نشرت صحيفة "تاغس تسايتونغ" الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى مصير سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة، الذي خسر جزءا كبيرا من مناطق نفوذه، ومؤخرا، أعلن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة عن نهاية الحرب الدائرة على الأراضي السورية منذ أكثر من ست سنوات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن كل التقارير الإعلامية تشير إلى نهاية الحرب التي تدور رحاها في سوريا منذ ست سنوات، ومؤخرا، أعلن كل من الجيش الأمريكي والروسي، بالإضافة إلى المجموعات الكردية أن تنظيم الدولة خسر آخر معاقله في سوريا. من هذا المنطلق، تيقن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة أن خصمه قد انهار، لتقوم كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بسحب جزء من قواتها المتمركزة في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن مختلف الأطراف غضت الطرف عن حقيقة أن الحرب السورية قد اندلعت على خلفية مظاهرات حاشدة كانت تطالب بسقوط النظام السوري في سنة 2011، آنذاك، استغل تنظيم الدولة انتفاضة الشعب السوري للسيطرة على بعض المناطق في سوريا بهدف إنشاء "دولة الخلافة".
وأوضحت الصحيفة أنه بعد انسحاب تنظيم الدولة من الأراضي السورية، أصبحت البلاد أشبه بمناطق نفوذ مقسمة إلى أجزاء. وفي هذا الصدد، يسيطر النظام السوري على المدن الكبرى في غرب البلاد وعلى الصحراء، جنوب وغرب نهر الفرات، في حين تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على المناطق الواقعة في شمال شرق نهر الفرات. أما المعارضة السورية، فيمتد نفوذها في بعض المناطق في غرب وجنوب البلاد.
وأوردت الصحيفة أن معظم الأطراف المشاركة في الحرب غير راضية بشأن ما آلت إليه الأمور. ويبدو أن أغلب مفاوضات السلام سيكون مصيرها الفشل خاصة وأن قوات المعارضة لا زالت تطالب بتنحي الرئيس السوري، بشار الأسد، عن السلطة على الرغم من أن ذلك أمر يصعب تحقيقه.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت هدفها في سوريا، حيث تمكنت من تنظيم الدولة، إلا أن مخطط الإدارة الأمريكية الجديدة في سوريا لا يزال غير واضح. من جانب آخر، قد يُحول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المناطق التي سيطر عليها بمعية قوات سوريا الديمقراطية إلى مسرح صراع ضد إيران.
وأفادت الصحيفة أن الأسد أعرب في العديد من المناسبات عن استعداده لاسترجاع كل شبر من الأراضي السورية، غير أن الأمر شبه مستحيل من دون مساندة روسية وإيرانية. من جهتها، لا ترغب موسكو وإيران في مواصلة الحرب من أجل الأسد، حيث يسعى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سحب جزء من قواته من الأراضي السورية والحفاظ على ما حققه من مكاسب خلال الحرب.
وتابعت الصحيفة أن كلا من روسيا وإيران ستحاولان إعادة تقسيم سوريا بشكل يسمح بـ"إحلال السلام" والركون إلى هدنة في البلاد، في حين تبقى مسألة نشر الديمقراطية في سوريا مجرد حلم يصعب تحقيقه، خاصة في ظل استمرار الحرب. وفي الوقت الراهن، يبدو أن التوصل إلى هدنة بين مختلف الجهات المتقاتلة يعد الأمر الأقرب إلى التنفيذ على أرض الواقع.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الروسي بوتين قد يبادر بحث حليفه بشار الأسد على تقديم تنازلات من أجل تحقيق هدنة في حال تعذر التوصل إلى السلام التام في البلاد. من ناحية أخرى، يجب على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، العمل على التأثير على قوات المعارضة التي تسيطر على ضواحي دمشق، في حين ينبغي وضع نظام حكم مؤقت خاص بالأكراد.
وبينت الصحيفة أن الأقلية الكردية تعتبر الطرف الوحيد المستفيد من الحرب؛ فقبل اندلاع الحرب، كانت هذه الطائفة تمثل أقلية منبوذة لا تتمتع بحق المواطنة. أما في الوقت الراهن، يستعد الأكراد إلى إنشاء منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا، وذلك من خلال التنسيق مع الأسد، فيما يسعى أردوغان إلى الحيلولة دون تمتع الأكراد بالحكم الذاتي، إلا أن مساعيه قد تكلل بالفشل، نظرا للصمود الذي أبداه الأكراد في مدينة عفرين.
وذكرت الصحيفة أن جيش النظام على وشك الدخول إلى مدينة عفرين، وفي هذه الحالة، ستتضح مدى قدرة بوتين على إجبار أردوغان على التوصل إلى حل وسط مع الأكراد، مما سيعد بمثابة انتصار بالنسبة لروسيا، الحاكم الفعلي في سوريا.
هل تكون إدلب الخطوة التالية للنظام السوري عسكريا؟
فايننشال تايمز: كيف ستتعامل أوروبا مع الجهاديين العائدين؟
ما الامتحان الذي يواجهه أكراد سوريا بعد تنظيم الدولة؟