قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن
الاحتجاجات الأخيرة التي وقعت في
تونس لا يمكن فهمها بعيدا عن فهم الدور الذي تقوم
به المؤسسات الدولة في الضغط على اقتصادها وفرض التقشف على بلد يعيش مرحلة
انتقالية.
وأوضحت الصحيفة في مقال للباحثة جيهن شاندول وهي إحدى المؤسسات للمرصد التونسي للاقتصاد إن مجموعة الثماني بعد قمتها في دوفيل
بفرنسا عام 2011 شكلت ائتلافا يضم بالإضافة إليها دول الخليج وتركيا وصندوق النقد
والبنك الدوليين لمعالجة الحالة الثورية في الدول العربية في ذلك الوقت.
وأشارت شاندول في المقال الذي ترجمته "
عربي21" إلى أن الائتلاف قدم قروضا
ضخمة إلى كل من تونس والمغرب والأردن واليمن ومصر وهي الدول التي شهدت ثورات
واحتجاجات كبيرة مقابل الدفع بمجموعة من الإصلاحات وهو الأمر الذي مكن صندوق النقد
من استغلال نقاط الضعف في تلك البلدان.
ولفتت إلى أن تونس لم تكن تملك هامشا
للمناورة بشأن الشروط التي فرضت عليها وأولت الشراكة مع "دوفيل" أهمية
قصوى لاصلاح
الاقتصاد علاوة على أن الدول الأخرى مثل الأردن والمغرب ومصر تعرضت
لما جرى مع تونس.
وقالت شاندول إنه وبمراجعة نتائج "دوفيل"
منذ 2011 يتبين أن الدين العام الخارجي لتونس ارتفع بشكل كبير من 41 بالمئة عام
2010 إلى 71 بالمئة عام 2018 مع تفاقم مدفوعات الديون التونسية لجميع المقرضين
الأجانب الذي منحوا فترات سماح بعد الثورة وتتطلب السداد الأن.
وأشارت إلى أن مدفوعات الديون ستصبح 22
بالمئة من موازنة البلاد عام 2018.
وبالإضافة لما تسببت
به "دوفيل" من ضغوط على اقتصاد تونس قالت شاندول إن بلادها طلبت قرضين
إضافيين من
صندوق النقد الدولي في الفترة ما بين 2012 و2016 ليتسبب هذا الأمر
بمزيد من تدابير التقشف التي زادت في أسعار السلع.
وأضافت "القرض
الثاني دفع صندوق النقد لممارسة ضغط مستمر على تونس وبالتحديد على البنك المركزي
لوقف التدخل في أسواق العملات للدفاع عن قيمة الدينار التونسي وهو ما تسبب في
انخفاض قيمة الدينار وزيادة الواردات مقابل الأزمة التي لحقت في الصادرات الرئيسية
وهي الفوسفات والسياحة وعجزها على تعويض التكاليف الجديدة.
وبسبب أن تونس تعد
بلدا مستوردا فقد ساهم هذا الإجراء بارتفاع الأسعار وزيادة نسب الدين العام والدين
الخارجي.
وأوضحت أن الصندوق طلب من الحكومة من أجل
تخفيض العجز في الميزانية اللجوء لتخفيض الإنفاق من خلال تجميد الوظائف والتقاعد
المبكر وتجميد الأجور في القطاع العام وزيادة إيرادات الدولة عبر ضرائب الإنفاق
غير المباشرة.
ولفتت إلى أن زيادات الأسعار تعمقت بعد
ارتفاع ضريبة القيمة المضافة وضرائب الاستهلاك.
وشددت شاندول على ان الطبقة الفقيرة والوسطى
تضررتا بشكل كبير بسبب هذه الإجراءات مع هجرة الأدمغة من البلاد لانخفاض قيمة
الدينار علاوة على تزايد الشعور بالظلم والذي غذاه التوزيع غير العادل للعبء
الضريبي وغياب الجهد الحقيقي لمعالجة الغش الضريبي والتهرب وارتفاع مستوى البطالة
وعدم المساواة في توزيع الثروة.
وأكدت الباحثة على أن الاحتجاجات المتزايدة
تؤكد أن الوضع الاقتصادي لم يعد مستداما لافتة إلى ما قالته منظمة احتجاجية في
تونس من أنه طالما واصلت البلاد الصفقات مع صندوق النقد الدولي فإننا سنواصل
كفاحنا ونحن نعتقد أن صندوق النقد ومصالح الناس متناقضة.