نشرت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية تقريرا تناولت فيه افتتاح الرئيس التركي، رجب طيب
أردوغان لخط
سكة حديدية، وهو ما يعد خطوة في
مشروع تجاري عملاق يربط بين أوروبا والصين. ويعد هذا المشروع الضخم نتيجة تعاون بين
تركيا والصين، التي أصبحت قوة اقتصادية لا يستهان بها.
وقالت الصحيفة في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الرئيس أردوغان تمنى في مراسم تدشين المشروع قبل أيام مع نظيريه الأذربيجاني والجورجي أن تكون هذه الخطوة بمثابة بداية عصر جديد من
التجارة العالمية. وفي هذا الصدد، قام أردوغان بافتتاح خط السكة الحديدية، الذي أطلق عليه "بي تي كيه".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الخط يربط بين سواحل أذربيجان المطلة على بحر قزوين والعاصمة الجورجية تبليسي، ويمتد حتى مدينة قارص الواقعة في شمال تركيا. ويعتبر "خط الحرير الجديد" أهم حلقة في المشروع الضخم الذي يربط
الصين بأوروبا.
وذكرت الصحيفة أنه قديما كان الطريق التجاري الممتد من مدينة الأناضول وحتى وسط آسيا والصين بمثابة أهم مركز للتجارة العالمية، حيث كانت القوافل تمر فيه محملة بالحرير والخزف والتوابل إلى الغرب، وتعود محملة بالذهب والفضة والأصواف إلى الشرق. وبغض النظر عن تلك النظرة التقليدية للتجارة، جاء طريق الحرير نتيجة صعود الصين كقوة اقتصادية تحاول ربط شرق آسيا بأوروبا. وقد بدا ذلك جليا منذ افتتاح الصين لخدمات السكك الحديدية التي تربطها بغرب أوروبا عبر كازاخستان وروسيا.
وأفادت الصحيفة أن الجزء الخاص بتركيا في هذا المشروع تأخر انطلاقه لسنوات عديدة، مع العلم أنه سيتم تجنب التواصل مع روسيا وإيران بهدف درء أي اضطرابات من شأنها أن تؤثر على نقل البضائع. وفي هذا الشأن، ستنطلق الرحلة من الصين وحتى كازاخستان. ومن هناك، ستنقل السفن البضائع عبر بحر قزوين باتجاه أذربيجان ثم تنطلق مباشرة إلى الغرب. والجدير بالذكر أن الخط الرابط بين تركيا وجورجيا يبلغ طوله حوالي 800 كيلومترا، حيث بلغت تكلفته حوالي مليار دولار، تحملت حكومة أذربيجان كافة نفقاته.
وأكدت الصحيفة أنه سيتم نقل البضائع والركاب من الشرق وحتى مدينة قارص من خلال خطوط السكك الحديدية التركية من أجل إتمام عملية نقلهم إلى الغرب. بالإضافة إلى ذلك، ستتم عملية النقل بسهولة من آسيا إلى أوروبا من خلال نفق السكك الحديدية البحري تحت مضيق البوسفور "مرمراي"، والذي تم افتتاحه قبل أربعة سنوات.
وفي نفس السياق، سوف تستغرق الرحلة انطلاقا من الصين وحتى تصل أوروبا من خلال خط الحرير الجديد حوالي 15 يوما.
وأضافت الصحيفة أن كلا من تركيا وأذربيجان وجورجيا يسعون إلى نقل قرابة مليون راكب وستة ملايين ونصف طن من البضائع خلال السنة الأولى من بدأ المشروع. وخلال السنوات القادمة، ستزداد حركة القطارات من خلال إجراء المزيد من التوسعات. ومن جانبه، صرح الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف أن الدول الثلاثة تسعى لزيادة حركة الشحن إلى 17 مليون طن في السنة.
وأبرزت الصحيفة أن الدول الثلاثة تأمل في انتعاش حركة التجارة في مناطق دول القوقاز ووسط آسيا وأوروبا، نتيجة طريق الحرير الجديد. وفي الوقت ذاته، تسعى الحكومة التركية من خلال تدشين المشروع إلى دفع عجلة الاقتصاد في المناطق الفقيرة شمال شرقي البلاد.
ومن جانبه، يرى وزير النقل التركي، أحمد أرسلان ضرورة إنشاء مناطق دعم لوجيستي في شرق الأناضول، فضلا عن تعزيز حركة التجارة بين الصين وتركيا.
وأشارت الصحيفة أن طريق الحرير الجديد سوف يعزز مكانة تركيا باعتبارها معبرا دوليا هاما للطاقة والتجارة، بفضل وجود شبكة أنابيب الغاز والنفط التي تمر عبر الأناضول. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر مضيق البوسفور أهم المعابر المائية في العالم. كما تسعى تركيا لأن تكون الحلقة الأهم في حركة الطيران العالمية من خلال إنشاء مطار إسطنبول الدولي الجديد.
وبذلك، ستتلقى تركيا دفعة قوية في سياستها التجارية، نظرا لتراجع الصادرات التركية خلال الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، نتيجة التوترات التي واجهتها تركيا مؤخرا على صعيد السياسة الخارجية مع ألمانيا وأمريكا بالإضافة إلى الانخراط في صراعات في سوريا والعراق.
وفي الختام، تناولت الصحيفة تصريحات أردوغان في مراسم تدشين المشروع في أذربيجان، حيث قال إن "هذه الخطوة تعد مهمة للغاية"، نظرا لأن خط الحرير الجديد هو جزء من عملية ربط قارة آسيا بقارتي أوروبا وأفريقيا. كما يأمل أردوغان في أن تبدأ القطارات بالعمل في أقرب وقت ممكن.