نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للمحلل في معهد بروكينغز بروس ريدل، يقول فيه إن وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس، كتب في مذكراته "واجب" عن مواجهة مثيرة في تموز/ يوليو 2007 مع العاهل السعودي الملك عبدالله في مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، قائلا: "فقدت أعصابي".
ويشير ريدل في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "المساء بدأ بعشاء تعددت فيه أصناف الطعام، في غرفة تعدل مساحتها مساحة ستة ملاعب كرة سلة، في وسطها حمام سباحة، وتم طلاء السقف ليبدو وكأنه سماء تشع منها النجوم، وفي الغرفة حوض سمك من الأرض إلى السقف، عرضه 75 قدما، وطوله 30 قدما".
ويلفت الكاتب إلى أن "غيتس التقى بعد وجبة العشاء مباشرة بالملك، الذي عبر عن غضبه من إيران، وطالب بعملية عسكرية واسعة ضدها، وليس فقط ضد منشآتها النووية، وهدد بأن السعودية (ستتصرف بنفسها) لو لم تعلن واشنطن الحرب، وكان الملك يقول لزواره إن إيران هي أساس المشكلات في المنطقة، ويجب التعامل معها بالقوة".
ويفيد ريدل بأن "غيتس عبر عن غضبه لأن الملك (يطلب من الولايات المتحدة إرسال أبنائها وبناتها للحرب مع إيران.. كما لو أننا مرتزقة)، وكأن الجنود الأمريكيين يحضرون إلى الشرق الأوسط للدفاع عن الملكيات الشرق أوسطية، والقيام بالمهمة نيابة عنها، و(كان يطلب منا سفك دم الأمريكيين، لكنه لم يشر ولا مرة واحدة إلى إمكانية سفك الدم السعودي)".
وينوه الكاتب إلى أن "أمريكا خاضت حربين في الشرق الأوسط، وهي لا تريد حربا أخرى، وفي مذكراته يقول وزير الدفاع السابق: (شعرت بأنني جرحت)، وكان غيتس, الذي يعد من أفضل وزراء الدفاع الأمريكيين، واضحا في كلامه للآخرين، وهو أن عليهم ألا يدفعوا الولايات المتحدة للقيام بحرب تهدف لحماية مصالح بلد آخر، والحذر ليس ضعفا، لكنه حكمة، فالحرب دائما تترك تداعيات غير مقصودة، ويستحق الأمر أن تخرج عن اللياقة لوقف شخص عند حده".
ويعلق ريدل قائلا: "سمعنا صفارات الحرب في الشرق الأوسط منذ فترة، وهي الأصوات ذاتها التي تقول إن استخدام القوة ضد فلان قد يقود إلى (شرق أوسط جديد) مزدهر خال من الإرهاب، وقادت هذه الفتنازيا للحرب مرتين، وجعلت من إيران قوية كما نراها اليوم".
ويذكر الكاتب أن وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون قام في عام 1982 باجتياح لبنان؛ لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية، وإخراج سوريا من البلد، وفرض حكومة مسيحية مارونية في بيروت، وبعدها يقوم لبنان إلى جانب الأردن بعقد سلام مع إسرائيل، حيث سينشأ في أعقاب هذا شرق أوسط جديد، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة قدمت الغطاء الدبلوماسي وقوات حفظ سلام لتسهيل العملية الانتقالية إلى الشرق الأوسط الجديد.
ويبين ريدل أنه "بدلا من ذلك، فإن الإسرائيليين تورطوا في بيروت، وانهارت الحكومة المسيحية بعد قتل زعيمها، وفجرت السفارة الأمريكية مرتين، وتعرضت قوات المارينز لهجوم قاتل، بشكل دفع الرئيس رونالد ريغان للتخلي عن المشروع".
ويشير الكاتب إلى أن "إيران المعزولة بسبب الحرب العراقية الإيرانية أرسلت قوة من الحرس الثوري إلى سوريا ولبنان، ودربت دفعة من مقاتلي حزب الله، الذي أخرج إسرائيل من جنوب لبنان، ودمر جيش لبنان الجنوبي، وبهذا أصبحت إيران قوة في سوريا ولبنان، وهي قوية جدا في بيروت ودمشق اليوم".
ويقول ريدل إنه "في عام 2003 وعد نبي آخر بشرق أوسط جديد، ووعد زعيم المعارضة العراقية أحمد الجلبي الرئيس جورج دبليو بوش ونائبه ديك تشيني، بأن العراقيين سيرحبون بحرب تطيح بصدام حسين، وستقود إلى سلام مع إسرائيل، وستؤدي إلى تغيير النظام في دمشق وطهران، وتجاهل المحافظون الجدد علاقات الجلبي الوثيقة مع المخابرات الإيرانية، فسيكون النصر رخيصا ويتم تغيير المنطقة".
ويستدرك ريدل بأن "أمريكا تورطت في العراق، ولا تستطيع الخروج منه حتى الآن، ولم يحدث سلام مع إسرائيل أو يتغير نظام الملالي، بل على العكس فإن إيران اليوم هي القوة الرئيسية في العراق".
ويلفت الكاتب إلى أن السعوديين قد حذروا الأمريكيين بأن الحرب ستقدم العراق لإيران على طبق فضي، بشكل يوسع تأثيرها في الهلال الخصيب.
ويرى ريدل أن "إيران أصبحت قوة متنفذة في المنطقة؛ بسبب الأهداف التي حاولت حربا 1982 و2003 تحقيقها، ولعبت طهران أوراقها بذكاء، لكنها حصدت أخطاء الآخرين بدلا من تقرير مصيرها بنفسها".
ويقول الباحث: "الآن خرجت إدارة ترامب من الاتفاقية النووية، وهو قرار صفقت له السعودية وإسرائيل، وتريدان من واشنطن تغيير سلوك إيران بالقوة، أو تغيير النظام، رغم عدم وجود البديل كبشير الجميل في لبنان مثلا، ويجب وقف تقدم إيران في بيروت وبغداد وصنعاء ودمشق".
وينوه الكاتب إلى أن "كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاولان دفع واشنطن لعمل أبعد من تمزيق الاتفاقية النووية، وكلاهما يواجهان إيران وحلفاءها في اليمن وسوريا، وكلاهما في وضع صعب، ويتطلعان لمساعدة من الحليف الأمريكي، وقد وعدت إسرائيل بالتصرف فرديا وضرب المنشآت النووية الإيرانية، وفي تذكير بتهديدات الملك عبدالله، فإن ولي العهد قال إن السعودية ستباشر مشروعها النووي في حال امتلاك طهران للقنبلة النووية".
ويجد ريدل أن "درس مواجهة غيتس- عبدالله عام 2007 لا يزال مهما اليوم، فمن الحكمة بمكان أن يخرج الأمريكيون عن طورهم لو استمعت الإدارة لهؤلاء الذين يريدون تعريض الأمريكيين للخطر، في محاولة لتحقيق أحلامهم الوهمية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الإدارة أخطأت بالخروج من الاتفاقية النووية، بشكل فتح الباب أمام تكرار أخطاء عامي 1982 و2003".
إندبندنت: قراءة بانتخابات العراق وفتح سفارة أمريكا بالقدس
صندي تايمز: فلسطينيون يُقتلون وإماراتيون بالقدس..ماذا يجري؟
فورين بوليسي: ما سر تحول موقف ترامب المفاجئ من قطر؟