حصلت صحيفة "التايمز" على سلسلة من الرسائل المشفرة لمقاتلين بريطانيين في صفوف تنظيم الدولة، عبروا فيها عن رغبتهم بالعودة إلى بريطانيا ومواجهة المحاكم.
ويقول جون سيمبسون في تقرير كتبه للصحيفة، إن الرسائل تكشف عن خيبة أمل هؤلاء المقاتلين بالتنظيم، مشيرا إلى أن شاباز سليمان كان طالبا في مدرسة متميزة في باكنغهام شاير، وحصل على مقعد للدراسة في جامعة كيل قبل أن يختفي عندما كان في رحلة مع عائلته إلى تركيا قبل ثلاثة أعوام، حيث تم تداوله طوال هذه المدة بين تنظيم الدولة والمخابرات التركية، وسجن بسبب أخذه إجازة دون إذن، واضطر للاختفاء في أثناء عملية الرقة الأخيرة، ونجح بالهروب من شمال سوريا، ويقول سليمان إنه بحاجة ماسة للعودة إلى بريطانيا ليواجه العدالة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن سليمان مدح في أثناء انضمامه لتنظيم الدولة، الهجمات الإرهابية، واعترف بحمل السلاح، والمشاركة في معسكرات التدريب، والقيام بمهمات عسكرية، مستدركا بأن الشاب من هايويكام خاطر بحياته، وظل على صلة سرية مع صحيفة "التايمز"، بشرط أن تحتفظ الصحيفة بمراسلاته سرا؛ حتى يؤمن خروجه من سوريا.
وتقول الصحيفة إن الرسائل التي تم تداولها تمثل رواية واسعة عن حياة البريطانيين داخل مناطق تنظيم الدولة، وتثير نقاشا حول السياسة الواجب اتخاذها تجاه العائدين البريطانيين من مناطق تنظيم الدولة، لافتة إلى أن المراجع المستقل لقوانين الإرهاب المحامي ماكس هيل قال في الأسبوع الماضي، إن "الأولاد الذين سافروا (للانضمام إلى تنظيم الدولة)؛ بسبب سذاجتهم، وربما غسلت أدمغتهم"، قد لا يتعرضون للمحاكمة.
ويلفت الكاتب إلى أن سليمان (21 عاما) اعتقل على يد لواء الشمال، وهو فصيل سوري تدعمه تركيا في جرابلوس على الحدود السورية التركية، وقال: "الجميع يرحلون، وخرجت قبل أسبوع ونصف، وخرجت دون إذن، وقدت سيارة مع مقاتلين؛ لأنهم كانوا ينسحبون، وكان الجميع يخرجون وليس تنظيم الدولة فقط، وكان خروجا كبيرا، وقصفا شديدا، وانهار التنظيم في دير الزور، والجميع هربوا، ولم توقفنا وحدات حماية الشعب، حيث كانوا عائدين من الجبهة"، وأضاف أن عملاء التنظيم كانوا يلاحقون الهاربين "كانوا يقتلونك إن حاولت الهرب، وأخبرني أحد المهربين بأن مساعدته لي ستؤدي إلى قتله، وكان يجب ألا يفعل هذا".
وتورد الصحيفة نقلا عن سليمان، قوله إنه أصبح متشددا من خلال الإنترنت، ومن ثم أصبح "جهاديا يعاني من خيبة الأمل"، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، كشفت "التايمز" عن أنه انضم إلى تنظيم الدولة، كجزء من عملية تبادل سجناء بين التنظيم وتركيا، لتأمين إطلاق سراح 49 دبلوماسيا تركيا في الموصل، منوهة إلى أن قائمة بالسجناء ضمت مقاتلين بعضهم من دول الاتحاد الأوروبي وسليمان وبريطانيا آخر اسمه هشام فولكارد، الذي قتل وعمره 28 عاما، عندما نفذ عملية انتحارية قتل فيها خمسة رجال شرطة في الموصل.
وينوه التقرير إلى أن سليمان اتصل مع الصحيفة تحت اسم مستعار، وهو "هشام البريطاني"، حيث برر أولا انضمامه للتنظيم، قائلا إنه لم يكن يحب السياسة الخارجية للحكومة، وأضاف أنه قرر الانضمام لتنظيم الدولة، بدلا من تسليمه لبريطانيا، حيث قال في كانون الثاني/ يناير 2015: "كنت إسلاميا معتدلا"، وحذرت رسائله من "الأخوة" الجهاديين، الذين مجدوا العنف ضد الغرب، خاصة هجوم "تشارلي إيبدو" في كانون الثاني/ يناير 2015، إلا أنه أكد شعوره بالخيبة من التنظيم، وخاف من النظام الديكتاتوري الذي يديره.
ويذكر سيمبسون أن سليمان كتب في ذلك العام، قائلا: "لم أعد أعرف من أنا، فقد شاهدنا ولسنوات جرائم بشار الأسد، البراميل المتفجرة والإعدامات الفورية وصور التعذيب على (يوتيوب)"، وأضاف أنه لم يكن ليجلس متفرجا على اضطهاد المسلمين، وأخذ يدعم من ناحية نشر الجرائم وجمع التبرعات، لكنها لم تكن كافية.
وتفيد الصحيفة بأنه أمام فشل المجتمع الدولي في عمل شيء، فإنه لم يبق أمام سليمان إلا حل واحد، وهو الجهاد، حيث قال إنه شاهد شريط فيديو على الإنترنت أثر عليه، لكنه وجد نفسه مع تنظيم الدولة، حيث "يكره السوريين لنفاقهم، ويكفر المعارضة"، ويقول: "وجدت نفسي تحت تأثير دعايتهم، لكنني اكتشفت أنني لم أعد أعرف من أنا، وأصبحت جهاديا خاب أمله".
وبحسب التقرير، فإن سليمان زعم أنه أصبح مدنيا وعمل في وحدة في المستشفى، حيث طلب منه العودة للجبهة، وظهر من جديد بعد اختفاء دام 9 أشهر في أيار/ مايو، وعاود التواصل قائلا إنه كان في السجن بسبب غياب دون إذن، وقرر الاختفاء بعد الإفراج عنه، وقال في سلسلة من الرسائل إنه مستعد للعودة ومواجهة السجن في بريطانيا، وانتقد العملية التي استهدفت حفلة موسيقية في مانشستر، التي قتل فيها 23 شخصا، ووصف أيامه على الجبهة، حيث كتب: "أتذكر أني شاهدت طفلا ينتشل من الأنقاض بعد القصف الروسي"، وكتب أنه تجنب كمينا نصبه موالون لنظام بشار الأسد، ونجا من قصف جوي روسي.
ويبين الكاتب أن من بين الصور التي وضعها سليمان على "تويتر" صورة جاسوس قتل وصلب، لكنه أكد أنه لم يشارك في التعذيب أو القتل، وقال إنه لم يلتق بمحمد إموازي أو جون الجهادي، مشيرا إلى أن عمليات القتل كانت تبث ويتم الاحتفاء بها، ووصف كيف تلقى تدريبا سريعا على السلاح وتثقيفا أيديولوجيا، حيث يقول: "كان مكثفا، يعلمونك القرآن والحديث، ولم أعرف أن دماغي غسل إلا بعد مشاهدتي كيفية معاملتهم للسنة".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول والده أفضل سليمان (46 عاما)، إنه مستعد لمساعدة السلطات لو استطاع، ويجب أن يواجه ابنه نتيجة ما فعله، وأضاف أنه لم يكن ليأخذ ابنه إلى تركيا لو علم بما كان يفكر به ابنه، وقال: "لو ارتكب جريمة فيجب أن يواجه المحكمة، وكل ما نريده هو عودته".
ميدل إيست آي: بريطانيا تسقط 3400 قنبلة وصاروخ على العراق وسوريا
تسايت: ما خطورة الفراغ الذي تركه تنظيم الدولة في العراق وسوريا؟
ليبيراسيون: هل تخلت فرنسا عن الديمقراطيين في مصر؟