كشف المركز
المغربي لحقوق الإنسان (غير حكومي) أن رُبُعَ أضاحي العيد في المغرب قد تعرض للتعفن والتلف، فيما اتهمت نقابة صيادة المغرب "مافيا" لم تسمها باستعمال أدوية وأعلاف تسببت في فساد لحوم العيد.
ولم تمنع هذه المواقف
الحكومة من التراجع عن قناعتها التي عبر عنها المكتب الوطني للسلامة الصحية من الدفاع عن موقفها الذي حمل ظروف الذبح والتخزين مسؤولية فساد الأضحية، لينضاف إليها الأطباء البيطريون الذين دعموا موقف الحكومة.
رُبُعُ الأضاحي تعفن
وقال المركز المغربي لحقوق الإنسان إنه أجرى دراسة، أظهرت نتائجها أن "أكثر من 25 بالمائة منها تعرضت لحومها بالفعل إلى التلف، حيث ازرقت واخضرت، وصدرت عنها روائح كريهة، منذ اليوم الثاني بعد يوم عيد الأضحى".
وذهب تقرير للمركز المغربي لحقوق الإنسان، نشره رئيس المركز على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، إلى أن تعفن لحوم أضاحي عدد كبير من المغاربة، راجع لـ"عدوى بكتيرية برازية خلال حياة الأضحية (قبل الذبح)"، موضحا أن "الأضاحي قد تكون تغذت على برازها أو براز حيوان آخر".
ورجح المركز المغربي لحقوق الإنسان، في تقرير نشره الخميس، أن "الأضاحي تم تعليفها بأعلاف أو كلأ ممزوج ببراز الدجاج مثلا أو حيوانات أخرى، قصد تلويث الكرش ببكتيريا تنتج غازات خلال نشاطها الاستقلابي مما يترتب عنه انتفاخ بطون الحيوانات لتظهر وكأنها في حالة ذهنية جيدة".
وحمل المركز المغربي لحقوق الإنسان، المسؤولية للحكومة المغربية، معتبرا تفاعلها هروبا إلى الوراء، وتقاعسا من جهتها إزاء آفة ترقى إلى وباء مرضي، قد يفتك بحياة آلاف المواطنين، إن لم تتخذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، مطالبا بضرورة الإسراع بجرد الحالات، وتشكيل خلية أزمة، لتحليل العينات، ومعرفة الأسباب الكامنة وراء تعفن لحوم أضحية العيد.
ودعا المركز المصالح الصحية إلى "تشكيل لجان طبية لتدارس الآفة، والتعامل معها باعتبارها وباء مرضيا خطيرا قد يضر بالسلامة الصحية للمواطنين، بدل محاولة تبرير ما وقع، بإسقاط اللوم على سلوك الأسر المغربية في التعاطي مع السقيطة".
نقابة الصيادلة: "مافيات" العلف
واتهمت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب ما سمتها بـ"المافيات" المستثمرة في مجال تعليف المواشي وتسمينها بطرق غير مشروعة، بالتسبب في الكوارث التي أدت إلى اخضرار لحوم الأضاحي، مما حول عيد بعض المغاربة إلى مأتم كبير.
وقال بلاغ للكونفدرالية، إن "المواد الكيماوية المستعملة بهدف تسمين المواشي تعرف فوضى عارمة دون مراقبة من الوزارة الوصية (وزارة الفلاحة)".
وتابع البلاغ أن "هذه المواد تباع في السوق السوداء من قبل بائعي الأعلاف، والتي تُجهل مكوناتها الحقيقية ومصدرها، ما يجعلها تستعمل عشوائيا بدون أي دراسات ميدانية أو مراقبة".
وكشفت الكونفدرالية أن "تعفن اللحوم لا يعاين على مدار السنة عند ذبح المواشي، بل أصبح يقتصر على مناسبة عيد الأضحى، ما يعني استعمال هذه الجهات الإجرامية مواد كيميائية على هيئة أدوية بيطرية بطريقة غير مشروعة وغير مبررة لتسمين الماشية، خصوصا مع ضعف الرقابة على بيع الأدوية البيطرية في السنوات الأخيرة، والتي أصبح اقتناؤها ممكنا خارج الصيدليات".
ودعت إلى "استنفار المصالح البيطرية ومكتب السلامة الصحية لفتح تحقيق شامل وإجراء معاينات ميدانية للمواشي للوقوف على الجهات المسؤولة في ترويج مثل هاته الأضاحي، وتوفير وزارة الصحة لكل العاملين بالقطاع تطبيقات لتسجيل الحالات المرضية المعلن عنها، وذلك لتقييم حجم الضرر على المستوى الوطني، واسترجاع كل الأدوية البيطرية لصرفها بالصيدليات لتشديد المراقبة عليها بواسطة وصفات طبية بيطرية، حفاظا على سلامة المواشي".
الأطباء البيطريون: دفاعا عن الحكومة
أعلن المجلس الوطني للهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، "أن نحو ألف طبيبة وطبيب بيطري خواص يعملون تحت لواء الهيئة، قاموا على مدار السنة بحملات تلقيح دورية، وعملوا على التتبع عن كثب لعملية تربية وتسمين قطيع الأغنام والماعز والأبقار في الضيعات الكبرى وكذلك عند صغار الكسابة (مربو الأغنام) ".
وتابع البلاغ الذي حصلت "
عربي21" على نسخة منه، أن "جميع ملاك الضيعات الكبرى وكذا الكَسَّابَة (مربو الأغنام) الصغار أكدوا أنه لا وجود لأي وباء في حضيرة الأغنام".
واعتبر أن "تزامن عيد الأضحى لهذه السنة مع فصل الصيف هو السبب في تعفن لحن العيد"، مشيرا إلى أنه "تم رصد نفس الأمر بدول الجوار التي تعرف نفس الظروف المناخية".
وأوضح أن "مربي الأغنام استعملوا الأدوية المرخصة حسب وصفات طبية رشيدة مع الاحترام التام لمدة الانتظار قبل موعد الذبح".
وأكد المصدر ذاته "أن أطباء وطبيبات بيطريين تابعين للهيئة، قاموا في غضون هذا الأسبوع بإرسال عينات إلى المختبرات الوطنية التي أكدت بعد قيامها بالتحليلات خلو هاته اللحوم من أي مادة محظورة".
الحكومة: أخذنا علما
كشف الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، كان على تواصل مع وزير الفلاحة عزيز أخنوش منذ علمه بموضوع تعفن أضاحي العيد.
وقال مصطفى الخلفي، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي مساء اليوم الخميس بالرباط، إن هناك خطوات أنجزت "لتتم عمليات البحث اللازمة والتواصل حولها".
وتابع أن "عمليات التواصل استمرت خلال اليومين الماضيين، باعتبار أن الأمر يهم السلامة الصحية للمواطنين، وأن الحدث ظهرت مؤشراته السنة الماضية في بعض المدن، واليوم ظهرت حالات في مدن متعددة مما يقتضي اعتماد سياسة متكاملة لمواجهة المشكل".
وفوجئت عشرات الأسر المغربية بفساد لحوم العيد في اليوم الثاني للعيد، وتحول لونها إلى الأخضر والأزرق مع روائح كريهة، فيما حمل المكتب الوطني للسلامة الصحية (حكومي) مسؤولية فساد اللحوم إلى طريقة المواطنين في ذبح وسلخ وتخزين الأضاحي، وعدم مراعاة ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف.
ويرى مراقبون أن حرص الحكومة على تجاهل الموضوع راجع أساسا إلى احتمال تورط وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش الرجل النافذ في الدولة وصديق الملك في هذه الفضيحة.