تناقلت وسائل الإعلام أنباء وفاة رئيس أركان جيش
جنوب السودان، الجنرال جيمس أجونق، في القاهرة. وبحسب الأنباء، فإن أجونق الذي دخل المستشفى في القاهرة بعد مرض مفاجئ دخل على إثره المستشفى في القاهرة ليقضي أجله بعد ساعات.
عدم إعلان حكومة جنوب السودان أسباب الوفاة يفتح باب التكهنات حول وفاة رئيس أركان جيش جنوب السودان، الذي يواجه حالة من التمرد تداخلت فيها أطراف إقليمية، لتتشابك الخيوط وتتأزم الأوضاع على السلطة الحاكمة في الدولة الوليدة التي ما زالت تتخبط، في ظل ضعف الرؤية لقيادة دولة متعددة الأطراف تتشارك حدودها مع خمس دول، هي السودان إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطى، وهو ما يجعلها، بالرغم من ضعف بنيتها السياسية، دولة مهمة ويزيد من أهميتها وجود البترول الذي تتصارع عليه دول كبرى سبقتهم إليها الصين.
وأجونق تولى منصب رئيس أركان جيش جنوب السودان في أيار/ مايو 2017 خلفا لبول مالونج اوان، بعد أن قاد الأخير تمردا على حكومة جوبا يعد من الأذرع القوية لرئيس جنوب السودان الحالي سلفا كير، والذي كان يعول عليه كثيرا لإدارة المصالح المتضاربة في الجيش بعد أن استطاع قائد الجيش السابق بول مالونج، الذي يمتلك علاقات قوية بقيادات داخل الجيش، بناء تمرد ضد الحكومة.
وفاة أجونق تأتي في وقت عصيب بالنسبة لسلفا كير تضع مزيد من الضغوط على كاهله، فعليه أن يواجه وحده إدارة المصالح المتنافسة داخل الجيش من ناحية، والضغوط الخارجية المتزايدة من إدارة ترامب وسياسات ائتلافية متصدعة على نحو متزايد في حكومته من ناحية أخرى، في وقت يجب أن يتخذ فيه سلفا كير قرارات حاسمة بشأن ائتلافه الهش الذي يحكم البلاد، والذي تنتظره جولة لمحادثات سلام جديدة متوقعة في أيار/ مايو القادم؛ حددتها الدول الساعية لإنهاء الأزمة في البلاد.
محاولات الاغتيال وتنفيذها بين الفرقاء في جنوب السودان وارد في نهج الصراع الدائر بين الفصائل المتصارعة. ففي وقت سابق من الأسبوع الماضي، اتهم الناطق الرسمي لجبهة جنوب السودان المتحدة المسلحة؛ حكومة سلفا كير بالتخطيط لاغتيال رئيس الجبهة الجنرال بول ملونق أوان في العاصمة الكينية نيروبي.
غير أن محاولات الاغتيالات هذه إنما هي جزء من صراع إقليمي على النفوذ في جنوب السودان، فبوصلة النفوذ في جنوب السودان تتجه وبقوة باتجاه إثيوبيا وأوغندا، اللتين تمسكان بخيوط اللعبة في جنوب السودان، في ظل غياب أي رؤية للنظام
المصري في المراحل الأولى للصراع.
لكن وبعد فشل مفاوضات سد النهضة، والتي أظهرت النظام المصري بمظهر الفاشل في الملف الذي يعتبره المصريون وجودياً، كان لزاما على النظام المصري أن يدخل ملعب جنوب السودان.
وعلى الرغم من استقبال رأس النظام المصري للرئيس سلفا كير في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، وهو ما أغضب الفصيل الأكبر في حركة التمرد (الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة)، إلا أنه وفيما يبدو أن الغضب الأمريكي على سلفا كير، والذي ترجم في شكل فرض البيت الأبيض عقوبات على 15 كيانا في قطاع النفط في بلاده، والذي يعد مصدرا مهما لإيرادات حكومته، غيّر من توجهات النظام المصري تجاه الرجل، وهو ما قد يخرج وفاة أجونق، ذراع سلفا كير القوي، من دائرة القدرية إلى دائرة الشبهة الجنائية. وهذ ما قد يفسر على أن طرفاً ما أراد أن يقدم هدية في الوقت المناسب لطرف آخر، ليكسب وده ويفتح معه صفحة من التفاهمات، تجعل للطرف المهادي دورا محوريا في الأيام القادمة في الأزمة التي تتنازع فيها النفوذ على خلفيات أكبر من تلك الظاهرة على السطح.
تدخل النظام المصري في شؤون الجيران ليس جديدا، فالأمثلة في ذلك كثيرة بداية من ليبيا، مرورا بالسودان وأريتريا، يجعل من احتمالية التدخل في جنوب السودان أمرا واقعيا، لا سيما وأن الأمر أصبح مصيرياً، في وقت يحتاج فيه النظام المصري رد صفعة سد النهضة، ولو بشكل غير مباشر.
ويجعل من التساؤل عن احتمالية قتل النظام المصري لأجونق متاحا.