حذرت شخصيات فلسطينية بارزة؛ من تداعيات وخطورة تدريس المنهاج
التعليمي الإسرائيلي في مدارس مدينة
القدس المحتلة، رغم ما يعانيه المنهاج الفلسطيني من ضعف.
الفكر يتأثر
وبحسب استفتاء قامت به مؤخرا بلدية القدس التابعة للاحتلال الإسرائيلي، في الشطر الشرقي من المدينة، فقد أظهرت النتائج أن "48 بالمئة من أولياء الأمور الفلسطينيين، يفضلون
المناهج الإسرائيلية على الفلسطينية"، وفق ما أورده موقع "المصدر" الإسرائيلي.
وذكرت بلدية القدس، أن عدد الطلاب الذين يتعلمون وفق المنهاج الإسرائيلي، بلغ 5800 طالب فلسطيني في القدس، من أصل 50 ألف طالب، مقارنة بـ500 في السنوات الماضية.
وعلق رئيس بلدية القدس المتطرف نير بركات؛ على ذلك قائلا: "إننا نقود ثورة في التعليم في شرقي القدس، نريد منها دمج العرب في المجتمع الإسرائيلي"، كاشفا أن هذا النشاط يأتي في سياق المخطط الإسرائيلي الرامي إلى "توحيد شقي المدينة بالأفعال".
ووضعت بلدية
الاحتلال خطة لتوسيع أنشطتها في رياض الأطفال والمدراس الابتدائية بالشطر الشرقي من القدس، علما بأن المدارس الفلسطينية في القدس كانت اعتمدت حتى عام 1994 المناهج الأردنية، وبعد قيام السلطة الفلسطينية، أصبحت المناهج الفلسطينية هي المعتمدة في تلك المدارس.
وأكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أن "المتصفح للمناهج الإسرائيلية المطبقة حاليا، يرى أنها تتعارض مع معتقداتنا وقيمنا بشكل مباشر"، موضحا أن "الطالب الذي يدرس هذه المناهج سيتأثر فكره بما ينعكس سلبا على سلوكه وأخلاقه وقيمه".
وشدد في حديثه لـ"
عربي21"، على وجوب أن ينتبه أولياء الأمور لذلك، "وعليهم أن لا يستجيبوا لمثل هذه المناهج، وأن يبحثوا عن مدارس تطبق المنهاج الفلسطيني، وهو ما ينسجم تقريبا مع معتقداتنا وتقاليدنا وعادتنا"، كما قال.
تغطية العجز
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول صبري: "في المناهج الإسرائيلية يطلقون على المسجد الأقصى المبارك، لقب جبل الهيكل ولا يذكرون كلمة الأقصى"، مؤكدا أن "الطالب مع مرور الزمن ينسى أنه يوجد مسجد أقصى".
وأضاف: "كما أنهم حينما يتعرضون للتاريخ الإسلامي، يتنكرون لنبوة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وفي بعض كتبهم يغمزون بسيرة الرسول محمد، ويعطون تاريخا مشوها يتعارض مع الحقائق الثابتة".
وأوضح رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس؛ أن "لكل أمة وشعب معتقداته وقيميه وتاريخه وحضارته الخاصة به، وعليه فلا يجوز لأي شعب أن يفرض هذه القيم على شعب آخر"، مشيرا إلى أن "الجاليات اليهودية في أوروبا لها مدارسها الخاصة بها، وتطبق ما يناسبها من المناهج الدراسية".
وأضاف: "ونحن كذلك؛ من حقنا كشعب فلسطيني أن نطبق المناهج الدراسية الخاصة بنا على أولادنا وبناتنا، بما يتناسب مع معتقداتنا وحضارتنا وتاريخنا".
وحول ملاءمة المدارس الفلسطينية في القدس لاستيعاب أعداد الطلاب، لفت صبري إلى أن "هذه المدارس من حيث المباني والعقارات؛ بها نقص وتحتاج لصيانة، كما أن المباني الدراسية الأساسية، وضعت إسرائيل يدها عليها وتمت مصادرتها"، لكنه يستدرك قائلا: "هذا هو الموجود، وعلينا أن نضحي ونتكيف مع ما هو قائم ومتوفر بين أيدينا، وحينما نضطر من الممكن أن نضيف فترة دراسة مسائية لاستيعاب الأعداد التي ستفد إلى هذه المدارس".
ونوه إلى أن المنظومة التعليمية الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة بـ"حاجة لميزانية كافية لتغطية العجز في المباني والصفوف المدرسية وكذلك من أجل تطويرها ورفع مستواها، وهذا من واجب الدول العربية والإسلامية".
وقال: "لقد طالبنا كثيرا بأن يكون للقدس صندوق للعناية بالتعليم والصحة، وهما القطاعان المهمان جدا لأي أمة"، وفق رئيس الهيئة الإسلامية العليا.
"رؤية غير بريئة"
وحول إصرار الاحتلال على فرض المناهج الإسرائيلية على مدارس القدس، أوضح الأكاديمي والخبير في شؤون مدينة القدس المحتلة، جمال عمرو، أن "الإسرائيليين واثقون من مناهجهم، وهي لم توضع عشوائيا كالمنهاج الفلسطيني - الذي لا يخلو من بعض اللمسات - السطحي جدا، والذي لا يرقى لمستوى منهج عالمي يبرز هوية وشخصية وطنية لشعب فلسطيني محتل".
ولفت في حديثه لـ"
عربي21"؛ إلى أن الاحتلال "يعمل من خلال منهجه الدراسي على زرع أفكاره المسمومة، ويبنون هيكلا مزعوما في دماغ الطفل الفلسطيني، ويدخلون أفكار إعادة بناء الهيكل والعودة للوطن القومي اليهودي"، مؤكدا أن "الطفل الذي يعبر هذا المنهاج لا يخرج سليما على الإطلاق ومشوها تماما"، على حد وصفه.
وأكد عمرو أن "المناهج الإسرائيلية تمتلك رؤية عميقة غير بريئة، أشرف على وضعها علماء إسرائيليون"، مضيفا: "عندما تفرض هذه المناهج على الجيل الفلسطيني يخرج جيلا ممسوخا منسلخا تماما عن قضيته وقوميته العربية والإسلامية، ومنسجمة تماما مع الرؤية الصهيونية شديدة الخطورة على كل البشرية"، وفق خبرته.