كشفت مصادر لـ"عربي21" في وقت سابق عن تسليم وحدات حماية الشعب الكردية إدارة مدينة تل رفعت للنظام السوري، إثر محاولات تركيا والجيش الحر السيطرة عليها، ما ترك تساؤلات حول أهداف القوات الكردية المناوئة لأنقرة للقبول بمثل هذا الأمر.
وقرأ محللون في حديثهم لـ"عربي21" اليوم الأربعاء، أبعاد هذا الأمر، ورأوا فيه أنه قد يمثل محاولة لإجبار تركيا على الذهاب إلى طاولة المفاوضات مع النظام السوري.
وبحسب ما أكدته مصادر محلية في تل رفعت، فإن الوحدات الكردية لم تنسحب بالكامل من المدينة، إنما سلمت إدارتها للنظام السوري، في حين قرأ عديدون هذه الخطوة بأنها ستكون محرجة للأتراك الذين يريدون السيطرة على المدينة، وانتزاع سيطرة الوحدات الكردية عليها وطردها.
وأوضح الباحث في الشأن التركي، الدكتور علي باكير، لـ"عربي21" أن "الرغبة التركية بضم تل رفعت إلى المناطق المحررة، تتسبب بخلافات مع روسيا وإيران"، مضيفا أن "الطرفين يحاولان الضغط منذ مدة على الحكومة التركية للاعتراف بنظام الأسد والتواصل معه بشكل مباشر".
وعن تسليم تل رفعت للنظام السوري، لم يستبعد باكير أن "تحاول روسيا وإيران مجددا الضغط على تركيا للجلوس مع النظام على طاولة المفاوضات والتواصل معه".
وأكد أن الجانب التركي يرفض ذلك حتى الآن، وفي مرحلة من المراحل تهرب من الموضوع من خلال تجيير الأمر إلى جهاز الاستخبارات في إطار محدود.
اقرأ أيضا: هل تتوقف تركيا عند عفرين بعد تسليم تل رفعت لنظام الأسد؟
ولكنه أشار إلى أن تركيا وإيران ربما تدفعان من جديد تركيا لهذا الأمر، من بوابة تل رفعت، مشددا على أن الطرفين "لا ينظران بإيجابية إلى توسيع تركيا نطاق سيطرة المعارضة، وزيادة نفوذها أيضا داخل سوريا".
ومن جهته، وافق المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية، أحمد أبو علي، ما ذهب إليه باكير، من أن الوحدات الكردية قد تكون بالفعل تريد جر تركيا إلى الجلوس مع النظام السوري على طاولة المفاوضات.
لا صدام مع النظام
وأوضح لـ"عربي21" أن تركيا ستكون حريصة جدا أن لا تصطدم مع النظام السوري مباشرة، ما سيدفعها إلى الابتعاد عن الحل العسكري في تل رفعت.
وبيّن أبو علي أن استراتيجية تسليم الوحدات الكردية لمنطقة تحت نفوذها للنظام السوري ليس بالأمر الجديد.
وقال: "كانت هناك محاولات لعمل إدارة مشتركة بين الوحدات الكردية والنظام السوري في عفرين، لكن تركيا أفشلت الأمر بسيطرتها على كامل المدينة قبل تحقيق ذلك".
وأضاف أنه في الوقت الحالي، هناك إدارة مشتركة للوحدات الكردية والنظام السوري، في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، وباتت تل رفعت أيضا تتمتع بالإدارة ذاتها.
ورأى بذلك محاولة من الوحدات الكردية للتعامل مع السياسة التركية الجديدة على الأرض، وربما يكون الغرض منها جلب الأتراك إلى طاولة الحوار، وربما محاولة لإيقاف العمليات التركية في الشمال السوري.
وفي إجابته عن سؤال "في حال انسحاب الوحدات الكردية بالكامل من المدينة وتسليمها للنظام، هل تبقى تركيا مصممة على دخول المدينة؟"، قال أبو علي: "أعتقد أن المعادلة تكون أصعب عندما تكون تركيا ضد النظام السوري".
وقال: "لا أعتقد أن يكون هناك صدام مباشر بين تركيا والنظام السوري".
الأمر ذاته ذهب إليه باكير، قائلا: "لا أعتقد أن تركيا ستصر على دخول تل رفعت في حالة انسحاب الوحدات الكردية بشكل كامل، ولكن لن تكون أنقرة مرتاحة إذا ما سيطر نظام الأسد على المدينة، وقد يؤدي ذلك إلى بروز خلافات مع روسيا وإيران حول الموضوع"، وفق تقديره.
أهمية تل رفعت الاستراتيجية
وقرأ أبو علي أيضا في دخول النظام السوري إلى تل رفعت أنه "ربما إشارة لبدء تقسيم مناطق نفوذ الشمال السوري بين النظام والأطراف الأخرى التي ترفض الخضوع للنظام".
وأوضح أبو علي الأهمية الاستراتيجية لتل رفعت بالنسبة للمعارضة السورية وتركيا، بالقول: "إن المدينة كانت تعد إحدى أهم معاقل المعارضة السورية في ريف حلب، ولها موقع استراتيجي قريب من الحدود التركية، وقريب على مناطق سيطرة مهمة للوحدات الكردية، وقريب على إدلب".
وأكد أن تل رفعت لها أهمية معنوية كبيرة، فهي تعد معقلا قديما للمعارضة، وكانت رمزا لها وللثورة السورية.
اقرأ أيضا: مصادر لـ"عربي21": الوحدات الكردية سلمت تل رفعت للنظام
وسبق أن أكدت مصادر لـ"عربي21" في وقت سابق، أن مؤسسات النظام السوري الخدمية عادت للعمل في مدينة تل رفعت، بموجب اتفاق بين النظام السوري والوحدات الكردية، التي تعد الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، المصنف تركيا وأوروبيا منظمة "إرهابية".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن في 25 آذار/ مارس 2018، أن قوات الجيش التركي ستدخل إلى تل رفعت في الشمال السوري، ضمن عملية غصن الزيتون، وذلك بعد نداءات أطلقها السوريون في المدينة.
وقال أردوغان حينها: "سنحقق أهداف عملية غصن الزيتون من خلال السيطرة على مدينة تل رفعت أيضا، خلال وقت قصير".
اقرأ أيضا: تركيا ستدخل تل رفعت بعد نداءات أطلقها سوريون في المدينة
وسبق أن طالب أهالي تل رفعت بشمول المدينة لعملية "غضن الزيتون" التي تشنها القوات التركية والجيش السوري الحر في شمال سوريا، ضد الوحدات الكردية.
ماذا وراء تسيير دوريات تركية روسية مشتركة بتل رفعت؟
ماذا وراء اتفاق كفريا والفوعة بإدلب؟.. محللون يجيبون
تحذيرات متتالية.. هل تنجح تركيا في إبعاد شبح الحرب عن إدلب؟