أثارت تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، حول انتهاء مرحلة تعديل الاتفاق السياسي الليبي؛ ردود فعل غاضبة وسط اتهامات له بالتدخل "السافر" في الشأن الليبي.
وقال سلامة في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن إنه
"آن الأوان لطي صفحة تعديلات الاتفاق السياسي الليبي، والتركيز على
الانتخابات هذا العام، مع تأمين الظروف المناسبة لإجرائها"، مؤكدا أن
"كل هذه الأمور لا يمكن تحقيقها إلا بدعم من مجلس الأمن"، مطالبا في
الوقت ذاته أعضاء المجلس بأن "يتحدثوا بصوت واحد كي يسمعهم الليبيون"،
حسب تعبيره.
وفي السياق ذاته، دعا الاجتماع الثلاثي (مصر والجزائر وتونس) حول
ليبيا، إلى ضرورة تنفيذ خطة "غسان سلامة"، مع تقديم المزيد من التنازلات
من قبل الأطراف الليبية لإعلاء المصلحة العليا للبلاد، والانتهاء من الأزمة في
أقرب وقت، وفق بيان لهم.
وطرحت تصريحات سلامة ودعم الاجتماع الثلاثي لخطته،
عدة تساؤلات حول: دلالة هذه التصريحات في الوقت الحالي؟ وهل ستنهي العلاقة بين
البرلمان ومجلس الدولة؟ وكيف سيرد عليها الطرفان؟ وهل أصبح الاتفاق السياسي جزءا من
الماضي؟
"سلامة"
سيفشل
من جهته، انتقد عضو البرلمان الليبي، جلال الشويهدي،
تصريحات سلامة، مؤكدا أنه "يريد تحقيق إنجاز خاص به وسريع، ودائما يسعى إلى
فرض طريقته وخطته على الليبيين، وهو يتحدث عن السيادة الليبية لكنه ينتهكها في نفس
الوقت، فهو يتعامل بازدواجية".
وأكد في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن
"هناك دولا معينة من مصلحتها إنهاء الاتفاق السياسي الآن وعلى رأسها دولة
الإمارات، والسؤال: هل ينفذ سلامة هذه الخطة مثلا؟"، مضيفا أنه "في
الحقيقة أن المبعوث الأممي لا يفهم المشهد الليبي ويعتبره حربا أهلية على غرار ما حدث
في لبنان، لكن ما حدث في ليبيا هو ثورة"، وفق قوله.
وحول رد فعل البرلمان على هذه التصريحات، قال
الشويهدي إن "البرلمان مشرذم جدا"، مستبعدا أن يكون هناك رد فعل رسمي،
"لكن ستكون ردودا فردية وفقط مثل تصريحي هذا"، مستدركا بقوله إن "سلامة
سيفشل في إتمام العملية الانتخابية لعدم وجود قانون انتخابي أو حتى دستور"،
وفق تقديره.
اقرأ أيضا: خطة أممية شاملة للتعامل مع المجموعات المسلحة الليبية
ورأى الأكاديمي الليبي محمود منصور، أن "الهدف
من إنهاء اتفاق الصخيرات هو إزاحة المجلس الأعلى للدولة، لأن فيه من يريد بناء
مؤسسات على خلاف البرلمان الذي يعرقل أي مبادرة للحل ويسعى فقط لبسط الطريق أمام
حفتر"، وفق رأيه.
وأوضح منصور لـ"عربي21"، أن "سلامة
فهم الأشخاص الذين أمامه وعرف كيف يتعامل معهم، وهو يستخدم هذا الأسلوب لعلمه بردة
الفعل للأسف، ولو كان هناك رجال لما تجرأ على هذه التصريحات، فهو يعمل على زيادة
رقعة المشاكل".
لكن الإعلامي الليبي، عاطف الأطرش، أشار إلى أن
"سلامة يستمد هذه التأكيدات من المهام الموكل إليها بتنفيذ بنود الاتفاق
بشكله النهائي دون الخوض في أي تعديلات، مضيفا لـ"عربي21"، أنه "ولو
استطاع البرلمان والمجلس الرئاسي التوافق من خلال التنازل عن بعض المطالب (واستبعد
ذلك) والاتفاق على التعديل فلن يكون هناك مبرر لأحد على عدم الموافقة على هذه
التعديلات"، حسب كلامه.
ثورة مضادة
ورأى أستاذ القانون الدولي والأكاديمي المصري السيد
أبو الخير، أن "خطة سلامة وكذلك المؤتمر الثلاثي بين دول الجوار الليبي مصر
وتونس والجزائر هدفهم وغرضهم واحد وهو منع الشعب الليبي من تقرير مصيره بيده
وإفشال أي محاولة قد تؤدى إلى ذلك، كما أنهم ينفذون بذلك ثورة مضادة".
وأضاف أبو الخير لـ"عربي21": "لا غسان
سلامة يعمل لصالح الشعب الليبي ولا الأمم المتحدة بكافة أجهزتها، فهي أصبحت إدارة
من ضمن إدارات وزارة الخارجية الأمريكية، وكذلك الدول الثلاث التي لا تستطيع إلا
تنفيذ تعليمات واشنطن".
من جهته، أشار رئيس منظمة "ليبيا
للإعلام"، نبيل السوكني، أن "هذه التصريحات لم تكن من باب الصدفة بل
كانت نتيجة لقاءات مع جميع الأطياف أوصلت سلامة إلى هذا التعليق، لأنه في غياب حفتر
الأخير كان هنالك تقارب بين رئيس البرلمان ورئيس مجلس الدولة، وطلب الأول ست وزارات ووافق الثاني عليها"، حسب معلوماته.
وتابع: "لن يوافق الطرفان (البرلمان ومجلس
الدولة) على هذه التصريحات لأنهم يعلمون أن سلامة موظف، وليس رئيس دولة يملي شروطه على السيادة الليبية"، حسب قوله لـ"عربي21".
خلية مسلحة تابعة لـ"سيف القذافي".. ماذا تفعل في طرابلس؟
هل سيوقف "حفتر" الحرب على مدينة درنة الليبية؟ (تقرير)
حفتر يطمح لمكاسب سياسية وعسكرية من دخول درنة.. ما هي؟