نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، حللت فيه الطموحات الخارجية للإمارات العربية المتحدة، وفكرة العسكرة التي ترافق جهودها؛ لتقديم البلد على أنه نقطة وصل "متسامحة" بين الشرق والغرب.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن نزعة الحداثة ترافقت مع ميل للعسكرة، مشيرا إلى أن الربيع العربي، الذي ضرب العالم العربي عام 2011، وصعود تنظيم الدولة، وحالة الإحباط التي أصابت قادة الخليج المحافظين عادة من إدارة الرئيس باراك أوباما، وتقاربه مع إيران، كلها مجموعة أقنعت هؤلاء القادة، الذين كانوا يتجنبون المخاطرة، بتغيير رؤيتهم.
وتشير الصحيفة إلى أن الإمارات تقوم اليوم بتبني سياسة تنتقد فيها منافسيها في قطر وإيران، وتتهمهما بالتدخل في شؤون الجيران، لافتة إلى أنها انضمت إلى السعودية والبحرين ومصر في حملة ضد قطر، فيما يصفه محللون ومسؤولون في المنطقة "قيادة من الخلف" في حصار الجارة الغنية.
ويلفت التقرير إلى أن الإمارات تدعم الجنرال خليفة حفتر، فيما كشف عنه تقرير للأمم المتحدة بأنه انتهاك لتصدير الأسلحة لهذا البلد، منوها إلى أن الإمارات أقامت أيضا قواعد عسكرية في ميناء عصب في أريتريا على البحر الأحمر، واستخدمت البترودولار لمواجهة تأثير قطر على حركة حماس في غزة.
وتذكر الصحيفة أن التحول في السياسة الخارجية الإماراتية بدأ عام 2004، بعد وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أسهم في بناء الدولة عام 1971، وكان يسهم في حل الخلافات بين الجيران والعرب عامة.
ويورد التقرير نقلا عن خبراء، قولهم إن الإمارات اليوم لديها أحدث جيش مسلح بالعتاد الحربي المتقدم، وقوة يتم نشرها بدعم من المستشارين، من أمثال مؤسس شركة التعهدات الأمنية سيئة السمعة "بلاك ووتر" إريك برينس، لافتا إلى أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، أدى دورا حول كيفية تحديث الجيش الإماراتي قبل أن يصبح وزيرا للدفاع، وهو الذي أطلق عليها اسم "أسبرطة الصغيرة"، في إشارة للنزعة العسكرية.
وتنقل الصحيفة عن الزميل الباحث في جامعة رايس الأمريكية كريستيان كوتس أولريشنسن، قوله إن "الدور الحازم لأبو ظبي كل من الخليج والمنطقة يبتعد كثيرا عن دبلوماسية التراضي في عهد الشيخ زايد"، وأضاف: "في الوقت الذي تتخذ فيه أبو ظبي مواقف وتربط نفسها بالسارية السعودية، فهي تخاطر بأن تضع نفسها وسط خطوط الانقسام الإقليمي أكثر من أي وقت مضى".
وينوه التقرير إلى أن الرجل الذي يقف وراء هذا التغير هو ولي العهد المتخرج من كليه ساندهيرست العسكرية، الشيخ محمد بن زايد، فعندما توفي والده تولى أخوه غير الشقيق الشيخ خليفة الحكم، إلا أن الشيخ محمد ينظر إليه على أنه "رئيس تنفيذي"، ومع مرض أخيه فقد قام بتعزيز سلطاته، مشيرا إلى أن الشيخ محمد يعتمد على مجموعة من الرجال الذين يثق بهم، ومن بينهم سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة.
وتفيد الصحيفة بأنه يقال إن للعتيبة علاقات قريبة مع صهر الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر، الذي يعمل مستشارا للرئيس في شؤون الشرق الأوسط، حيث ينظر للعتيبة على أنه أكثر الدبلوماسيين تأثيرا في واشنطن.
ويشير التقرير إلى أن الشيخ محمد (56 عاما) أقام علاقة وثيقة مع الأمير محمد بن سلمان (32 عاما) ولي العهد السعودي، ويتفقان معا حول رؤية تحديث بلديهما، ولا يتسامحان مع المعارضة، ويتخذان مواقف متشددة من إيران، ويتهمانها بزعزعة الاستقرار في الخليج، ويتعاملان مع حركات الإسلام السياسي، مثل حركة الإخوان المسلمين التي حكمت مصر عاما قبل انقلاب الجيش عليها، على أنها تهديد وجودي.
وتنقل الصحيفة عن المحلل الإماراتي عبدالله عبد الخالق، قوله إن الحزم في السياسة الإماراتية يعكس الثقة بالمصادر "اللينة" و"القوية"، التي تتراوح من نفوذها المالي إلى علاقتها القوية مع الغرب وقوتها العسكرية النامية، ويضيف: "بدا لهم أن لديهم الكثير الذي يمكنهم استخدامه" في النفوذ.
وبحسب التقرير، فإن أسعار النفط المنخفضة دفعت الدولة لتأجيل مشاريع، وخفض الأعمال في بعض المؤسسات، لافتا إلى أن أبو ظبي تنفق الكثير من ميزانيتها على التسلح، ففي عام 2014 أنفقت 22.8 مليار دولار على السلاح، بشكل يجعلها في المرتبة 14 عالميا، بحسب تقدير معهد أستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ومعظمه من الولايات المتحدة وكذلك روسيا، حيث يعلق عبدالله قائلا: "عندما تتوسع في قوتك فوق الطاقة فإن هناك خطرا من إصابتك برضوض".
وتقول الصحيفة إن سمعة الإمارات تلطخت؛ بسبب سقوط أعداد كبيرة من المدنيين في اليمن، ووجهت لها اتهامات بالقيام بانتهاكات واسعة، حيث تم نشر حوالي 1500 جندي إماراتي كجزء من الحملة السعودية في اليمن، واتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" القوات الإماراتية بدعم القوات اليمنية التي قامت بالإساءة لأعداد كبيرة من الأشخاص أثناء العمليات الأمنية، منوهة إلى أن السعودية والإمارات تنكران هذه التهم.
ويورد التقرير أن منظمات الإغاثة الإنسانية تصف الوضع في اليمن جراء التدخل السعودي الإماراتي، بأنه أسوأ كارثة إنسانية من صنع البشر، لافتا إلى أن السعودية والإمارات تقولان إنهما تدعمان حكومة
شرعية، فيما تقول الإمارات إنها تحارب تنظيم القاعدة إلى جانب القوات الأمريكية الخاصة.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم اعتراف المسؤولين الإماراتيين بثمن التدخل في مناطق أجنبية من ناحية السمعة والكلفة المالية، إلا أن الشيخ محمد مقتنع على ما يبدو من صحة موقف بلاده.
ويجد التقرير أنه "مع أن هناك ثمنا تدفعه الإمارات في تحقيق طموحاتها الإقليمية، فقبل عامين قتل 45 جنديا إماراتيا في يوم واحد في اليمن، وهو أكثر الأحداث الدموية في تاريخ الإمارات القصير، إلا أن أبو ظبي قامت ببناء زخم للحرب في اليمن، وأعلنت عن يوم حداد رسمي لتذكر الجنود الذين سقطوا في الحرب التي مضى عليها عامان".
وتبين الصحيفة أن مراقبين يرون أن ذلك محاولة لتعزيز الشعور الوطني، والتأكد من الدعم المحلي للطموحات الخارجية، مشيرة إلى أن قادة الإمارات آمنون في الوقت الحالي من ناحية الدعم الشعبي لهم.
وينقل التقرير عن رجل أعمال إماراتي، قوله إن معظم المواطنين الإماراتيين يعتقدون أن التدخل في اليمن أمر جيد؛ لأن "الإيرانيين قادمون"، محذرا من أن الجيل الشاب يبدو أنه صدق ماركة "أسبرطة الصغيرة، ويشعرون أنهم يقومون بتشكيل المنطقة".
وتختم "فايننشال تايمز" بالإشارة إلى قول رجل الأعمال: "مشكلتي هي أننا نعطي أنفسنا وزنا أكبر من حجمنا، وعندما تبدأ بشن عمليات عسكرية خارج حدودك فإن هناك خطرا من مواجهة شيء في الداخل، خاصة أن عدد المواطنين لا يتجاوز نسبة 10% من مجمل السكان".
ساينس مونيتور: ماذا وراء رفع السعودية الحظر عن قيادة النساء؟
الموندو: السعودية تشتري الأسلحة مع إدراجها بالقائمة السوداء
تقرير يكشف دور الإمارات في عملية فاشلة على القاعدة باليمن