نشرت مجلة "موخير أوي" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الأسباب التي تجعل الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تؤثر على ذاكرة الإنسان. وفي هذا السياق، تعددت الدراسات التي سلطت الضوء على هذا الجانب.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدراسات الأخيرة كشفت أن الاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية بهدف مشاركة اللحظات التي نعيشها يجعلنا نفقد الذاكرة في بعض الأحيان. وقد تزايد تأثير هذه المسائل في وقتنا الراهن بالتزامن مع التزام الكثيرين بتوثيق جميع لحظات حياتهم على شبكة فيسبوك، أو الإنستغرام، أو السناب شات، أو غيره من الشبكات الاجتماعية الأخرى، بشكل دوري.
في المقابل، كشفت آخر الأبحاث، التي نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي، أن أولئك الذين يتحدثون بشكل كبير عن حياتهم وتجاربهم في الشبكات الاجتماعية لا يحتفظون بكثير من الذكريات حول الأحداث التي يشاركونها عبر هذه المواقع.
وبينت المجلة أن هذا الاستنتاج هو خلاصة ثلاث دراسات شارك فيها العديد من الباحثين من جامعة برنستون، الذين اختبروا كيفية مشاركة الناس لتجاربهم على المواقع الاجتماعية ومدى قدرتهم على تذكرها. وأثبت هؤلاء الباحثون أن مشاركة "صور" لأحد الأحداث أو الرحلات لن يؤثر على طريقة استمتاع هؤلاء الأشخاص بتلك التجربة أو تذكرها.
وأضافت المجلة أن هذه الدراسات أثبتت أن أولئك الذين قاموا "بكتابة ونشر مقاطع فيديو" ومشاركة تجاربهم لا يتذكرون بالفعل ما قاموا بنشره. كما أنهم وقعوا في العديد من الأخطاء عند اختبار مدى قدرتهم على تذكر تلك الأحداث المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت المجلة أن تصوير هذه اللحظات قد يمنع الاستمتاع بهذه التجربة. وحتى في حال لم يتم نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، لاحظ الباحثون أن هذه المجموعة تواجه نفس المشكلة عند تذكر الأحداث التي تم تصويرها مؤخرا.
وتستند نظرية الباحثين إلى أن مجرد مقاطعة التجربة لتصويرها وتخزينها في مكان آخر يجعلنا غير قادرين على تذكرها تماما. وتسمى هذه الحالة بما يعرف "بالذاكرة العابرة"، وهي الطريقة التي يقسم من خلالها الدماغ المعلومات التي يخزنها؛ حيث يقوم بإخراج البعض منها لتخزينها في مكان آخر، على غرار الصور أو الملاحظات.
وأوردت المجلة أنه قبل ظهور الإنترنت، يتم تخزين المعلومات بشكل حدسي بين الدماغ والمصادر الخارجية، التي يمكن أن تكون في شكل كتب أو ألبومات الصور. وقد ساعد تقسيم المعلومات بهذه الطريقة على الحصول على أكبر عدد ممكن من الذكريات. وعلى سبيل المثال، يقوم الأزواج بتقسيم الذكريات بشكل عفوي. وبالتالي، فإن كل طرف منهما مسؤول عن تذكر جزء منها.
وأوضحت المجلة أن اقتحام الإنترنت لحياتنا قد أنتج ما يسميه الخبراء "بتأثير غوغل"، الذي يجعلنا نخزن معلومات قليلة وعلى ثقة دائمة بأن غوغل سيمنحنا كل ما نحتاج إلى معرفته. وعلى ما يبدو أن هذا اليقين له تأثير كبير على الذاكرة. وبالتزامن مع وصول الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، أصبح لدينا مكان جيد لتخزين ذكرياتنا. وعلى الرغم من أننا نحمل هذه الذكريات في أجهزتنا، إلا أننا لا نتذكر سوى القليل منها.
ونقلت المجلة أن العلماء يؤكدون أن هذا التأثير مرتبط بتأثير آخر للإنترنت، المعروف باسم "فومو" أو الخوف من فوات أو فقدان شيء. ويتجسد هذا التأثير في شكل الشعور بضرورة التواجد في كل مكان. ويعد أيضا بمثابة شعور خانق ومرتبط بالإحساس بعدم الرضا عن الحياة وتدهور المزاج.
من جهة أخرى، كشفت الدراسات أيضا أنه إذا كنت من بين أولئك الذين يشاركون صورهم على الإنستغرام بشكل مكثف، فمن المرجح أن تكون ذاك الشخص الذي يتمتع باللحظة ثم يفقد متعة التجربة الحقيقية.
وفي الختام، ذكرت المجلة أن بعض الأشخاص الذين شملهم البحث قد اعترفوا بأنهم كانوا يستمتعون فعلا ويشعرون بالرضاء عن أنفسهم عند مشاركة صورهم. لكن في نفس الوقت، كانوا يفقدون جزءا من متعة التجربة الأصلية بسبب تشتت انتباههم عند تسجيل أو تصوير هذه الصور.