نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن بداية الصراع من أجل السيطرة على موارد الطاقة في شمال سوريا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن روسيا انتقدت بشدة خطة الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى من خلالها إلى الحفاظ على وجودها العسكري في شمال سوريا، حتى بعد هزيمة تنظيم الدولة.
ووصف البرلمان الروسي سياسة واشنطن المتبعة في الأراضي السورية بأنها "محاولة للحفاظ على وضعية ملائمة" في منطقة الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن المراقبين يعتقدون بأن القواعد العسكرية الأمريكية التي تتمركز على الأراضي السورية لا يعد السبب الرئيس وراء "المساومة" الروسية الأمريكية.
ففي الواقع، يتمثل محور الخلاف بين القوتين في كيفية توزيع الموارد الطاقية في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الأكراد.
ونقلت الصحيفة تصريح رئيس اللجنة الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، كونستانتين كوساشيف، ردا على الأخبار التي تفيد بأن القيادة الأمريكية تعتزم الإبقاء على نفوذها العسكري في المناطق الشمالية السورية.
وفي هذا الصدد، أقر كوساشيف، بأن "هذه التحركات تؤكد انتقال الأطراف المتناحرة إلى المرحلة النهائية، حيث تسارع العديد من الجهات إلى حجز مناطق نفوذ، بهدف التأثير في عملية التسوية السياسية في سوريا. في الأثناء، تحاول الولايات المتحدة الانتقال بشكل سريع للغاية إلى المحطة الأخيرة في صلب مسار العملية السورية. وقد أكدت القمة الثلاثية التي جمعت بين زعيم كل من روسيا، وإيران، وتركيا في سوتشي، بوضوح هذا المعطى".
وأفادت الصحيفة نقلا عن فلاديمير شامانوف، رئيس لجنة مجلس الدوما الروسي لشؤون الدفاع، بأن عملية التسوية في إطار الأزمة السورية في مرحلة ما بعد القضاء على الإرهاب، ستبقى رهينة جملة من العوامل فضلا عن القرارات التي تتخذها "القوى الثالثة"، أي الولايات المتحدة.
وفي حين قد تبدو تصريحات السياسيين الروس شديدة اللهجة، إلا أن موسكو، وفي إطار استراتيجيتها طويلة الأمد في سوريا، لم تتغاض عن احتمال رغبة واشنطن في الحفاظ على مواقعها في المناطق الشمالية التابعة للقوات الكردية.
وذكرت الصحيفة أن الإجراءات التي تتبعها وزارة الدفاع الأمريكية تحيل إلى حقيقة تنامي الوجود العسكري في منطقة الشرق الأوسط.
ولفتت صحيفة "المونيتور" الأمريكية الانتباه إلى التقرير الفصلي الذي قدمته دائرة شؤون الموظفين.
ووفقا لهذه الوثيقة، سجل عدد العسكريين وجنود الاحتياط، والمدنيين التابعين للولايات المتحدة المتمركزين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (بما في ذلك في سوريا والعراق)، في النصف الثاني من سنة 2017، زيادة بنسبة 33 في المئة مقارنة بالنصف الأول من السنة نفسها.
وأوردت الصحيفة أن المراقبين الأتراك شددوا على أن تموقع القواعد الأمريكية في سوريا، طويل الأمد، ليس موضع جدل.
وفي هذا الصدد، أوضح المحلل السياسي، كريم هاس، أنه "لا أحد سيثير جدلا بشأن وجود القواعد الروسية في سوريا في فترة ما بعد الحرب. وبالتالي لن يكون تمركز القواعد الأمريكية في البلاد موضع نقاش".
في المقابل، يكمن محور المفاوضات في الهيكل الإداري للدولة السورية، والنفوذ الذي يمكن للأكراد الحصول عليه، ناهيك عن مسألة كيفية توزيع موارد الطاقة التي تحظى بجانب كبير من الاهتمام، خاصة في ظل انتشار حقول النفط في شمال سوريا.
وأردف المحلل السياسي هاس، بأن روسيا تحث الأكراد على الاعتماد على دمشق في ثلاثة مجالات رئيسة، ألا وهي، المجال العسكري والسياسة الخارجية، والطاقة.
وفي الأثناء، يعتقد هاس أن إصرار موسكو على ارتباط الأكراد بدمشق، وبشكل غير مباشر بروسيا، فيما يتعلق بالموارد الطاقية، يهدف إلى إبقاء الأكراد في تبعية.
وأضافت الصحيفة أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، الذي يعتبر من بين القوى المؤثرة في شمال سوريا، يعتقد أن ترتيبات ما بعد الحرب تعتمد بالأساس على نتائج مؤتمر شعوب سوريا، المقرر عقده في سوتشي، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وفي هذا الصدد، أورد ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في موسكو، عبد السلام علي، أنه "في حال أصبح الأكراد جزءا من عملية التسوية في سوريا، فلن تكون هناك حاجة للوجود الأمريكي في شمال سوريا. يكمن حل المعضلة السورية في يدي كل من روسيا والولايات المتحدة، إلا أن موسكو تعد بمثابة اللاعب الرئيسي في المنطقة".
وأوضحت الصحيفة أن ثلة من الخبراء الروس يعتقدون أن الوجود العسكري للولايات المتحدة في سوريا على المدى الطويل، يعتبر أحد العوامل التي تعقد المنظور الروسي لسوريا ما بعد الحرب.
وفي هذا الإطار، صرح مدير مكتب "المونيتور" في روسيا، مكسيم سوتشكوف، قائلا: "أعتقد أن موسكو تدرك أن ممارسة ضغط مباشر على واشنطن لسحب قواتها من سوريا أمر غير ممكن، ففي الواقع، لا يعدو التمركز العسكري للولايات المتحدة في سوريا أن يكون سوى وسيلة من أجل الحصول على موطئ قدم في البلاد، بهدف التأثير على مسار التحول في المنطقة في فترة ما بعد الحرب، وتحويل هذا الوجود إلى "رأسمال سياسي" في جنيف، فضلا عن مواصلة الضغط على إيران".
وفي الختام، تطرقت الصحيفة إلى دور موسكو في إقناع جميع القوى الخارجية، بما في ذلك تركيا وإيران، بضرورة العمل على اعتبارهم مراقبين، وضامنين للمفاوضات السورية الداخلية، فضلا عن ممارسة تأثير بناء على الأطراف الموالية لها.
بزنس إنسايدر: هل هزم تنظيم الدولة عسكريا بالعراق وسوريا؟
ديلي بيست: بوتين يكوّن تحالفا مؤيدا للأسد.. ماذا عن واشنطن؟
بلومبيرغ: هل سيبقى ترامب بسوريا؟