أغلقت السفارة الأمريكية بتونس أبوابها، وصدرت تعليمات لموظفيها ولأفراد الجالية بملازمة الحذر. التونسيون غاضبون بسبب إعلان الرئيس ترامب نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس، في تحد للقوانين والأعراف الدولية. وفي خطوة ذات دلالة، استدعى رئيس الدولة؛ السفير الأمريكي، وأبلغه احتجاج تونس على هذا القرار. كما سيكون للسبسي جلسة عمل مع الرئيس الفرنسي ماكرون؛ للبحث في كيفية إقناع البيت الأبيض بالتراجع عن هذا الموقف.
وقد سبق للرئيس الحبيب بورقيبة أن اتخذ موقفا أكثر قوة وصرامة؛ بعد الاعتداء على مقر القيادة الفلسطينية بضاحية حمام الشط، التي أصبحت تسمى حمام الشهداء، عندما قاد إيهود باراك؛ عملية عدوانية كان الهدف منها اغتيال الرئيس عرفات خلال اجتماعه بقادة منظمة التحرير. في ذلك الوقت، استقبل بورقيبة السفير الأمريكي وبقي واقفا، وأعلمه بأنه في حال استعمل البيت الأبيض حق الفيتو للحيلولة دون إدانة إسرائيل من قبل مجلس الأمن، فإنه (أي بورقيبة) سيعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وسيجر وراءه كل الدول العربية المعتدلة للاقتداء به. وكان يومها الباجي قايد السبسي وزير الخارجية الذي فوجئ بحزم بورقيبة، وسأله: هل أمضي في هذا الطريق إلى الآخر؟ فجاءه الجواب بنعم. وفعلا، لم ينم الرئيس التونسي وبقي ساهرا إلى أن تم إعلامه بأن أمريكا لم تستعمل الفيتو، واكتفت بالاحتفاظ بصوتها، حيث تمت إدانة إسرائيل على اعتدائها على السيادة التونسية.
تخلى الجميع عن حساباتهم الضيقة ومناوراتهم السياسية، وفي مقدمتهم حركة النهضة
لقد عاد الخطاب المعادي لأمريكا بقوة إلى أجواء الساحة التونسية، وارتفعت الأصوات مجددا للمطالبة بطرد السفير الأمريكي وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة
لقد عاد الخطاب المعادي لأمريكا بقوة إلى أجواء الساحة التونسية، وارتفعت الأصوات مجددا للمطالبة بطرد السفير الأمريكي وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة. لم يقتصر هذا الأمر على قادة "الجبهة الشعبية"، وإنما رددته أحزاب أخرى وجماهير واسعة، وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تأخذ الكثير من الاحتياطات للحيلولة دون الاقتراب من مختلف المؤسسات الأمريكية الموجودة بتونس. فحادثة الاعتداء على السفارة الأمريكية التي تمت من قبل؛ لا تزال ماثلة أمام أعين الجميع، ولم يتم مسح آثارها حتى اليوم.
اليوم لا يواجه الرئيس الأمريكي غضب الفلسطينيين لوحدهم، وهو غضب مرشح لكي يتحول إلى انتفاضة ثالثة ضد العدو الإسرائيلي، ولكن العنجهية التي يتعامل بها مع القضايا الخطيرة والمتفجرة؛ ستدفع بمئات الملايين من المسلمين، إلى جانب أحرار العالم، إلى نوع من القطيعة النفسية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية. إنه يقود بلاده إلى إشعال حرب باردة، وقد تنقلب إلى ساخنة في بعض الأحيان، بينها وبين العالم الإسلامي، وذلك في ظرف يحاول فيه من تبقى من العقلاء إبعاد العالم عن دائرة صراع الحضارات وحرب الأديان. فهذا المنطق مهدد للسلام، وموقظ للأحقاد، ومدمر لقيم التعايش.
ما بين موت صالح وقرار ترامب الطالح
الحريري يُلبس "المستقبل" كوفية القدس
تهويد القدس مسنود بالثورة المضادة