أثار إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هدف واشنطن الوحيد في
سوريا وهو القضاء على تنظيم الدولة تساؤلات بشأن موقف إدارة دونالد ترامب من تصريحات الإدارة السابقة التي ترفض بقاء رأس النظام وتؤكد على ضرورة رحيله.
وقال لافروف إن نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون قدم تأكيدات خلال اتصال هاتفي في التاسع من الشهر الجاري بأن هدف واشنطن الوحيد في سوريا هو محاربة تنظيم الدولة.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الأزمة في سوريا خرج الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالعديد من التصريحات المتعلقة بالنظام السوري واتهامه بارتكاب مجازر بحق المدنيين وقال مرارا "بأنه لا مكان لبشار
الأسد في مستقبل سوري".
وفي عام 2014 خرج البيت الأبيض ببيان عقب لقاء أوباما برئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في حينه أحمد الجربا أكد فيه على أن "رئيس النظام السوري بشار الأسد فقد شرعيته كليا وأنه لا مكان له في مستقبل سوريا".
وفي العام 2015 أعاد أوباما التأكيد على الموقف من النظام السوري ورئيسه وقال إنه "لا مكان له في مستقبل سوريا وليس له دور بسبب قيامه بالحرب على الشعب السوري".
بل إن أوباما كان يتهم النظام السوري بالتسبب في ظهور تنظيم الدولة وتمدده بسوريا إبان تشكيل التحالف الدولي ضد التظيم.
لكن منذ قدوم ترامب للبيت الأبيض خرجت العديد من التصريحات التي تشي بتغير الموقف من النظام السوري وأحد تلك التصريحات كان للمتحدث السابق باسم البيت الأبيض شون سبايسر والذي قال "إن هناك حقيقة واقعية علينا تقبلها بخصوص حكم رئيس النظام السوري بشار الأسد".
بل إن سبايسر ألقى باللائمة على إدارة أوباما وقال إن "الولايات المتحدة فقدت فرصا كثيرة فيما يتعلق بالأسد".
وأكد في حينه أن هزيمة تنظيم الدولة في العراق وسوريا تقبع على "رأس أولويات واشنطن هناك".
وبالتزامن مع تلك التصريحات قالت مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة إن "سياسة بلادها في سوريا لم تعد تركز على إزاحة بشار الأسد".
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسراي التركية الدكتور ضياء عباس قال إن "المعطيات التي طرأت على الساحة السورية منذ مجيء ترامب للسلطة دفعت واشنطن لاتخاذ هكذا قرار بالتوقف عن التفكير بإزاحة الأسد".
وأوضح عباس لـ"
عربي21" أن الخطط الأمريكية إبان فترة باراك أوباما للتخلص من بشار الأسد انتهت مع مجيء ترامب إلى السلطة خاصة أنه يحمل أفكارا مختلفة لطريقة الحل في سوريا والأولويات هناك بحسب سياسته.
وأضاف أن الدعم الروسي الكبير المقدم للأسد أنهى أي خطط أمريكية يمكن أن تسهم في التخلص من رأس النظام السوري ودفعت واشنطن للتفكير في حلول أخرى والتركيز على مسائل بعيدا السياسة التي كان يسير عليها أوباما في سوريا.
بدوره قال الكاتب السوري عمر كوش إن "الموقف الأمريكي الجديد يطرح العديد من التساؤلات حول محاربتها للإرهاب في ظل اتهاماتها السابقة للنظام السوري بأنه أصل المشكلة".
وقال كوش لـ"
عربي21" إن واشنطن تخط مسارا آخر لطريقة التعامل مع الأزمة السورية بعيدا عن التفكير في إزاحة الأسد عبر السيطرة على مساحات واسعة هناك ودعم الفصائل الكردية ونقاط هامة على الأرض.
ورأى أن السياسة الأمريكية لم تكن منذ اليوم الأول للثورة في سوريا ترغب بالتخلص من النظام ولم يكن رحيل الأسد واحدا من أولوياتها.
وقال كوش إن إدارة أوباما كانت تصب جهودها على المراقبة وإطالة عمر الحرب بانتظار ما تسفر عنه وأي محاولة للتدخل كانت بهدف إبقاء الأوضاع ضمن المسار الذي تريده.
وأضاف: "نفوذ الولايات المتحدة في سوريا أصبح كبيرا بعد السيطرة على مناطق واسعة واستراتيجية من شرق الفرات والتي تحوي مطارات وقواعد عسكرية كبيرة".
ولفت كوش إلى أن هذا التمدد مقصود بهدف استخدامه كأوراق قوة في المستقبل عند الجلوس إلى أي مفاوضات على الوضع السياسي والترتيبات على الأرض بسوريا.
وعلى صعيد الفصائل التي كانت تقاتل الأسد وتتلقى دعما أمريكيا وصفها كوش بأنها أصبحت كـ"الأيتام"، مشيرا إلى أنها "لن تتحرك بعد إلا وفقا لمقتضى السياسة الأمريكية وما يحقق مصالح واشنطن".
ورأى أن تلك الفصائل "رهنت نفسها منذ اليوم الأول للولايات المتحدة وتحولت لبندقية مأجورة".