توفي، السبت، الكاتب والمفكر الإسلامي، المستشار محمد
يوسف عدس، عن عمر يناهز الثالثة والثمانين عاما. وفق ما أعلنت أسرته.
ويعدّ "عدس" من أبرز كُتاب صحيفة الشعب
المصرية، والموقع الإلكتروني، وكان دائم التأكيد على أن حزب الاستقلال والصحيفة هما الأقرب له فكريا، ويظهر هذا في مقالاته التي كانت تنشر كرئيسية في الباب المختص بكتاب الرأي في موزع الشعب الإلكتروني.
ومن أبرز مؤلفاته: كتاب "النهب المنظم لفقراء العالم.. الشركات والتكتلات الاحتكارية"، وكتابه "الوجه الحقيقي للإمبريالية الأمريكية"، و"الاسلام والمسلمين في الفلبين".
ولد عدس في سنة 1934 في قرية بهوت، بمحافظة الدقهلية، وحفظ أجزاء من القرآن في كُتّاب القرية، وأمضى ثلاث سنوات في المدرسة الأولية، ثم انتقل إلى مدينة الزقازيق؛ لاستكمال تعليمه في المدرسة الابتدائية، حيث تخرج فيها سنة 1948. التحق بمدرسة الزقازيق الثانوية لمدة عام، ثم انتقل إلى مدينة المنصورة، ليكمل تعليمه في مدرسة الملك الكامل الثانوية، حيث حصل على شهادة الثقافة العامة سنة 1952، ثم حصل على الثانوية العامة من مدرسة المنصورة الثانوية سنة 1953. التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة، قسم الدراسات الفلسفية وعلم النفس، وتخرج في الجامعة سنة 1957.
لم يكن عدد الطلاب في دفعته يزيد على 25 طالبا، ما سمح له بعلاقات حميمة ومناقشات مثمرة مع أساتذته، ومن أبرز هؤلاء الذين أسهموا في تشكيل بنائه المعرفيّ، الدكاترة: أحمد فؤاد الأهواني، وتوفيق الطويل، وزكى نجيب محمود، ويوسف مراد، ومصطفى الخشّاب، وحسن الساعاتي، وعبد الهادي أبو ريدة، وعثمان أمين، وزكريا إبراهيم، ومحمد مصطفى حلمي، وعبد المنعم المليجي، ومحمد عثمان نجاتي.
تقدّم لأول مسابقة في مصر لأمناء المكتبات المدرسية النموذجية، وعُيّن في مدرسة طوخ الثانوية بمحافظة القليوبية سنة 1958، حيث قام بإدارة المكتبة وتطويرها، وألحق بها مركزا ثقافيا للنشاط الطلابي في المساء، وفي الإجازات الصيفية.
في أثناء عمله، التحق بدراسة الماجستير في الفلسفة، ثم بالدبلوم العام للمكتبات والمعلومات فور إنشائه بجامعة القاهرة. وكان من أبرز أساتذته الدكاترة: أحمد أنور عمر، وسعد محمد الهجرسي، وعبد الستار الحلوجي، ومحمد أمين البنهاوي.
تقدم لمسابقة العمل في المراكز الثقافية المصرية في الخارج، حيث انتدب مديرا للمركز الثقافي في مانيلا (الفلبين) سنة 1964، فمكث فيها عاما. وعلى إثر أزمة اقتصادية بمصر، أغلقت المراكز الثقافية، وعاد إلى مصر سنة 1965 مع كل مديري المراكز الثقافية بالخارج.
كانت صدمة وتداعيات هزيمة 1967 في وجدانه أكبر من احتماله، فقرر الهجرة من مصر إلى أستراليا. وكان طلبه الاستقالة من عمله والهجرة موضع رفض مستمر وتصادم مع وزير التربية والتعليم، لمدة سنتين، ناضل فيها بعناد وإصرار، حتى قُبلت استقالته، وسُمح له بالهجرة عام 1970.
بدأ في مدينة ملبورن عاصمة ولاية فكتوريا بأستراليا حياته من نقطة الصفر، حيث شعر أن كل شيء هناك مختلف عما عهده في حياته السابقة، كأنه انتقل إلى كوكب آخر. وفي نيسان/ أبريل 1971، تمكن من الحصول على وظيفة مفهرس بمكتبة جامعة "بنديجو"، وهى مدينة صغيرة على بعد مئة ميل من ملبورن، اكتسب فيها صداقة اثنين من الرجال المتميزين بسعة الثقافة: أحدهما دكتور "دي سيجموند" مدير مكتبة الجامعة، والثاني هو دكتور "كريج" وكيل الجامعة وعمدة المدينة؛ الأول درس الفلسفة الإسلامية وأعجب بفلاسفة المسلمين، وكان الثاني مهتما بدراسة التاريخ والمجتمع المصري، وكلاهما زار مصر والسودان وبلادا عربية أخرى.
في سنة 1980، انتدبته منظمة اليونسكو خبيرا، ليشرف على إنشاء وتجهيز مكتبة جامعة قطر الجديدة، ووضع سياسة للتزويد وبرامج لتدريب الأمناء والعاملين بها، وإنشاء وسائل منهجية لتقييم الأداء الوظيفي.
وفى وقت لم يكن هناك شيء اسمه شبكة الإنترنت، أنشأ بالمكتبة نظاما إلكترونيا؛ للاتصال بقواعد المعلومات العالمية بمركز لوكهيد ديالوج في كاليفورنيا، وذلك لخدمة الباحثين وطلاب الدراسات العليا، بالاطلاع على أحدث المقالات والأبحاث العلمية، وخلاصات للرسائل الجامعية في شتى المجالات. ولم يكن يوجد في العالم العربي حينذاك ما يماثل هذا النظام، إلا في مركز البحوث العلمية بالكويت.
صدر له قرار أميري خاص لتولي وظيفة مدير مكتبات جامعة قطر في أواخر عام 1987، كما خصص الديوان الأميري لتنمية هذه المكتبات ميزانية بلغت 11 مليون ريال في السنة. مكث في هذه الوظيفة ثلاثة أعوام، تطورت فيها المكتبة تطورا سريعا وملحوظا.