شدد تقرير نشرته صحيفة "
التليغراف" البريطانية على التهديد الكبير الذي تشكله شبكة الأنفاق المعقدة التي أنشأها
حزب الله تحت الأرض على دولة
الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في ظل تصعيد العدوان الوحشي على الأراضي
اللبنانية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حزب الله حصل على دعم
إيراني وتقنيات من كوريا الشمالية لإنشاء هذه الأنفاق، مضيفة أنه قد يستخدمها في أي صراع مستقبلي بما يشكل تحديا حقيقيا لإسرائيل.
وتحدث التقرير عن وجود نفق واسع يمتد لنصف ميل ويصل عمقه إلى 260 قدما من منطقة الجليل إلى أعماق الأرض، وقد حُفر بالكامل بمعدات يدوية وفق ما تدل عليه جدران النفق، حيث تُركت علامات أسطوانية نتيجة استخدام الحفارات اليدوية.
في أيار/ مايو 2020، قام مراسل الصحيفة بجولة في النفق مع قائد في جيش الاحتلال الإسرائيلي، في وقت كانت فيه إمكانية الغزو الإسرائيلي الشامل للبنان مجرد احتمال بعيد.
ومع اقتراب احتمال الغزو البري، يقدم النفق لمحة عن نوعية التحديات التي ستواجهها القوات الإسرائيلية، ويشكل جزءاً من ترسانة حزب الله الواسعة، بحسب التقرير.
ونقلت الصحيفة عن العقيد الإسرائيلي روي يوسف ليفي، قوله إن بناء النفق استغرق 14 عاماً، ولو لم يُكتشف لكان قد استخدم لشن هجوم مفاجئ على الشمال.
أنفاق متنوعة الاستخدامات
نشر حزب الله مؤخرًا لقطات تُظهر شاحنة مزودة بقاذفات صواريخ تمر عبر أنفاق طويلة ومتعرجة، كما تضمن نفس الفيديو مشاهد لمقاتلي حزب الله وهم يقودون دراجات نارية عبر الأنفاق المحيطة بمركز القيادة "عماد 4"، هو مجمع مستوحى من قواعد مشابهة في إيران وكوريا الشمالية.
وبحسب التقرير، فقد بدأ الحزب بتوسيع الأنفاق بعد حرب لبنان-إسرائيل عام 2006، وتقول إسرائيل إن الأنفاق متشابكة مع المنازل في القرى القريبة من جنوب لبنان، ويُطلق بعض المحللين الإسرائيليين عليها اسم "أرض الأنفاق"، ويقولون إنها تستلهم وتستفيد من الخبرة المباشرة من شبكات أنفاق مشابهة في إيران وكوريا الشمالية.
في هذا السياق، يقول رونين سولومون، المحلل الاستخباراتي الإسرائيلي: "تدميرها سيكون معقداً للغاية. وإذا كانت إسرائيل تعتزم مهاجمة الأنفاق، فستحتاج إلى مهاجمة المباني، وهو ما سيؤدي إلى بدء حرب".
وتحدث سولومون عن خمسة أنواع مختلفة من الأنفاق: "الأنفاق الهجومية على الحدود مع إسرائيل، وأنفاق لوجستية في جنوب لبنان، وأنظمة أنفاق تم إنشاؤها لتهريب الإمدادات عبر
سوريا، وأنفاق مخصصة لتخزين الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، وأنفاق تستخدم كمنصات لإطلاق الصواريخ تحت الأرض".
ترسانة متطورة
يتابع التقرير، بأن الأنفاق التي توجد في قرى جنوب لبنان، تشكل جزءًا بسيطا من ترسانة حزب الله، التي تعتبر أكثر تطورًا واتساعًا مقارنة بالأسلحة البدائية التي تمتلكها حماس في قطاع غزة، حيث يعتقد أن حزب الله يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ، بما في ذلك أسلحة دقيقة التوجيه مثل صاروخ فجر-110 الإيراني وصاروخ M-600 السوري.
وتمكن حزب الله، وفقا للصحيفة، من الحصول على صاروخ "سبايك" الإسرائيلي المضاد للدبابات خلال حرب 2006، ثم سلمه إلى إيران التي صنعت منه نسختها الخاصة، وأُطلق عليه اسم "ألماس"، ويمكنه استهداف أهداف خارج نطاق الرؤية، ويشكل بذلك تهديدًا كبيرًا للجنود الإسرائيليين على الحدود.
وأضاف التقرير، أن حزب الله يمتلك آلاف الصواريخ الصغيرة، مثل صواريخ فلق-1 وفلق-2 غير الموجهة وصواريخ كاتيوشا، وقد تطورت قدرته الصاروخية كثيرا مقارنة بحرب 2006 التي استخدم خلالها صاروخ فجر-5 الإيراني.
ويؤكد درور دورون، المستشار في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، أن "عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله آنذاك، هو الذي بدأ عملية إعادة التسليح. وبعد مقتل مغنية عام 2008، تولى فيلق الحرس الثوري الإيراني المشروع. كان مشروعًا قائمًا على الدعم الإيراني".
رد متأخر
بحسب تقرير التليغراف، فإن تهريب الصواريخ الباليستية إلى لبنان عبر سوريا دفع إسرائيل لشن حملة غارات جوية في سوريا عام 2014، مستهدفة القوافل المحملة بالصواريخ، لكن إسرائيل أحجمت عن استهداف حزب الله داخل لبنان في فترة سابقة، قبل أن تُطلق عمليات واسعة ضده خلال الأيام الماضية.
وكان قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في 2006، دعا إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب حزب الله من جنوب لبنان، لكن حزب الله واصل تطوير قدراته العسكرية وترسانته الصاروخية بدعم من طهران، وفقا للتقرير.
ويرى يعقوب عميدور، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقا، أن "إسرائيل ارتكبت خطأ كبيرا بعدم التصدي لحزب الله بشكل حاسم مبكرا"، مشيرا إلى أن "هدف إسرائيل حاليا هو منع حزب الله من تكرار اعتداءاته وتقليص قدراته العسكرية"، بحسب التقرير.
ومنذ صباح الاثنين، يشن الاحتلال الإسرائيلي مئات الغارات الجوية العنيفة وغير المسبوقة على مواقع متفرقة من جنوب لبنان، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 728 شخصا، وإصابة 2658 آخرين بجروح مختلفة، بينهم أطفال ونساء ومسعفون، بحسب أحدث بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام قليلة من تفجيرات أجهزة اتصالات لاسلكية من نوعي "بيجر" و"ووكي توكي- آيكوم ICOM V82"، في مناطق مختلفة من لبنان، ما أسفر عن سقوط 32 شهيدا، وإصابة نحو 3250 آخرين بجروح مختلفة.
في المقابل، يواصل حزب الله عملياته ضد الاحتلال الإسرائيلي موسّعا نطاق استهدافاته؛ ردا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في لبنان، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد الأراضي اللبنانية مطلع الأسبوع الجاري.