وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب على تعديل جديد لقانون الإجراءات الجنائية، يتضمن إلغاء الأحكام الغيابية، ثم يتم إعلان المتهم أكثر من مرة بموعد محاكمته الجديدة، ثم يصدر الحكم حضوريا حتى لو غاب المتهم.
لجنة الشؤون التشريعية والدستورية، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، أقرت المادة 234 بشأن إلغاء الأحكام الغيابية، بتعديلات مشروع قانون الحكومة بالإجراءات الجنائية، مساء الأحد، في انتظار تصويت البرلمان لإقراره.
أبو شقة، قال إن هناك توافقا عالميا على إلغاء الأحكام الغيابية، ووضع ضمانات مناسبة، مضيفا أن الأحكام الغيابية يتم استغلالها لتهريب المتهمين حتى صدور الأحكام، ثم العمل على إعادة المحاكمة ومد أمد القضية وبالتالي سقوط الدعاوى المدنية، ومن ثم صدور أحكام مختلفة للمتهمين بالقضية الواحدة.
وكان وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، النائب محمد الغول، قد كشف عن حقيقة هدف النظام من إجراء التعديل، وقال في تشرين الأول/أكتوبر 2017، بحوار لفضائية "الحياة"، إن "تعديل قانون الإجراءات الجنائية يسرع في إجراءات محاكمات الإرهاب".
وعقب كل حادث إرهابي يحدث بالبلاد كانت تثار المطالبات من سياسيين وقانونيين بإجراء تعديل على قانون الإجراءات الجنائية.
ويأتي التعديل، في ظل هروب أعداد كبيرة من المعارضين لنظام الانقلاب العسكري في مصر منذ منتصف 2013، داخل البلاد وخارجها، وخاصة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية وتصل حد الإعدام والسجن المؤبد ووصفتها منظمات حقوقية محلية ودولية بالمسيسة.
وأكد محامون وقضاة مصريون لـ"عربي21"، أن التعديل عبث وتسخير كل سلطات الدولة لخدمة شخص (رأس النظام عبدالفتاح السيسي)، وانتهاك صارخ بحق المتهمين، ويمثل مخالفات دستورية جمة، ويهدر كافة الحقوق والضمانات الدستورية، وأن النظام يختلق لمعارضيه قوانين تناسب التهمة الملفقة بحقهم.
لا يطبق بأثر رجعي
وحول احتمالات أن يطال هذا التعديل الهاربين من المعارضين ومن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم والذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام والمؤبد، قال المستشار محمد أحمد سليمان: "أولا: إن هذا ليس بقانون بل هذا عبث وتسخير كل سلطات الدولة لخدمة شخص".
وأكد القاضي المصري، لـ"عربي21": "وثانيا: فهذا القانون مخالف للدستور ولكل مبادئ العدالة"، مضيفا: "وإن اعتبرنا جدلا أن هذا العبث قانون؛ فهو يطبق بأثر مستقبلي بعد صدوره وإقراره".
وقطع سليمان، بأن تعديل القانون "لا يطبق بأثر رجعي"، موضحا أنه لن يطال من صدرت بحقهم أحكام قاسية من الهاربين من المعارضين ومن أنصار الإخوان المسلمين.
ليس الإخوان فقط
وقال رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجيل الجديد لحقوق الإنسان حمدي العزازي، إن "مصر لم تعد دولة قانون بالمفهوم الصحيح للقانون؛ لأن القانون يطبق في دولة مؤسسات وليست دولة الفرد الواحد، كما أن أغلب القوانين في مصر مسيسة وتخضع لمزاج السلطة التنفيذية".
الحقوقي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "القوانين في مصر بشكل عام في الغالب تعصف بالمعارضين أيا كانت انتماءاتهم وليس فقط من الإخوان المسلمين، والدليل على ذلك ما تعرض له قيادات بالجيش من الفريق أحمد شفيق، والفريق سامي عنان، والعقيد أحمد قنصوة".
العزازي، وصف ثلاثتهم بـ"الذين أصابتهم لعنة النظام"، مضيفا أن "النظام اختلق لهم قانونا خاصا يناسب التهمة الملفقة"، موضحا أن "هذا ليس دفاعا عن عنان أو شفيق أو قنصوة".
وأكد أنه "للأسف الشديد هذا حال الدول التي تحكم بنظم ديكتاتورية وفي غياب شعب نسي حق الحياة، شعب غيب واستجهل لعقود طويلة واستسلم تماما كالذبيحة بلا حراك أو دفاع عن النفس"، مضيفا أن "القوانين في مصر تطبق فقط على الضعيف ولا تطبق على الأقوياء والأغنياء".
انتهاك صارخ
وقال المحامي الحقوقي، أسامة بيومي، إن "التعديل يعد انتهاكا صارخا بحق المتهمين، ويمثل مخالفات دستورية جمة، ويهدر كافة الحقوق والضمانات الدستورية"، موضحا أنه "يتضمن إلغاء الأحكام الغيابية، بحيث يتم إعلان المتهم أكثر من مرة ثم يصدر الحكم حضوريا حتى لو لم يحضر".
بيومي، أشار تعليق له على "فيسبوك"، إلى أن "طرق الطعن في الأحكام حال صدور هذا التعديل ستكون، الاستئناف في قضايا الجنح، والنقض في الجنايات، والتظلم في أحكام محاكم أمن الدولة".
وأكد أن الأحكام الصادرة ستصبح واجبة التنفيذ إذا تم إيقاف الشخص في أي مكان حيث يتم أخذه وتنفيذ الحكم.
خمسة ملفات شائكة بين القاهرة والخرطوم
إنجازات السيسي الحقيقية.. الديون 79 مليار دولار والتضخم 31%
استقبال السيسي لأفورقي.. استفزاز للسودان وإثيوبيا أم رسالة؟