سياسة دولية

جدل بمصر بعد حذف وسائل إعلام مؤيدة للنظام أرشيف ثورة يناير

ناشطون: الصحف والفضائيات تحذف أرشيف ثورة يناير.. أسلوب رخيص يليق بالثورة المضادة

قامت بعض القنوات الفضائية المصرية المؤيدة للنظام مؤخرا بحذف العديد من حلقات البرامج التلفزيونية التي أنتجتها سابقا من على حسابها على موقع "يوتيوب"، التي توثق لأحداث ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.


وتزامنت تلك الخطوة مع قيام صحف ومواقع إخبارية مؤيدة للنظام بإجراء مماثل، حيث حذفت الكثير من التقارير والتحقيقات الصحفية المتعلقة بالثورة من مواقعها الإلكترونية، دون إعلان أسباب هذا القرار، فيما يرجح مراقبون أن ضغوطا أمنية مورست على وسائل الإعلام حتى تحذف الأرشيف الصحفي المرتبط بأحداث الثورة.

 

ولا يخفي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي انزعاجه من محاولة استلهام ثورة يناير مجددا، حيث هدد في خطاب له في شباط/ فبراير الماضي المصريين، قائلا: "الكلام اللي اتعمل من سبع تمن سنين مش هيتكرر تاني في مصر.. لأ.. مش اللي ما عرفتوش تعملوه من سبع سنين هتيجوا تعملوه دلوقت.. لا.. انتم باينكم ما تعرفونيش".

 

محاولة بائسة

 

وقال المحامي الحقوقي جمال عيد، عبر "فيسبوك": "بعد ثورة يناير، قامت صحف عديدة بمسح أرشيفها، ثم تكرر الأمر بعد مظاهرات 30 حزيران/ يونيو، حيث تم محو أخبار ومقالات من مواقعها تتحدث عن ثورة يناير".

 

وتابع: "الآن يتم مسح أرشيف برنامج "الصورة الكاملة" الذي كانت تقدمه الإعلامية "ليليان داوود" وبرنامج "آخر كلام" للإعلامي يسري فودة من على يوتيوب، في محاولة بائسة لمحو ذاكرة شعب وثورته العظيمة والوحيدة، مشددا على أن المصريين لن ينسوا ثورة يناير".

 

فيما علقت صفحة "أبطال محمد محمود" على فيسبوك بقولها: "الصحف والفضائيات تحذف أرشيف ثورة يناير.. أسلوب رخيص يليق بالثورة المضادة.. نظام ضعيف يخاف من التاريخ.. ما أعظمك يا ثورة الأحرار.. لن ننسى الثورة".

 

"في الحفظ والصون"

 

وكان الإعلامي يسري فودة أكد الأسبوع الماضي أن قناة "ON E" قامت بحذف جزء كبير من أرشيف برنامجه السابق "آخر كلام"، خاصة الحلقات التي تتضمن على توثيق لأحداث ثورة يناير.

 

وكتب فودة عبر حسابه على "فيسبوك" معلقا على هذه الخطوة بقوله: "شيء طبيعي لمن لا مبادئ لديه ولمن يُدلّس، لمن يتصادف وجوده في السلطة إلى أن يفقدها، فيتحول ضده عبدا لمن اعتلاه من جديد".

 

وأضاف: "امسحوا الأرشيف.. الحق محفور في القلوب، وعلى الهارد ديسك، عند نقطة ما من تطور ثورة مصر هرول أصحاب الشحيج إلى مسح أرشيف صحفهم ومجلاتهم وقنواتهم، اليوم، أسياد أصحاب الشحيج يأمرون بمسح ما لا يعجبهم من الأرشيف المقابل، هذا أيضا شيء طبيعي كنا نتوقعه ممن تؤذيه الحقيقة، ولا حياة له إلا في كنف الوهم".

 

وختم بقوله: "المشكلة أنهم تأخروا كثيرا؛ الأرشيف في الحفظ والصون لدينا، وأيضا لدى كثيرين غيرنا، كما هو واضح من خلال محركات البحث".

 

خيال علمي

 

وعلق الخبير الإعلامي، هشام قاسم، فقال إن "المرحلة الحالية التي وصلت إليها مصر الآن أشبه بالخيال العلمي، إذ إن ما تقوم به السلطة غير مسبوق، ويظهر أنها تعاني من قصور شديد في الفهم والإدراك، مؤكدا أنهم لم ولن يتمكنوا من حذف كل الأرشيف الخاص بتلك البرامج التي تناولت ثورة يناير".

 

وأضاف قاسم، في تصريحات صحفية، أن حذف أرشيف ثورة يناير يدل على خوف النظام من تكرارها مجددا، وأنهم يعتقدون أنهم بذلك يقومون بتثبيت أركان النظام الحالي"، مشددا على أن هذه المحاولات في النهاية لن تجدي نفعا؛ لأن العديد من الأفراد والجهات الأخرى تحتفظ بنسخ متعددة من هذا الأرشيف.

 

أما مدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية مأمون فندي، فعبّر على "فيسبوك" بقوله: "السؤال الأهم الخاص باليوتيوت هو من لديه الملكية الفكرية لهذه الحلقات: القناة؟ الضيوف؟ مقدم البرنامج؟ أعتقد أننا أمام قضية قانونية تستحق أن تعالج في المحاكم، سواء في بريطانيا أو بلد المنشأ لشركة يوتيوب".

 

أرشيف 858

 

وفي محاولة مضادة لحفظ ذاكرة الثورة، أطلق نشطاء مصريون "مجهولون" الشهر الماضي موقعا على الإنترنت بعنوان "أرشيف 858"، يهدف إلى أن يكون أرشيفا مصورا يوثق جميع أحداث ثورة يناير منذ يومها الأول حتى نهاية عام 2017.

 

ويقول القائمون على المشروع، الذين يخفون هويتهم خوفا على سلامتهم الشخصية، إنهم يهدفون إلى تذكير المصريين بالثورة وأحداثها عبر المئات من مقاطع الفيديو المهمة التي توثق للحظات عدة بدأ كثر من المصريين في نسيانها، حتى من شاركوا في صنعها.

 

ويتضمن الموقع أرشيفا كاملا منذ عام 2011 وحتى 2017، بما في ذلك الحوادث الكبرى التي مرت بالبلاد، مثل موقعة الجمل، واشتباكات شارع محمد محمود، ومذبحة ماسبيرو وبورسعيد.

 

ويتيح الموقع لكل من يريد مشاهدة فيديوهات عن الثورة أن يستخدمها دون استئذان، شريطة عدم استخدامها في أغراض تجارية.

 

ورحب العديد من السياسيين والنشطاء بالموقع، واعتبروه محاولة جادة لتوثيق الثورة في مواجهة محاولة طمسها، بينما رأى أنصار النظام الحالي أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي تقف وراءه، وطالبوا بحجبه، كما تم حجب عشرات المواقع المعارضة للنظام.