كشف قيادي بنداء
تونس أنه تجري حاليا نقاشات حقيقية وجدية داخل حزبه؛ بهدف طرح مشروع لتغيير
نظام الحكم في البلاد، وذلك من خلال الدعوة إلى تنظيم استفتاء عام، واصفا منظومة دستور 2014 بـ"الفاشلة" و"العرجاء".
وتابع القيادي برهان بسيّس، المُكلّف بالشؤون السياسية بحركة نداء تونس، أنّ الحركة "حزب سياسي محمول على منخرطيه واجب طرح رؤيتهم لنظام الحكم".
وتحدث، في مقابلة على قناة "نسمة" الخاصة، الأربعاء، عن ضرورة "سنّ مرجعية حكم واضحة يتحمّل فيها من يرأس البلاد، امرأة كانت أم رجلا، مسؤولية كل شيء"، في إشارة إلى النظام الرئاسي.
"منظومة فاشلة"
وقال بسيّس: "سنطرح رؤيتنا على الطاولة بكل وضوح وسندافع عنها بكل قوة.. برنامجنا للمرحلة القادمة سيكون تغيير المنظومة السياسية للحكم في تونس.. وتجري في الوقت الحالي نقاشات حقيقية وجدية داخل النداء في اتجاه النظر العاجل في الآليات التي من شأنها تحقيق هذا التغيير".
وانتقد منظومة الحكم السائدة (أقر للبرلماني) التي أفرزها دستور 26 كانون الثاني/ يناير 2014، واصفا إيّاها بـ"المنظومة الفاشلة التي لم تحقق الاستقرار السياسي، وخلقت مشهدا مشوّها الجميع فيه يحكم.. النداء والنهضة واتحاد الشغل.. لكن لا أحد يحكم حقّا"، وفق تعبيره.
وأضاف: "هذا المشهد عطّل الإصلاحات ووقف في طريق تحقيق طموحات التوانسة وبات رئيس الحكومة (يوسف الشاهد) عاجزا"، واصفا الشاهد بـ"المسكين"؛ لأنّ المنظومة "جعلت منه ضحية، فهو لا يملك كلّ الصلاحيات لأنّ البرلمان يشاركه سلطة القرار"، على حد وصفه.
لكن بسيّس نفى أن يكون نداء تونس "يسعى إلى القيام بانقلاب ناعم على الديمقراطية أو ينادي بالحكم الفردي"، مشيرا إلى أنّ الرئيس الباجي قايد
السبسي "سيقترح في حدود صلاحياته وسيناور مع
الدستور ليُمرّر أشياء"، كما قال.
"السبسي منزعج"
من جهته، رأى الكاتب والمحلّل السياسي، صلاح الدين الجورشي؛ في تصريح بسيّس مؤشرا إضافيا يؤكد أن "النداء" ينحاز إلى الرئيس قايد السبسي، مؤسس الحزب.
وقال لـ"
عربي21" إنّ السبسي "أصبح منزعجا من الصلاحيات الموزّعة على ثلاث سلطات، ما يدل على أنّه سيسعى إلى إحداث تغيير في بنية النظام السياسي من خلال الدستور؛ حتى يصبح قريبا إلى النظام الرئاسي"، وفق تعبيره.
وتوقّع الجورشي أن تشهد الحياة السياسية في الأسابيع أو الأشهر القادمة؛ تحرّكا في هذا الاتجاه، مضيفا: "سيخوض حزب النداء حملة كتمهيد لمشروع تعديل يتقدم به رئيس الجمهورية إلى البرلمان".
وقال إنّ المعركة السياسية القادمة في البلاد ستكون تعديل النظام السياسي، لافتا إلى أنّ حركة
النهضة نفسها "يجري داخلها حديث بين قياداتها للدفع نحو مراجعة النظام السياسي باتجاه الرئاسي"، بحسب قوله.
ولم يستبعد الجورشي حصول تقارب جديد في وجهات النظر بين حركتي النهضة والنداء، مثلما حصل في قانون المصالحة، للدفاع عن مشروع تغيير نظام الحكم.
الجسد والثوب
واعتبر أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي قيس سعيّد؛ أنّ نظام الحكم الحالي وُضع على المقاس مثلما وُضع دستور 1959 على مقاس الرئيس بورقيبة آنذاك، قبل أن يتمّ إدخال تعديلات عليه في مناسبات كثيرة.
وأضاف سعيّد لـ"
عربي21" أنّه "كلما تغير الجسد إلا ويتغير معه الثوب الدستوري"، في إشارة إلى أنّ تغيّر الحاكم يقود إلى تعديل الدستور.
وتابع أنّ البعض "بات يُعدّدُ اليوم مناقب النظام الرئاسي ويذكر خصائصه"، مستبعدا إمكانية تغيير الدستور أو تعديل نظام الحكم، مهما كانت المبادرة المطروحة، في غياب المحكمة الدستورية.
وأشار إلى أنّ الأخيرة وحدها المُخوّلة للنظر في مشروع التعديل؛ من جهة ما لا يجوز تعديله، "وهي بعد ذلك تنظر في مدى احترام الإجراءات التي يجب اتباعها في عملية التعديل"، كما قال.
ولفت إلى أنّه ليس من السهل اليوم في ظل التوازنات القائمة داخل المجلس النيابي الحصول على أغلبية الثلثين التي تفرضها عملية المصادقة على مشروع التعديل، مؤكّدا أنّه "لا يمكن اختصار القضية في مسائل إجرائية، بل هي أعمق من ذلك".
فكرة غير واضحة
من جهته، قال القيادي في حركة النهضة، النائب أسامة الصغير، إنّه لا يمكن لحركته التعليق على تصريح القيادي بالنداء، "لأنّه (التصريح) غير مكتمل، هي فقط كلمة أو هي عنوان فقط ولا يمكن أن نجيب أو نردّ على العناوين"، وفق تعبيره.
وتابع، في حديث مع "
عربي21": "في اللحظة الراهنة لا نرى الصورة مكتملة، وما المقصود بالتغييرات التي يريدها"، مضيفا: "ربّما في الأيام القادمة إذا تبلورت فكرته سندرسها ونبدي رأينا بخصوصها".
وقال الصغير: "موضوع كهذا وبهذه الأهمية لا يمكن التفاعل معه من دون أن نتبيّن الفكرة التي يريد بسيّس إيصالها (...) نحن لا نجيب بما يُفهم بل بالمضامين"، على حد وصفه.