نقل مدنيون سوريون من
إدلب ما عايشوه أمس الجمعة، وسط
المجازر التي قام بها النظام السوري في المحافظة شمال
سوريا، وما تعرضوا له من قصف عشوائي من نظام بشار الأسد وحليفته
روسيا.
وأوضح مدنيون في حديثهم لـ"
عربي21"، أن غالبية الضحايا كانوا من الأهالي، مشيرين إلى أن من بين القتلى والجرحى رضع وأطفال.
ووصفت مصادر من إدلب مشاهد الفوضى والدمار التي شهدتها المناطق السكنية التي شهدت قصفا عنيفا، راح ضحيته نحو 50 من المدنيين.
وروى أحد النشطاء من إدلب لـ"
عربي21" اللحظات الأولى منذ بدء الحركة الكثيفة للطيران منذ صباح الجمعة، إذ بدأت بمناورات على الريف الغربي لأدلب الملاصق للحدود التركية.
وقال الناشط زياد الحاج إنه تم رصد الطيران الحربي باتجاه مدينة حارم الحدودية، حيث سجل حدوث 5 غارات متتالية خلال 10 دقائق على وسط المدينة.
وتحدث الحاج عن مشاهد مؤثرة شاهدها عقب الغارات، أبرزها إخراج سيدة وأولادها الخمسة، جلهم تحت سن الـ15 سنة من أنقاض مبنى انهار بالكامل، ومؤلف من ثلاثة طوابق.
وأشار إلى أن "أغلب القتلى جراء المجازر التي ارتكبها النظام من الأطفال والنساء، وتم تسجيل العديد من المفقودين"، وفق قوله.
وأضاف أنه في الساعة الثامنة والنصف بالتوقيت المحلي، مساء اليوم ذاته، قام الطيران الحربي بالإغارة بطائرة سيخوي 24 على مدينة ارمناز بستة صواريخ على حارة شعبية بجانب مدرسة الزهراء في مدينة ارمناز.
وروى كيف أن من توجه إلى مكان الغارة فوجئ بحجم الدمار وعدد القتلى من المدنيين، "حتى
أن طواقم الإسعاف عجزت عن نقل المصابين والقتلى، ما اضطرهم للاستعانة بأي سيارة مدنية غير مجهزة".
وقال: "استطعنا خلال أقل من ساعة انتشال 15 شهيدا أغلبهم من الأطفال، وحوالي 35 جريحا".
وأضاف أن الطيران التابع للنظام أعاد الإغارة بالطريقة ذاتها على المكان عينه بعد ساعتين، ما خلف قتلى جددا، وقضى من كان تحت الانقاض قبل التمكن من انتشاله، ما رفع من عدد القتلى، عدا المفقودين.
اقرأ أيضا: سوريا.. مقتل 40 مدنيا في تجدد الغارات على إدلب
وعلق على التصريحات الروسية التي نفت استهداف طائراتها للمدنيين، بالقول إن "الادعاء الروسي باستهداف مقرات جبهة النصرة ليس له أساس من الصحة، فإن كل مايستهدف أبنية مدنية، ويدفع ثمن هذه الادعاءات الشعب السوري بأطفاله وشيوخه ونسائه، الذين لا يعرفون الإرهاب"، مستدركا القول إن "الأهالي لا يعرفون من الإرهاب إلا ما رأوه من تصرفات النظام وروسيا"، مشددا على أنه "الإرهاب الحقيقي، الذي تباركه الدول التي تدعي صداقة الشعب السوري".
وقال الحاج إن الدول المتورطة في الحرب في سوريا، "تعمل بحسب مصالحها، وإن آخر اعتبار لديها دماء الأبرياء".
"متى أصبح الأطفال إرهابيون"
بدوره، روى مؤيد زريق مدير وكالة إدلب الإخبارية، أن "الأهالي في إدلب قبل أن يعود القصف كانوا مطمئنين، وشهدت جميع المدن في المحافظة حركة كبيرة من تجارة ومعيشة وغيرها".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "بعد عودة القصف من الطيران الروسي والنظام، أصبحت الناس متخوفة من وقوع مجازر
جديدة تطال أطفالهم ونساءهم وبيوتهم، إذ إن الطيران السوري وحده نفذ المئات من الغارة الجوية على ريف إدلب وارتكب مجزرتين، أما الطيران الروسي فقد نفذ حوالي 50 غارة، وارتكب ثلاث مجازر كان آخرها مجزرة بلدة ارمناز، في ريف إدلب الشمالي".
وأكد أن حصيلة القتلى وصلت 40 قتيلا و60 جريحا تم استخراجهم من بين الأنقاض، وتم تدمير أكثر من 20 منزلا في بلدة ارمناز جراء استهدافها بغارتين جويتين من طيران النظام بـ 12 صاروخا فراغيا.
وقال إن "الرسالة التي أوجهها للمجتمع الدولي، أنه في حال استمر القصف على ريف إدلب بهذا الشكل، ستحدث كوارث بحق المدنيين، وترتكب مجازر مروعة، يروح ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ".
وأكد ما ذهب إليه الحاج، أن ادعاء روسيا والنظام بأنهم يقصفون مواقع للمنظمات الإرهابية عار عن الصحة، موضحا أن "90 في المئة من غاراتهما التي استهدفا فيها مدن وبلدات ريف إدلب كانت تستهدف المدنيين العزل".
وختم بالتساؤل: "متى أصبح الأطفال إرهابيون؟".
وقال المواطن أحمد حسن، أحد السكان المحليين في إدلب، إن "الجميع في حالة صدمة بعد المجزرة التي حصلت، فقد تأثر الجميع بها. فما حدث أمس لن ينسى أبدا"، مضيفا أن مشاهد الأشلاء والجثث تحت الأنقاض والأطفال القتلى حزينة ومؤلمة ومن الصعب نسيانها.
وروى لـ"
عربي21" أنه كان داخل منزله حين بدأت الغارات "إذ سمعنا دوي أول غارة وخرجنا من منازلنا لنرى بعض المنازل وقد تدمرت فوق أصحابها في منطقة سكنية خالية من أي عنصر يصنف على أنه إرهابي".
وأكد أن القرية التي يعيش فيها خالية من المقاتلين المتطرفين، فلا داعش ولا فتح الشام ولا أي فصيل متشدد له تواجد فيها".
وتساءل مدني آخر يدعى أحمد زيدان من الهدف المرجو من ضرب هذه القرى والبلدات الخالية من المسلحين، واستهداف المدنيين بشكل عشوائي.
وأفاد بأن أكثر من ألفي شخص نزحوا قبل أسبوع من القصف العنيف إلى مخيمات اللاجئين القريبة من الحدود التركية، التي تعد"منطقة آمنة" بصفقة روسية تركية.
وكانت إدلب تعدّ ملاذا آمنا نسبيا في الأشهر الأخيرة لمئات الآلاف من النازحين الذين فروا من من الأماكن الملتهبة الأخرى في سوريا، لا سيما من مدينة حلب، التي سيطر عليها النظام السوري في كانون الأول/ ديسمبر الماضي وانتزعها من أيدي فصائل المعارضة المتناحرة.