يعكس مواصلة الحكومة الإسرائيلية سعيها الحثيث لتوطيد علاقتها المتشعبة مع الهند، مدى الإصرار الإسرائيلي وفق خبراء تحدثوا لـ"عربي21"، على إنعاش وتمتين تلك العلاقة التي تنبع من عدة دوافع وأهداف إسرائيلية وأمريكية.
علاقات متشعبة
ويقوم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بزيارة رسمية إلى الهند الأسبوع القادم وقد عادت العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1993، يبحث خلالها سبل تعزيز العلاقات المتشعبة (أمنية، عسكرية، اقتصادية..) بين "تل أبيب" ونيودلهي.
وتأتي هذه الزيارة عقب إلغاء الهند صفقتين للسلاح مع "إسرائيل"، كان آخرها قبل نحو أسبوع بقيمة نصف مليار دولار لشراء صواريخ إسرائيلية مضادة للدبابات.
اقرأ أيضا: إسرائيل مورد السلاح رقم 2 للهند.. بماذا زودت نيودلهي؟
وحول تنامي العلاقات العسكرية والأمنية بين "إسرائيل" والهند، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن هناك "تغيرا في سياسية الهند من الناحية الأيديولوجية، فاليمين الهندي الحاكم ينسجم تماما مع قوى اليمين النامية في عدد من دول العالم؛ ومن ضمنها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؛ ولذلك نشهد تغيرا نحو تل أبيب".
وأرجع في حديثه لـ"عربي21"، التغير في موقف الهند نحو الاحتلال إضافة للتغير الأيديولوجي في الحكم، إلى "وجود مصالح عسكرية، وإسرائيل معنية بتطوير هذا المجال، لأنه يدرّ على خزينتها نحو 9 مليارات دولار في السنة، وهذا مبلغ هائل بخصوص الصناعة".
ونوه مجلي، أن "ما سبق لا يعني أن الأمور ثابتة بينهما؛ فالهند إلى اليوم أبطلت صفقتين للأسلحة مع تل أبيب"، لافتا أنه "يوجد في الهند صراعات داخلية وخارجية، كما أن لها مصالح مع العالم العربي، الذي بدأ يسألها عن هذا الأمر، كما أن هناك صراعات داخلية في الهند بشأن تفشي البطالة".
إسرائيل والبدائل
وأضاف: "في الهند هناك حاجة لمصانع داخلية، لذلك نجدها لا تشتري أسلحة وإنما تشتري مصانع للسلاح، لتوفير فرص عمل لمواطنيها، وفي إسرائيل لا يتحمسون لهذا الشكل من التجارة؛ لأنه يكشف أسرار تلك الصناعة وخصوصا في أجهزة الرادار، ولا تتنازل إسرائيل للشركات الهندية في مجال إنتاجها؛ ولذلك ظهر الخلاف بينهما رغم أن العلاقات قوية".
وحول المردود الاستراتيجي لتوطيد العلاقة بين "إسرائيل" والهند، أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن "إسرائيل دائما ما تبحث عن بدائل بشكل مستمر، ومع أزمة علاقتها مع أوروبا هي تنظر إلى الشرق الأقصى، وتحاول أن تجد فيه بديلا للعلاقات الاقتصادية والسياسية".
وبخصوص باكستان التي تربطها علاقات متوترة مع الهند، لفت أن "إسرائيل تنظر لباكستان كدولة إسلامية معادية، وعلاقتها مع الهند تدخلها في إطار التعاون العسكري القائم في المنطقة، ضد باكستان"، موضحا أن "الهند بحاجة للخبرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية لمعرفة الأمور التي تدور هناك، كما أن تل أبيب معنية بمعرفة ما يدور في باكستان وأفغانستان، والهند مستعدة لهذا التعاون".
وذكر مجلي، أن "هناك سياسة جديدة في أمريكا يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفادها؛ أن الأمريكان يدفعون المال وليسوا بحاجة لأن يدفعوا الرجال، وهذا يعني أنها تريد أن تسحب قواتها من مختلف المناطق في العالم. وهناك مصالح يجب أن يحافظ عليها من تدفع لهم المال؛ وإسرائيل هي أكثر من يتلقى المال من واشنطن وكذلك أكثر من يستعد لتقديم تلك الخدمات لأمريكا".
باكستان والصين
وقال: "إسرائيل تتحول شيئا فشيئا إلى مأجورة لواشنطن في هذه الساحات، وهي مأجورة لها في محاربة الأمم المتحدة والعرب وإيران وغيرها"، مؤكدا أن "إسرائيل على استعداد أن تأخذ مقاولة على عاتقها وتقوم بهذا الدور، لذلك فإن العلاقة مع الهند ستكون درجة أعلى في القيام بهذا الدور خدمة لأمريكا، مقابل مكاسب سياسية على حساب القضية الفلسطينية".
اقرأ أيضا: الهند تلغي صفقة أسلحة مع إسرائيل بـ500 مليون دولار
وعقب التدخل العربي، "تعمل الهند على إجراء بعض الموازنة مع إسرائيل، لذلك فإن رئيس الوزراء الهندي سيصل هذا الشهر إلى الإمارات وقد يصل إلى فلسطين ويزور رام الله، لأنه يشعر أنه قد ارتكب حماقة عندما زار إسرائيل ولم يقم بزيارة السلطة الفلسطينية"، وفق الخبير الذي لفت أن "إلغاء الهند لصفقة السلاح الثانية، اعتبرتها إسرائيل بمثابة صفعة لزيارة نتنياهو".
من جانبه، أوضح المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، أن "إسرائيل التي هي ظل للسياسية الأمريكية، تعمل على تعزيز علاقتها بالهند، على حساب باكستان والصين".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "إسرائيل لا تستطيع أن تقيم علاقات ذاتية، إلا إذا كانت في ظل الهيمنة والسيطرة الأمريكية"، موضحا أن "إسرائيل تدعم الهند بكل ما يمكن أن يعزز موقفها ضد باكستان؛ التي أصبحت مرتعا لكل المعارضين للسياسة الأمريكية".
وإضافة لسعي "تل أبيب" بيع الأسلحة إلى الهند، لفت جعارة، أن "إسرائيل تدعي أنها تستطيع أن تقدم للهند تكنولوجيا وخبرات زراعية متقدمة؛ لكنها ليست ذات بعد استراتيجي".
إسرائيل مورد السلاح رقم 2 للهند.. بماذا زودت نيودلهي؟
ما فرص نجاح صفقة القرن ورؤية أمريكا للصراع العربي الإسرائيلي؟
قصف إسرائيلي لموقع عسكري يتبع حماس في غزة