نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للكاتب باتريك كوكبيرن، يقول فيه إن مسؤولا عراقيا كبيرا احتج على صورة منشورة على "تويتر"، قائلا إنها "مزورة"، مشيرا إلى أن الصورة للجنرال الإيراني قاسم سليماني في كركوك، يرتب مع الحكومة العراقية عملية استعادة المدينة الشهر الماضي، حيث قال المسؤول إن هذه الصورة، التي نشرها زعيم كردي على "تويتر"، تعود إلى عام 2014.
ويعلق كوكبيرن قائلا إن أكبر تهديد للاستقرار المتنامي في العراق هو الخلاف بين أمريكا وإيران، لافتا إلى أنها حرب سياسية -وحتى عسكرية- في العراق، حيث قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مقابلة مع "إندبندنت" إن أكثر ما يقلقه هو أزمة بين أمريكا وإيران، وأضاف: "ليس مهمتي أن أحل خلافاتهما، لكن مهمتي أن أمنع مواجهة بينهما في العراق"، وقال إنه يأمل أن يكون الشجب المتبادل بين طهران وواشنطن لا يزيد على كونه لفظيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بسبب عداوة أمريكا تجاه إيران، فإن ما يقلق حكومة بغداد هو أن تظهر كأنها وكيلة لإيران، ويتلاعب بها سليماني، وتعتمد على مليشيات الحشد الشعبي الشيعية، لافتا إلى أن الزعيم الكردي ووزير الخارجية العراقي السابق هوشير زيباري كتب على "تويتر"، قائلا: "إن الهجوم على كركوك، الذي تقوم به العراق اليوم هي وقوات الحشد الشعبي، التي يقودها الحرس الثوري الإيراني، بدأ للأسف حربا في العراق وكردستان".
وتورد الصحيفة نقلا عن المسؤول العراقي السابق، قوله إن سليماني لا يقابل العبادي أو أي شخص له أهمية في بغداد، بالإضافة إلى أنه فشل في مقابلة المرجعية الشيعية الكبرى في مدينة النجف، علي السيستاني، وأضاف: "في الواقع، فإن التأثير الإيراني على الحشد الشعبي تراجع على مدى السنتين؛ لأنهم لم يعودوا يمولون الكثير من المجموعات، عدا كتائب حزب الله".
ويلفت الكاتب إلى أن الحرب الدعائية حامية الوطيس ومجردة من المبادئ، حيث تدعي الزعامات الكردية في أربيل ومعظم الإعلام العربي بأن إيران هي من تمسك بالخيوط في بغداد، مع أن أمريكا هي الحليف العسكري الرئيسي للحكومة هناك، ويتم تصوير الحشد الشعبي على أنهم فرق موت طائفية، تقود الزحف على كردستان العراقية، وتم نشر فيديو على الإنترنت، يدعي أنه يظهر أكرادا يفجرون جسرا فوق الزاب الصغير في منطقة ألتون كوبري، حيث وقعت مواجهة بين القوات الكردية والعراقية؛ وذلك لمنع قوات الحشد الشعبي من دخول كردستان، مؤكدا أن الجسر لا يزال قائما، وأن الفيديو المنشور هو لجسر في كانساس تم هدمه هندسيا عن طريق المتفجرات لإقامة منشآت جديدة.
ويفيد التقرير بأن أمريكا لطالما أحست بالذعر من النفوذ الإيراني في العراق، وعادة ما تخلط بين الشيعة الذين يقاتلون لأجل مجتمعهم ووكلاء إيران، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في زيارة له للعراق الشهر الماضي، إن على قوات الحشد الذهاب لبلدهم؛ اعتقادا منه أن عناصر الحشد هم من مقاتلي حرس الثورة الإيرانيين، لافتا إلى العبادي يدافع بقوة عن الحشد، لكنه يقول إنهم يجب أن يدخلوا تحت سيطرة الحكومة.
وتذكر الصحيفة أن قوة الحشد أصبحت اليوم أقل مما كانت عليه عندما تم إنشاؤها لتكون حركة شعبية قبل ثلاثة أعوام، بفتوى من آية الله السيستاني، مستدركة بأن عددا من المنظمات العسكرية، مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، لها تاريخ أطول، حيث كان إنشاء الحشد الشعبي في حزيران/ يونيو 2014، عندما خسر الجيش العراقي الموصل لصالح تنظيم الدولة، وظهر على أنه غير قادر على الدفاع عن بغداد.
وينوه كوكبيرن إلى أن الحشد الشعبي كان مركزا للدفاع عن العاصمة، وفي بدايات الهجمات المضادة على تنظيم الدولة، لكنه بعد ذلك أصبح يؤدي دورا ثانويا في العمليات العسكرية، التي تقودها الآن قوات مكافحة الإرهاب المدربة تدريبا جيدا، مشيرا إلى أنه خلال حصار الموصل، الذي دام تسعة أشهر، احتل الحشد الشعبي مناطق خارج المدينة، إلا أن قوات مكافحة الإرهاب قادت الهجوم الرئيسي، بالإضافة إلى الشرطة الفيدرالية وقوات التدخل السريع، مؤكدا أنه "لم تكن هناك أي وحدات من الحشد في كركوك في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكنهم يشاركون الجيش العراقي في حراسة الحواجز على الطريق إلى بغداد".
وبحسب التقرير، فإن "الحشد، الذي يعد جزءا من قوات الأمن العراقية وتتحمل الدولة تكاليفه، أصبح أقل استقلالا وأقل تأثرا بإيران؛ بسبب كون الحكومة العراقية أكثر قوة مما كانت عليه، لكن لا شك أن السنة والأكراد يخافون منهم، حيث اشتهروا بالطائفية وارتكاب الجرائم، أما ادعاؤهم بأنهم مطيعون للدولة، فإن هناك مقولة عراقية هي أن هناك 4 مرجعيات للقانون: الحكومة والسلطات الدينية والقبائل والحشد".
وتقول الصحيفة إن "الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ينكر أنهم يقعون تحت سيطرة إيران، أو أنهم طائفيون، حيث يجلس مرتديا عمامة بيضاء وعباءة سوداء، ويجيب عن الأسئلة بسرعة وببلاغة، ويظهر اعتدالا لا يتماشى مع ماضيه العنيف، حيث شكل عصائب أهل الحق بعد أن انشق عن مقتدى الصدر عام 2004، التي اكتسبت سمعة بشراستها وعلاقتها مع إيران، وكان البريطانيون قد اعتقلوه عام 2007، ثم تم إطلاق سراحه مقابل رهينة بريطاني عام 2010، وكان حريصا في مقابلة أجرتها معه (إندبندنت) في مكتبه في النجف، على أن يشدد بأن مجموعته ليست طائفية ولا تابعة لإيران، ويقول، ردا على اتهامهم بالقتل الطائفي: (إنها إحدى كذباتهم.. لم يكن هناك تطهير طائفي، أنا أصر أننا لم نجلب عائلات شيعية إلى مناطق السنة)".
وينقل الكاتب عن خزعلي، قوله إنه يجب على القوات الأمريكية مغادرة العراق؛ لأنه لم تعد هناك حاجة إليها، وأضاف: "لا يريدون المغادرة، لكن يمكننا أن نجبرهم على المغادرة.. لدينا خبرة في المقاومة.. وإن كان هناك تفويض من البرلمان أو الشعب العراقي فإننا سنقف في وجه ذلك"، ويعلق كوكبيرن قائلا إن "هذا هو الكابوس الذي يخشاه العبادي بأن يبدأ مقاتلو الحشد في قتل الجنود الأمريكيين".
وقال خزعلي فيما يتعلق بدور إيران وسليماني في كركوك، إنهما دعما العبادي والقوات الحكومية العراقية، وأراد سليماني أن يمرر رسالة للأكراد، مفادها أن العبادي يعني ما يقول، أما عن مستقبل الحشد، فرأى أنه يجب دمج مقاتليه في الجيش العراقي، وعدم تدخلهم في السياسة، وقال إن سرعة حصول ذلك تعتمد على المدة التي تبقى فيها المواجهة مع الأكراد قائمة، حيث ستحتاج الحكومة إلى قوات كثيرة، بما فيها الحشد.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى تعليق خزعلي قائلا إن الشيعة والأكراد عملوا معا بعد الغزو الأمريكي؛ لأنهما كانا المكونين الواقعين تحت الظلم في عهد صدام، لكن "الآن تفكك هذا التحالف بسبب الاستفتاء، وتصعب إعادة بنائه، فربما يكون على الشيعة النظر إلى العراقيين السنة لشراكة في إدارة العراق".
ماكين: نحتاج إلى استراتيجية للشرق الأوسط
فورين بوليسي: لماذا تبقي أمريكا قواتها بعد هزيمة "الدولة"؟
فايننشال تايمز: هكذا سيصبح سقوط الرقة مكسبا للنظام وإيران