أثار إعلان
السعودية عن دخول جزيرتي تيران وصنافير المتنازع عليهما ضمن المناطق التي يشملها مشروع "نيوم" الاستثماري العملاق؛ تساؤلات عن الأسباب وراء هذه الخطوة من جانب المملكة.
وكان ولي العهد محمد بن سلمان؛ قد أعلن الثلاثاء الماضي عن إطلاق المشروع، باستثمارات قيمتها 500 مليار دولار. ويشمل المشروع إنشاء مناطق تجارية وصناعية وسياحية تمتد إلى أراضي الأردن ومصر، في إطار الخطة التي يتبناها
ابن سلمان لتنويع مصادر الدخل في المملكة.
وأكدت مؤسسة "مشاريع السعودية" أن جزيرتي تيران وصنافير، اللتين انتقلت السيادة عليهما من
مصر إلى السعودية قبل عدة أشهر، ستدخلان في نطاق مشروع "نيوم"، موضحة أنه من المزمع إنشاء جسر يربط السعودية ومصر يمر عبرهما.
وكان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد صدق في حزيران/ يونيو 2017 على الاتفاقية الموقعة بين القاهرة والرياض، في نسيان/ أبريل 2016، والتي تنازلت مصر بموجبها عن السيادة على تيران وصنافير إلى السعودية، وسط رفض شعبي واسع وأحكام قضائية ببطلان هذه الاتفاقية.
تجاهل مصر
وكان من اللافت للنظر إعلان السعودية عن المشروع الذي يمتد إلى أراضي الأردن ومصر، دون أن يعلن البلدان من جانبهما تلقي أي مقترحات أو مخاطبات حول المقترح السعودي، ودون حضور أي ممثل لهما خلال الإعلان عن المشروع.
ويقول مراقبون إن طريقة الإعلان عن المشروع دون معرفة الحكومة المصرية، بالإضافة إلى ضم جزيرتي تيران وصنافير المتنازع عليهما إلى المشروع، رغم الحساسية السياسية لهذه القضية، قد يسبب إحراجا للنظام المصري ويثير أزمة مع السعودية.
وفي تصريحات للتلفزيون المصري الأربعاء الماضي، اكتفت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر بالتأكيد على استعداد بلادها للتعاون مع السعودية عبر مشروع "نيوم"، في قطاعات مثل الطاقة والتشييد.
مزيد من الشعبية
وقال الباحث السياسي جمال مرعي؛ إن "ولي العهد السعودي يسعى جاهدا لكسب مزيد من الشعبية لنفسه في أوساط السعوديين، خصوصا وأن المملكة تعاني من مشكلات اقتصادية في السنوات الأخيرة، وهو ما دفعها إلى اتخاذ قرارات تهدف إلى توفير مصادر دخل إضافية للمملكة بعيد عن النفط منها إلغاء نظام الكفيل وإقامة مشروعات استثمارية عملاقة من بينها مشروع نيوم".
ورأى مرعي، في حديث لـ"
عربي21"، أن سيطرة السعودية على جزيرتي تيران وصنافير "زادت من شعبية ابن سلمان كثيرا، وبالتالي فإن إقامة مشروعات سياحية عليهما ستزيد من حب السعوديين له، حيث تقدمه في صورة القائد الشاب الذي يجلب الخير والازدهار لبلده وشعبه"، بحسب تعبيره.
وقال إن "ابن سلمان يريد بهذه الخطوة تأكيد السيادة السعودية على الجزيرتين، حيث أن إقامة مشروعات استثمارية عليهما يقطع الطريق على أي مطالبات مصرية مستقبلية باستعادتهما مجددا"، وفق تقديره.
سلام سعودي إسرائيلي
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل؛ إن جزيرتي تيران وصنافير تتمتعان بأهمية استراتيجية بالغة الأهمية في منطقة الشرق الأوسط، بسبب موقعهما الجغرافي، مشيرا إلى أن سعي ولي العهد السعودي لإثبات سيطرته على الجزيريتن "هو نوع من أنواع استعراض العضلات" وتأكيد لدور السعودية في المنطقة وقيادتها للعالم العربي.
وأضاف كامل، في حديث لـ"
عربي21"، أن ولي العهد "يريد أيضا أن يصبح طرفا أساسيا في عملية السلام في الشرق الأوسط، وأن يدخل في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، باعتبار أن الجزيرتين تقعان ضمن المناطق التي تشملها اتفاقية كامب ديفيد مع مصر".
وفي هذا الإطار، قالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، الأربعاء الماضي، إن السعودية حصلت على موافقة مسبقة من إسرائيل على المشروع، دون إعلان الأمر رسميا، باعتبار أن الجسر الذي يربط مصر بالسعودية قد يؤثر على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.
ونقلت بلومبرج عن رئيس مركز حاييم هيرتسوج للدراسات الشرق أوسطية في جامعة بن جوريون، يورام ميتال، قوله إنه جرى بحث المشروع بين إسرائيل والسعودية عبر قنوات سرية، موضحا أن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أكدت على حق إسرائيل في أن تبقى قادرة على الوصول إلى البحر الأحمر، وهو ما يمكن أن يعرقله بناء هذا الجسر المخطط له.
وأوضح ميتال أن مشاركة إسرائيل في المشروع أمر لا بد منه، لافتا إلى أنه لم يكن من الممكن الإعلان عنه قبل إجراء محادثات مستفيضة بين إسرائيل والسعودية حول علاقتهما المستقبلية وحول الجسر المزمع إنشاؤه.