بالأمس 24/10/2017م وصل السفير
القطري محمد العمادي إلى قطاع
غزة، وصرح بالعديد من التصريحات التي كان من أبرزها أنَّ قطر ستعمل على تمكين حكومة الدكتور رامي الحمد الله في قطاع غزة، وأنها ستقدم كافة الدعم اللازم لتحقيق ذلك، حيث قال: إنَّ قطر ستؤَمِن بناء مقر للحكومة والرئاسة وإعادة بناء مقرات الحكومة في قطاع غزة، بناء على طلب من رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس، وأضاف أن قطر ستقف مع الفلسطينيين في كل المحافل، وأنها ستدعم المصالحة الفلسطينية في أي مكان تتم فيه سواء في الرياض أو القاهرة.
هذه التصريحات الإيجابية التي تعكس حرص قطر وسياسيتها الخارجية على القضية الفلسطينية ومصلحتها العامة ليست وليدة اللحظة، وإنما تمتد عبر جذور تاريخية مُشرّفة، فقبل أن تحصل قطر على استقلالها عام 1971م كانت تستقبل العديد من الوفود النضالية - أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير وبعده أبو عمار - على أراضيها وتُقدم لهم ما تستطيع من الدعم المعنوي والمادي، وبعد استقلالها سارعت قطر في افتتاح مكتب لمنظمة التحرير، والذي تحول إلى سفارة بعد إعلان قيام دولة فلسطين في مؤتمر الجزائر 1988م.
وفي عام 1994م، وبعد قدوم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة والضفة الغربية قام أمير قطر السابق الشيخ حمد بزيارة الأراضي الفلسطينية عام 1999م، والتقى في غزة بالرئيس ياسر عرفات.
ومنذ أن تأسست قناة الجزيرة عام 1996م في الدوحة وقضيتنا الفلسطينية على رأس النشرات الإخبارية والبرامج الإعلامية، والندوات السياسية، مما جعل لهذه القناة العملاقة الدور الكبير في توعية الشعوب العربية وغير العربية بالقضية الفلسطينية وأبعادها المختلفة، كما قامت هذه القناة المهنية بفضح الاحتلال الصهيوني وسياساته المتغطرسة تجاه الفلسطينيين بشكل خاص والأمة العربية والإسلامية بشكل عام، وخصوصاً جرائم الاحتلال الأخيرةالتي شنها على قطاع غزة في حرب 2008-2009، وحرب 2012، وحرب 2014.
ومع بدء انتفاضة الأقصى عام 2000م استنكرت حكومة قطر الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وقامت بتقديم دعم مالي للسلطة،كما أن وزير خارجيتها لعب دوراً مهماً - وراء الكواليس - في فك
الحصار عن مقر الرئيس ياسر عرفات برام الله،خلال عملية الدرع الواقي في ربيع 2002 - كما جاء في مقالة الدكتور أحمد يوسف، قطر وفلسطين:كرم العطاء وجدل السياسة.
وبعد الحصار الذي فُرض على قطاع غزة عام 2006م، وبعد أكثر من عدوان شنّه الاحتلال الصهيوني على هذه المساحة الجغرافية التي لا تتجاوز 365م مارست قطر دورها الإنساني والوطني من أجل تخفيف الحصار وحِدته القاسية على غزة وأهلها، فقدمت العديد من المشاريع المختصة بالبنية التحتية، والشبكات الصرفية، والطرق المحورية، وبحسب اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة وبعض التقارير الإعلامية فإنَّ أكثر من 65 شركة محلية عملت في المشاريع المختلفة، والتي ساهمت في تشغيل أكثر من 100 ألف كادر مهني وفني بشكل مباشر وغير مباشر، ومن أبرز هذه المشاريع والمساعدات:
1.افتتاح العديد من مدارس مدينة حمد بن خليفة آل ثاني في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2016م في مدينة خانيونس جنوب القطاع.
2.التبرع بالوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، والتي توقفها بمعاناة كبيرة لسكان القطاع، الذين يعانون منذ أكثر من عشر سنوات من أزمة كهرباء حادة، وما زالت تتفاقم بشكل مستمر.
3.- في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 أعلن الهلال الأحمر القطري عزمه تنفيذ مشاريع صحية في القطاع؛ للمساهمة في بناء قدرات وزارة الصحة الفلسطينية، وأول هذه المشاريع، تجهيز مختبرات طبية متخصصة في مؤسسات التعليم الطبي، التي تهتم بأبحاث السرطان والسموم وصيانة الأجهزة الطبية، إلى جانب بناء قدرات الكوادر الطبية للتعامل مع الأزمات والكوارث المتكررة في قطاع غزة مثل الحروب.
4.تنفيذ مشاريع إسكانية، وأبنية إعمارية من بينها مدينة "سمو الأمير حمد"، ومدينة "الأمل"، كذلك إعمار ألف وحدة سكنية.
5.تأهيل مبانٍ ومختبرات زراعية، وتنمية مناطق زراعية حدودية، ومشاريع رياضية كثيرة منها إنشاء ملعب فلسطين الدولي الذي تعرض لتدمير بشكل كامل في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، خلال حرب 2012 على قطاع غزة.
6.دفع رواتب شهر (تموز/ يوليو 2016) لموظفي حكومة غزة السابقة، بإيعاز من أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني، بإجمالي مبلغ (31 مليون دولار أميركي).
وبعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2012م زار أمير قطر السابق حمد بن خليفة قطاع غزة، وقدم لأهلها دعماً سخياً يُقدر بملايين الدولارات، فقد تبرعت قطر آنذاك بنحو 407 ملايين دولار، لإعادة إعمار غزة عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية وحيوية، كما تعهدت بمليار دولار لإعادة إعمار القطاع بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة صيف 2014، خلال مؤتمر المانحين بالقاهرة في أكتوبر/ 2014. - كما جاء في بعض التقارير الصحفية للجزيرة -
وما زالت قطر ممثلة بسفيرها القطري محمد العمادي يزور قطاع بين الفينة والأخرى ليتابع المشاريع القائمة، ويتحسس مشكلاتها الجديدة، ويقدم
المساعدات العملية من أجل فلسطين وقضيتها العادلة، رغم ظروف دولته الصعبة التي تمر بها إبان الحصار المفروض عليها في الآونة الخيرة.
هذه المواقف المشرفة لقطر وسياساتها الخارجية عبر سنوات عديدة وفي ظروف مريرة، غير المنحازة سوى للقضية الفلسطينية ومصلحتها العادلة، والتي كان آخرها تصريحات الأمس التي تُعزز من وحدة الصف الفلسطيني، وتقوي المصالحة وفرص نجاحها تُوجب علينا أن نشكرها أمام العالم أجمع؛ وأن نفتخر بها وبجميع الدول التي قدمت وما زالت تُقدم ما تستطيع من أجل رفع الظلم عن الإنسان الفلسطيني.
ولأننا أصحاب أعدل قضية في الوجود، ولأننا لا نقبل الظلم لأحد، فالظلم ألم، والألم نار تحرق الظالم وتنتصر عليه ولو بعد حين، نقول شكراً قطر على كرم العطاء وحُسن السياسة.