منذ
إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، لم تتوقف
تصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية عن فقدان الولايات المتحدة أهليتها لرعاية عملية
السلام، وبذلك "ترفض السلطة الفلسطينية التعامل مع الإدارة الأمريكية في عملية
التسوية"، وفق ما صرح به رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في اجتماع القيادة
الفلسطينية، يوم أمس الاثنين، في رام الله.
وكان
وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، قال إن "السلطة الفلسطينية لن تنسحب من
عملية التسوية، وهي بصدد البحث عن مرجعية دولية بديلة عن واشنطن".
ويطرح
غياب الولايات المتحدة الأمريكية عن المشهد السياسي الفلسطيني تساؤلات حول قدرة أي
من الدول الأخرى على تعويض غياب الدور الأمريكي، وهل ستسمح واشنطن لدول مثل
روسيا أو الاتحاد الأوروبي بسد الفراغ الذي تركته في مشروع السلام الفلسطيني الإسرائيلي، الممتد لأكثر من ربع قرن منذ توقيع اتفاق أوسلو للسلام عام 1993.
رفض
أمريكي لأي تدخل خارجي
بدروه، قال
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، عدنان أبو عامر، إنه "وحتى هذه اللحظة
لا يبدو أن هناك طرفا دوليا يرغب في الدخول على خط رعاية عملية التسوية بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، في ظل الرعاية الأمريكية الحصرية لعملية السلام، على اعتبار أن تدخل
أي طرف سيقابل باعتراض أمريكي، وهي ستفشل (الولايات المتحدة) أي وساطة بديلة لها،
سواء كانت من روسيا أو الصين أو الاتحاد الأوروبي".
وأضاف
المحلل السياسي، في حديث لـ"عربي21": لذلك فإن "دعوات السلطة الفلسطينية
بالبحث عن راع جديد لن تجد لها أصداء إيجابية لدى تلك الدول، إلا إذا رغبت واشنطن بذلك، وهذا أمر مستبعد".
وتابع أبو عامر بأنه "ووفق ما لدي من معطيات
ومعلومات، فإن أي من هذه الدول ليست راغبة حتى اللحظة في الدخول على الخط الأمريكي، ما يتطلب من السلطة العمل على الخروج من هذه العملية كلها برمتها، رغم ما قد تدفعه
من أثمان، وإلا فإنها ستقابل بمزيد من الضغوط الأمريكية المتتالية".
ضعف
الخيارات البديلة
بدروه، قال وزير الثقافة الفلسطيني السابق، إبراهيم أبراش، إن "تهديد رئيس السلطة بقطع
العلاقات مع واشنطن يأتي في سياق ردة الفعل، بل إن السلطة الفلسطينية لا تستطيع قطع
العلاقات مع واشنطن؛ نظرا لعدم وجود أي دولة تستطيع أن تلعب الدور الذي كانت تمارسه
واشنطن في عملية التسوية، فروسيا على سبيل المثال لا تمتلك دورا مؤثرا على طرفي الصراع
(فلسطين _ إسرائيل) تستطيع من خلاله فرض معادلتها للوصول لتسوية حقيقية، مقارنة بما
تقدمه الولايات المتحدة من دعم مالي للسلطة الفلسطينية وإسرائيل".
وأوضح
أبراش، في حديث لـ"عربي21": أما "الخيار الثاني أمام راع جديد للسلام فهي فرنسا، ممثلة بالاتحاد الأوروبي، لكنها فشلت قبل عامين في عقد مؤتمر دولي للسلام، وهو ما يعطي انطباعا عن ضعف الدول الأوروبية في التأثير على فلسطين وإسرائيل على حد
سواء".
وتابع
الوزير السابق بأن "الخيار الأمثل المتوفر أمام السلطة الفلسطينية هو إعادة تفعيل
اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم كلا من (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد
الأوروبي وروسيا)، وهي معادلة قد تكون غير منطقية؛ نظرا لتباين المصالح وتوجهات كل طرف
من هذه الأطراف".
ضغوط
أمريكية
أما
أستاذ الإعلام في جامعة النجاح في الضفة الغربية، نشأت الأقطش، فيرى أن "أقوى
الدول التي قد تتحرك لقيادة مشروع التسوية بعد الولايات المتحدة هي روسيا، وفي حال حدوث
ذلك، فإنه سيشكل انتكاسة جديدة في وجه السلطة الفلسطينية؛ نظرا لأن الروس منحازون للجانب
الإسرائيلي بشكل واضح، كما أن إسرائيل تمتلك أدوات ضغط على روسيا قد تجعل منها طرفا
غير نزيه في مشروع التسوية".
وأضاف
الأقطش في حديث لـ"عربي21" أن "الإدارة الأمريكية لن تقبل أن تصر السلطة
على رفضها بالعودة للمفاوضات؛ نظرا لأنها تسعى لتحقيق إنجاز سياسي ينهي هذا الصراع قبل
نهاية ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وبيّن
الأقطش أن" الولايات تمتلك العديد من أدوات الضغط التي قد تمارسها على السلطة، منها
وقف المساعدات الدولية الممنوحة للسلطة الفلسطينية من خلال استصدار قرار من مجلس الأمن
بأن السلطة ترفض الالتزام بما نصت عليه الاتفاقيات الدولية، وهذا ما قد يعرض السلطة
لعزلة دولية ستكون هي الخاسر الأكبر على الصعيد السياسي والاقتصادي والدبلوماسي".
خياط تونسي يتضامن مع القدس بطريقته الخاصة
هل انتهت مبادرة السلام العربية بعد "وعد ترامب"؟
"عربي21" تكشف تفاصيل صورة طفل أحاطه عشرات الجنود الصهاينة