عقب انفراجة محدودة قبل نحو أسبوع، أطلت أزمة
الوقود برأسها على
السودان، للمرة الثانية خلال أبريل/ نيسان الجاري، وسط تأكيدات حكومية بقرب انتهاء الأزمة.
مظاهر الأزمة بلغت ذروتها، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، إذ تكدست سيارات أمام محطات الوقود لساعات طويلة، انتظارا لوصول شاحنات تفريغ الوقود في المحطات.
وجاءت الأزمة نتيجة لتوقف مصفاة الخرطوم عن العمل، من أجل الصيانة الدورية في آذار / مارس ونيسان / أبريل، بجانب عوامل أخرى، منها عدم توفر نقد أجنبي لأغراض الاستيراد.
وتراجع إنتاج السودان النفطي، إثر انفصال جنوب السودان عنه عام 2011، من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف برميل، ما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد أكثر من 60 بالمئة من المواد البترولية، لتلبية الاستهلاك المحلي.
وسائل النقل
شح الوقود، أدى إلى أزمة خانقة في وسائل المواصلات داخل العاصمة الخرطوم وبين الولايات، وساد الشارع السوداني حالة استياء وإحباط؛ بسبب تكرار أزمة الوقود في فترات متقاربة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار وسائل المواصلات.
وقال عبد الله الزين، صاحب سيارة لنقل الركاب، إن "شح الوقود جعلنا نرفع من قيمة تذكرة النقل داخل مدن العاصمة، تعويضا للوقت الطويل المهدر في انتظار محطات خدمة الوقود".
وأضاف أن "القيمة زادت ثلاثة أمثال، إذ ارتفع سعر التذكرة من الخرطوم إلى بحري من خمسة جنيهات إلى 15 جنيهاً".
واندلعت احتجاجات شعبية محدودة في حي الشجرة جنوب الخرطوم، احتجاجا على ندرة الوقود ووسائل النقل، وتمكنت الشرطة من السيطرة عليها.
ناقلات وقود
الحكومة من جانبها، أعلنت عن وصول خمس ناقلات محملة بالمواد البترولية، إلى ميناء بورتسودان، من أجل التفريغ والسحب إلى الخرطوم والولايات.
وأفاد وزير الدولة بوزارة المالية، عبد الرحمن ضرار، في بيان، الاثنين الماضي، بوجود 12 ناقلة محملة بالمواد البترولية فى طريقها إلى البلاد، خلال الأيام المقبلة، لتأمين الوقود لاستهلاك الآلات الزراعية والمواطنين.
فيما أعلنت هئية المؤانئ البحرية، عن تفريغ ناقلة نفط صينية تبلغ حمولتها 43 ألف طن من البنزين، في ميناء الخير للمشتقات البترولية ببورتسودان، الثلاثاء الماضي، تمهيدا لتفريغ ناقلة أخرى تحمل 42 ألف طن جازولين.
وقال مدير الميناء، عبد الوهاب علي الريح، الأربعاء الماضي، إنه تم إفراغ ناقلة ثالثة بحمولة 6776 طنا من الغاز في ميناء بورتسودان الجنوبي.
وأشار إلى وصول عشر ناقلات أخرى للمشتقات البترولية، بحلول الثامن والعشرين من الشهر الجاري.
دور للقطاع الخاص
هذه الأزمة المتجددة توقع الخبير
الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، أن "تنتهي خلال الأسبوع القادم، بعد الفراغ من صيانة مصفاة الخرطوم، في التاسع والعشرين من الشهر الجاري".
وأوضح أن "وصول ناقلات محملة بوقود، حسب المسؤولين الحكومين، قد يُحدث انفراجة للأوضاع، خلال اليومين القادمين".
غير أنه دعا الدولة إلى "إشراك القطاع الخاص في عملية استيراد المواد البترولية، وتوفير موارد للنقد الأجنبي، قبل دخول المصفاة للصيانة، تفاديا للأزمات المتكررة في مثل هذا الوقت سنويا".
وتابع: "على الحكومة توفير الموارد اللازمة لاستيراد المشتقات النفطية، وتذليل الصعوبات اللوجستية والإجرائية لعمليات الاستيراد من الخارج.. شح الوقد يؤثر سلبا على العملية الاقتصادية في البلاد".
وشدد على "ضرورة أن تضع الحكومة خططاً لتجنب أزمات الوقود، باعتبار أن تكلفة معالجة الأزمات مرتفعة".
تفعيل الرقابة
فيما شدد مسؤول رفيع المستوى بوزارة النفط السودانية، على "اقتراب موعد اكتمال صيانة مصفاة الخرطوم، وعودتها إلى الإنتاج نهاية الشهر الجاري".
المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لكونه غير مخول الحديث للإعلام، وصف الصيانة الحالية بأنها "أكبر صيانة في تاريخ المصفاة، ما يمكنها من زيادة سعة تكرير المواد النفطية، التي تشمل البنزين والغاز والجازولين".
وأكد على "تفعيل الرقابة في محطات الوقود، تجنبا لتكرار الأزمات، وذلك بالتنسيق مع الولايات، عبر عدد من الإجراءات احترازية".
وكان وزير النفط السوداني، عبد الرحمن عثمان، اتهم، في وقت سابق، شركات توزيع الوقود بالتلاعب بالحصص، وتسريبها إلى السوق الأسود، وتوعد بمعاقبتها وسحب تراخيصها.
ويبقى الترقب سيد الموقف، إذ تعمل الحكومة على طمأنة الشارع بقرب انتهاء أزمة الوقود، بينما تسيطر على المواطنين تخوفات من استمرار الأزمة، التي أثرت بشكل كبير على حياتهم اليومية.