سلطت صحيفة
"دير شبيغل" الألمانية الضوء على السياسة
الصينية التي تتجه للتدخل في القرارات الأوروبية واستثمار فرصة تقلص النفوذ
الألماني في صلب
الاتحاد الأوروبي للاستحواذ على العديد من الشركات الصناعية
الأوروبية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن النفوذ الصيني طال الاتحاد الأوروبي، وأصبح للصين تأثير مثير للقلق في قرارات بعض
الدول في الاتحاد في ظل تراجع الدور الألماني لافتا إلى تحذيرات أطلقتها
المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، من استحواذ الصين على عدد من الشركات الصناعية
الأوروبية العملاقة، على غرار الشركة الألمانية لصناعة الروبوتات "كوكا".
وأشارت "دير شبيغل" إلى أن ميركل دعت
إلى إصدار قانون أوروبي يتيح مراقبة الاستثمارات الصينية على إثر تقرب الأخيرة من التشيك
واليونان. ولعل الأمر الذي يدعو للقلق هو أن بكين تحاول التدخل في القرارات
الأوروبية عبر تقديم الدعم المالي للحكومات الأوروبية الضعيفة، خاصة في أوروبا
الشرقية.
ونوهت إلى أن كلا من معهد "ميركاتور"
للدراسات الصينية والمعهد العالمي للسياسات العالمية في برلين قد أجريا دراسة بشأن
السياسة الاستراتيجية الصينية تجاه الدول الأوروبية. وقد توصلت هذه الدراسة إلى
نتيجة مفادها أن الصين بسطت نفوذها في الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الشأن أوردت
المختصة في العلوم السياسية، كريستين شي كوبفر، أن "الحكومات الأوروبية
مطالبة بالتزام الحذر من الصين بشكل أكبر من روسيا".
وأوضحت الصحيفة أن خير دليل على تنامي التأثير
الصيني في أوروبا هو أن المجر عرقلت في شهر آذار/ مارس من سنة 2017 تمرير وثيقة
تدين عمليات التعذيب التي ارتكبت في حق محامين معتقلين في السجون الصينية. وفي شهر
حزيران/ يونيو، وقفت اليونان بوجه بيان أوروبي مشترك يدين انتهاك حقوق الإنسان في
الصين، سيعرض على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وأفادت بأن بكين استغلت الأزمة المالية التي
تمر بها اليونان لتعزيز استثماراتها. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، بادرت شركة
"كوسكو" الصينية للملاحة البحرية بشراء أكبر حصة من ميناء بيرايوس
اليوناني خلال سنة 2016. علاوة على ذلك، عملت الحكومة الصينية على تطوير البنية
التحتية لتسهيل نقل البضاعة الصينية للدول الأوروبية. ولهذا الغرض، بادرت بكين
بتشييد "طريق الحرير الجديد"، الذي يهدف إلى ربط آسيا بأوروبا بتكلفة
جملية قدرت بحوالي 900 مليار دولار.
وبينت الصحيفة أن رئيس الوزراء المجري، فيكتور
أوربان، والرئيس التشيكي، ميلوش زيمان، يتبعان النموذج الصيني فيما يتعلق
بالتوجهات السياسية والاقتصادية. وخلال زيارة أداها إلى الصين خلال شهر أيار/ مايو
الماضي، أفاد أوربان بأن "هناك عددا كبيرا من الدول التي لا تريد الاقتداء
بالدول الصناعية الغربية في مجالي احترام حقوق الانسان واقتصاد السوق".
وأشارت إلى أن الصين تسعى إلى تفكيك الاتحاد
الأوروبي عبر إطلاق مبادرة 16 زائد 1، وهو منتدى إقليمي يضم دولا أعضاء في الاتحاد
الأوروبي على غرار المجر وتشيكيا، ودولا أخرى خارج المجموعة الأوروبية مثل صربيا.
وعلى ضوء هذه المعطيات، أصبح احتواء النفوذ الصيني في أوروبا أمرا صعبا.
وذكرت أن الدول الأوروبية تتحمل جزءا من
المسؤولية في تنامي النفوذ الصيني في الاتحاد الأوروبي. فقد فضلت دول أوروبا
الشرقية التوجه للصين نتيجة سوء تصرف الدول الأوروبية، على رأسها ألمانيا. ومن
جهته، صرح العضو في البرلمان الأوروبي، راينهارد بوتيكوفر، "نحتاج لبلورة
سياسة أوروبية مشتركة تجاه الصين".
وأبرزت أن مراقبة الاستثمارات الصينية أصبحت
هدفا صعب المنال في الوقت الراهن، نظرا لعجز الاتحاد الأوروبي عن تمرير قانون يتيح
له مراقبة الاستثمارات الصينية في ظل وجود عدد من الدول القريبة من الصين في صلب
المجموعة الأوروبية.