأثير في الدولة"، وفق الخبير الذي زعم أن إيران "تعمل على تحويل سوريا لقاعدة عمل متقدمة لها تمكنها من تهديد إسرائيل والعمل ضدها".
وأوضح زيسر، أن "الموقف غير المفهوم لروسيا، هو أن إسرائيل لا يمكنها التسليم بوجود إيران في قلب سوريا أو على حدودها الجنوبية"، لافتا إلى أن روسيا "مستعدة لإبعاد إيران عن الحدود الإسرائيلية (فلسطين المحتلة) لكنها في ذات الوقت بحاجة لها لضمان استمرار الهدوء في سوريا؛ وهذه كانت هي مهمة نتنياهو في لقائه مع بوتين اليوم".
واعتبر الخبير، أن "هذا اللقاء تزداد أهميته بشكل خاص على خلفية استعداد واشنطن للعب أي دور في تشكيل مستقبل سوريا".