أعلن عدد كبير من السياسيين والنشطاء اعتزال الحياة السياسية والحزبية في مصر خلال الشهور الأخيرة، بعد عقود طويلة قضاها بعضهم في العمل السياسي حتى أصبحوا من الوجوه البارزة في الساحة السياسية، وكانوا ضيوفا دائمين على وسائل الإعلام.
وعلى الرغم من انتعاش الحياة السياسية بشكل غير مسبوق بعد ثورة كانون الثاني/يناير 2011 إلا أن انقلاب تموز/يوليو 2013 والملاحقات الأمنية للنشطاء والسياسيين التي تلته، أدت إلى عزوف غالبية السياسيين عن المشاركة في العمل العام، بحسب مراقبين.
وتعددت الأسباب المعلنة لقرار اعتزال السياسية، فبعضهم اعترف بأن القمع وغلق المناخ السياسي تماما هو السبب وراء عزوفهم عن السياسة، فيما تذرع آخرون بأسباب مختلفة، من بينها التقدم في السن أو الاهتمام بالبحث والدراسة أو حتى التفرغ للعبادة.
قائمة طويلة من المعتزلين
وأعلن عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق أنه يفكر في اعتزال العمل السياسي بسبب غلق المجال العام ومنع السياسيين من طرح وجهات نظرهم، مؤكدا في تصريحات صحفية، الجمعة الماضية، أن القمع الآن لا يقارن بما كان يحدث في عهد مبارك حيث يتم الزج بالمعارضين في المعتقلات لسنوات دون محاكمة.
كما أعلن حزب "مصر القوية" تجميد أنشطته لأجل غير مسمى، ردا على اعتقال رئيس الحزب عبد المنعم أبو الفتوح ونائبه محمد القصاص قبل نحو أسبوعين، وأوضح، في بيان له، أن قراره جاء بسبب أجواء الاستبداد والقمع وتصاعد حملات الكراهية المحمومة التي يمارسها النظام وإعلامه ضد المعارضة السلمية.
كذلك أعلن نور فرحات، القيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي اعتزال السياسية، وكتب عبر "فيسبوك" ساخرا، في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي يقول: "مش حتكلم في السياسة تاني، الحديث في الحب لأهل البيت بعد السبعين وخرير مياه الجندول وسقوط الشمس في أفق المغيب والعبادة أكثر جدوى".
وسبق فرحات في اتخاذ قرار اعتزال السياسة محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي تقدم باستقالته من رئاسة الحزب، قبل نحو عامين وفضل الابتعاد عن الساحة السياسية والحزبية تماما، واكتفي بالندوات الثقافية وكتابة المقالات في الصحف، ومتابعة عمله المهني كطبيب، مبررا ذلك، في تصريحات صحفية سابقة، بأنه لا يرى له أي دور يمكن القيام به الآن.
أما الرئيس السابق لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر، فأعلن ترك رئاسة الحزب وقال إنه فضل الابتعاد عن السياسة بسبب مرضه وكبر سنه والاكتفاء بمنصبه الحكومي كنائب لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان.
وفي حزيران/ يونيو الماضي أعلن المحامي الحقوقي والناشط السياسي نجاد البرعي، اعتزاله السياسة وقرر غلق حسابه الشخصي على "فيس بوك"، معربا عن يأسه من تغيير الأوضاع في مصر.
كما أعلن رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات في أيار/ الماضي 2017 أنه يفكر في اعتزال العمل السياسي في ظل أجواء الإقصاء الحالية، وبعد أن عدل عن هذا التفكير وأعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة، عاد السادات مرة أخرى وأعلن الانسحاب من السباق الرئاسي، قائلا، في مؤتمر صحفي، إنه لا أمل في إصلاح ولا في ممارسة عمل سياسي حقيقي طالما استمر المناخ القمعي والتضييق على معارضي.
أما المخرج والنائب البرلماني خالد يوسف، فأعلن اعتزاله السياسية والعودة إلى الإخراج السينمائي.
وكان من أوائل السياسيين الذين اعتزلوا السياسة بعد الانقلاب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وحيد عبد المجيد الذي أعلن في نيسان /أبريل 2014، الاكتفاء بالعمل البحثي والفكري وكتابة مذكراته، كاشفا، في بيان له، أن "اعتزال السياسة أصبح هو الخيار الصحيح الآن في ظل أجواء محتقنة وإرهاب مادي ومعنوي وانهيار أخلاقي".
لم يعد في مصر عمل سياسي
وتعليقا على هذه الظاهرة، قال رئيس حزب الدستور السابق خالد داود، إن "اعتزال السياسيين للعمل السياسي والعام ظاهرة طبيعية بسبب التضييق الذي يمارسه النظام على الأحزاب اعتقال أعضائها وحجب المواقع الإخبارية والسيطرة التامة على الإعلام"، مؤكدا في تصريحات صحفية سابقة، أنه" لم يعد في مصر عمل سياسي من الأساس".
وكشف داود أن "غالبية شباب حزب الدستور وغيره من الأحزاب المعارضة تم القبض عليهم بسبب التعبير عن آرائهم"، مشيرا إلى أن "مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت الملاذ الأخير للتعبير عن الرأي أصبحت مصيدة لاعتقال المعارضين".
من جانبه قال المحلل السياسي أمين إسكندر، إنه "على الرغم من الضغوط الشديدة التي يتعرض لها السياسيون، إلا أنه من الضروري مقاومة هذه الظروف وعدم الاستسلام لرغبة النظام، حتى لو كان الثمن المدفوع فادحا"، على حد قوله.
ماذا خسرت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد من زيارتها لمصر؟
مقترح قانون يمنح طلاب مصر درجات مقابل التصويت بالانتخابات
السيسي يلتقي الإنجيليين الأمريكيين.. ماذا قال لهم؟