أثار قائد الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، حديث
الإعلام في
مصر عن "القناة التلفزيونية" الإخبارية الجديدة، التي أعلن عنها قبل أيام، في سابقة من نوعها لرئيس مصري عن تدشين قناة إخبارية "غير حكومية".
وكشف مصدر مطلع لـ"عربي21" أن القناة الإخبارية المقصودة "هي قناة دي إم سي dmc، إحدى مجموعة قنوات دي إم سي التابعة لشركة دي ميديا للإنتاج الإعلامي، المملوكة للمخابرات الحربية".
وأشار إلى أن "التغييرات التي حدثت خلال الشهرين الماضين، والتي شملت رئيس المجموعة التنفيذي، عماد ربيع، وآخرين، كانت بسبب سوء الاستغلال، والتباطؤ في الانتهاء من القناة الإخبارية، وفشل القناة العامة وقناة الرياضة في خلق جمهور كبير لهما".
القناة دون عقود للعاملين
وأكد المصدر أن "الرئيس التنفيذي الجديد، المنتج هشام سليمان، أخبرهم خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، الأسبوع الماضي، أن القناة المقصودة هي (دي إم سي ) الإخبارية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك "حالة من التذمر بين العاملين في المجموعة؛ بسبب "عدم وجود عقود رسمية مع الشركة تضمن حقوقهم، أو تأمينات اجتماعية أو صحية".
وأعلن السيسي، خلال لقائه مع مجموعة من ممثلي وسائل الإعلام، في ختام فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، الأربعاء، أنه يتم الإعداد حاليا لإطلاق قناة تلفزيونية إخبارية مصرية ذات مستوى عالمي قريبا، مشيرا إلى أن مثل هذه القنوات ذات المستوى العالي تحتاج إلى تكلفة مالية كبيرة.
لماذا ستفشل قناة السيسي
وتعليقا على إعلان السيسي، قال المدير العام لقناة مكملين الفضائية، أحمد الشناف، لـ"عربي21": إن "أي نظام مستبد يدرك أهمية الإعلام وتأثيره وقدرته على التلاعب بعقول الجماهير، وتزييف الحقائق؛ ليبدو الأمر في الإعلام غير الواقع، مثلما قال سائق التوك توك "نتفرج على التلفزيون نلاقي مصر فيينا.. ننزل في الشارع نلاقيها بنت عم الصومال".
مشيرا إلى "حرص نظام السيسي على السيطرة على الإعلام بمختلف منافذه، سواء كان مطبوعا أو مسموعا أو مرئيا أو إلكترونيا؛ ليكون المتحكم في صناعة المعرفة والوعي لدى المواطن" .
وتوقع الشناف أن يفشل مشروع السيسي الإعلامي الجديد، قائلا: "أتوقع فشل القناة الإخبارية الجديدة التي أعلن عنها السيسي؛ لأنها لن تستطيع نقل الحقائق في الشارع، وسيكون سقفها في التناول صغار الموظفين، والمشاكل الصغيرة، ولن تتطرق للمشاكل الكبرى، مثل البطالة والفساد وأزمة رغيف العيش، وتلوث المياه وتدني مستوى التعليم والصحة".
وتابع: "والإعلام في مصر الآن تحت مقص الرقيب العسكري المتواجد في كل مؤسسة إعلامية تعمل داخل مصر، ويمارس صلاحيات تعلو صلاحيات رئيس التحرير، أو مدير التحرير نفسه، ولا مجال لإعلام قوي دون حرية" .
تصرف أحمق
من جهته، وصف الخبير في مجال الإعلام، حازم غراب، إعلان السيسي عن القناة الإخبارية الجديدة "بالخبل الإخباري ما بعد خبل دي إم سي الدرامي، كخبل المؤتمرات واللقطات والتصريحات الهبلة (البلهاء)"، ويأتي ضمن الخبل الثقيل الذي لم يسبقه إليه مخبول آخر".
وقال لـ"عربي21": "إنهم يتصورون أن الميديا مثل شربة الشيخ محمود تشفي كل الأمراض، فلا ماسبيرو (التلفزيون المصري)، ولا صوت العرب (الإذاعة المصرية)، ولا دريم (قنوات فضائية)، ولا باقي قنوات رجال أعمال النهب نفعوا مبارك".
وأعرب عن اعتقاده بأن "السيسي لا أظنه استشار أيا من الأذرع (النجسة)، كياسر رزق، أو ياسر عبد العزيز، أو حتى المدلس عماد أديب. من سوء حظه أن محمد حسنين هيكل (الكاتب المعروف) مات. لو كان حيا لنهاه عن هذا؛ برغم تدليسه منذ الخمسينيات وحتى تحريضه على الانقلاب".
سقوط إعلام السيسي
من جهته، رأى مدير الأخبار بإحدى القنوات المصرية المعارضة، عمرو رضوان، أن إعلان السيسي "هو نتاج طبيعي لحالة الفشل التي ما زالت فيها القنوات الإخبارية المصرية، على الرغم من انطلاق قنوات جديدة لرجال أعمال محسوبين على النظام، لكنه لم تحقق ما يصبو له السيسي ونظامه من القوة والتأثير، خاصة إقليميا وخارجيا".
وفيما يتعلق بمخالفة السيسي لكل الأعراف بالإعلان عن القناة الإخبارية الجديدة، أضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "النظام المصري الموجود ما بعد الانقلاب يقوم على السيطرة على كل وسائل الإعلام، وهي سمة كل الأنظمة العسكرية المستبدة، وقضية الحياد والاستقلال المهني أمر انتهى مع نهاية حكم الثورة المصرية".
وأكد أن فقدان القنوات المصرية للمصداقية "دفع المشاهد إلى متابعة القنوات المعارضة، كمكملين وغيرها، أو القنوات الإقليمية كالجزيرة وفرنس 24 و بي بي سي، وهو حسب اعتقادي ما جعل السيسي يتحدث عن إنشاء قناة إخبارية عالمية لم تتحقق في القنوات المحسوبة عليه، والتي انطلقت خلال العامين الماضين".