يُعلق الفلسطينيون آمالا كبيرة على معبر رفح كونه المنفذ البري الوحيد في قطاع غزة، والذي يتيح لهم السفر لدول العالم عبر مصر ، لكن هذه الآمال تصطدم في جدران المعبر المغلق لفترات طويلة بدواعي أمنية، وفق ما تعلنه السلطات المصرية على الدوام .
وتتجدد العمليات للجماعات المسلحة في سيناء بالتزامن مع الحديث عن قرب فتح المعبر المصري، الأمر الذي يثير الشكوك حول إن كان لهذه الجماعات دور حقيقي في إغلاق المعبر بشكل غير مباشر، من خلال تعمدها التركيز في شن هجماتها في الأوقات التي يتم الإعلان فيها عن فتح المعبر لإجبار السلطات المصرية على إلغاء فتحه.
ففي الأسبوع الحالي، أعلنت السلطات المصرية فتح المعبر لمدة أربعة أيام بدءا من الاثنين حتى الخميس قبل أن تتراجع عن هذا القرار بعد ساعة واحدة من الإعلان، وذلك بعد هجوم جديد للجماعات المسلحة بسيناء أسفر عن مقتل عدد من الجنود المصريين بمنطقة القواديس.
وينتظر آلاف المسجلين في كشوفات وزارة الداخلية بغزة من الحالات الإنسانية دورهم في السفر، ويأملون في إعادة فتح المعبر في وقت قريب، ليتمكنوا من مغادرة القطاع وقضاء حوائجهم المعطلة.
المختص في الشؤون العربية والدولية تيسير محيسن يرى أنه مع مرور الوقت في السنوات الأخيرة لدخول الجماعات المسلحة لسيناء بات الأمن القومي المصري مهدد ويشكل خطر أمني.
ويؤكد محيسن لـ "عربي21" أنه "بالرغم من الإجراءات الكثيرة التي اتخذها الجيش المصري في سيناء، إلا أن الجماعات المسلحة ما زال لديها القوة التي تمكنها من تنفيذ هجماتها بين فترة وأخرى، وتُرجع الموقف المصري للخلف نظرا لعدم جدوى إجراءاته حتى الآن".
ويوضح محيسن أن "قرار فتح معبر رفح من قبل السلطات المصرية يشمل بعدين، الأول أمني يتعلق بالتطورات الأمنية في سيناء، وهذا البعد تتشارك فيه الجماعات المسلحة بتأثيرها غير المباشر على فتح المعبر، كونها الطرف الآخر من المعادلة الأمنية في سيناء إلى جوار الجيش المصري".
ويضيف "البعد الثاني متعلق بالسياسية المصرية تجاه قطاع غزة منذ السيطرة عليه من قبل حركة حماس"، موضحا أن "النظام المصري يؤكد مرارا أن فتح المعبر بشكل دائم مرتبط بعودة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية للسيطرة على القطاع، وأن الفتح المتقطع للمعبر يأتي من باب إنساني فقط".
وفي الفترة الأخيرة بدأت علاقات حركة حماس تتحسن قليلا مع السلطات المصرية، في ظل ضبط الأولى للحدود المشتركة بين مصر وفلسطين، إلى جانب تقديم إجراءات ساهمت في إنجاح الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
ويشير محيسن لـ "عربي21" إلى أن "الجماعات المسلحة تنظر للتعاون بين حماس والسلطات المصرية خطر على وجودها ومستقبلها في سيناء، وهي تنظر أيضا لحماس ومصر سيان وهم خصوم"، مبينا أن "أي خطوة سياسية تتخذ لصالح غزة، ستعمل هذه الجماعات لإحباطها لتعكير صفو أهالي غزة وتحريضهم ضد حماس".
ويرى المختص بالشؤون العربية والدولية أن "معبر رفح هو الوسيلة الوحيدة التي تمتلكها الجماعات المسلحة في سيناء للتأثير عن حياة السكان في غزة، وبالتالي إظهار حماس في مشهد المتهم أمام الرأي العام الشعبي".
وشهد معبر رفح البري جنوب قطاع غزة خلال العام الماضي 2016 تحسنا في حركة المسافرين ذهابا وإيابا مقارنة مع عام 2015، وأظهرت إحصائية صادرة عن هيئة المعابر بغزة، تمكُّن 42 ألف و837 مسافراً من التنقل عبر المعبر في كلا الاتجاهين.
وبيّنت الإحصائية السنوية أن السلطات المصرية فتحت بوابة المعبر خلال العام الماضي أمام حركة المسافرين بالاتجاهين 41 يوما بينما تم إغلاق المعبر لمدة 324 يوما، في حين بلغت أيام فتح المعبر عام 2015، 32 يوما وأيام الإغلاق 333 يوما.
بينما يرى الخبير العسكري فايز الدويري أنّ الجماعات المسلحة في سيناء وكغيرها الموجودة في الدول العربية تستخدم أسلوب حرب العصابات وليست النظامية ضد الوجود العسكري للجيش المصري.
ويعتقد الدويري لـ "عربي21" أن "هجمات الجماعات المسلحة المتزامنة مع نية السلطات المصرية فتح المعبر ربما تكون مقصودة لإحباط أي جهد مصري سواء تجاه التخفيف عن معاناة أهالي غزة أو أي جهود أخرى"، مستدركا قوله "هذه الجماعات لا تفرق في الموعد والمكان عند تنفيذ عملياتها المسلحة".
ويتابع الخبير العسكري "كلما أتيحت لهذه الجماعات الفرصة لشن هجمات جديدة تقوم بها ولا تراعي أي اعتبارات أخرى"، مشيرا إلى أن هذه الهجمات تترك تأثيرا كبيرا على المعبر وغيره من القضايا السيادية، وتزعزع الأمن القومي المصري.
ومن المقرر أن تستلم السلطة الفلسطينية إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني بداية شهر تشرين الثاني /نوفمبر القادم، وفق اتفاق القاهرة الأخيرة بين حركتي فتح وحماس.