فند خبراء ومحللون اقتصاديون مبررات قرار الحكومة المصرية برفع أسعار الوقود والغاز المنزلي للمرة الرابعة منذ 2014؛ تمهيدا لتحرير سعره، ورفع الدعم عنه نهائيا.
وأكدوا في تصريحات منفصلة لـ"عربي21" أن
مزاعم الحكومة المصرية ومبرراتها لا ترقى للحقيقة، وتفتقر للمصداقية والشفافية،
وبها كم كبير من الاستخفاف بعقول المصريين، بدعوى أن الدعم لا يذهب إلى مستحقيه،
من الفقراء ومحدودي ومتوسطي الدخل.
وبرر وزير البترول المصري طارق الملا، ما أسماها
بقرارات تصحيح منظومة دعم المنتجات البترولية وتعديل التشوهات السعرية في هذه
المنظومة للحد من الآثار السلبية، التي خلفتها منظومة الدعم المشوهة التي استمرت
على مدار سنوات طويلة، على الاقتصاد المصري.
اقرأ أيضا: هل يقبل المصريون مبررات الحكومة لرفع أسعار المحروقات؟
وزعم الوزير أن الدعم كان أكبر عامل سلبي يعيق تحقيق
العدالة الاجتماعية داخل المجتمع في ظل استفادة الفئات الأعلى دخلا، بينما لا
تستفيد الفئات الأقل دخلا إلا بالنسبة الأقل، مشيرا إلى أن إجمالي دعم المنتجات
البترولية والغاز الطبيعي خلال السنوات الخمس الماضية بلغ 517 مليار جنيه.
وقررت الحكومة المصرية السبت، رفع سعر لتر بنزين 95
إلى 7.75 جنيه للتر، وبنزين 92 إلى 6.75 جنيه، وبنزين 80 إلى 5.5 جنيه للتر،
والكيروسين إلى 5.5 جنيه للتر، والسولار إلى 5.5 جنيه للتر، ورفع سعر غاز
السيارات إلى 2.75 جنيه لكل متر مكعب، ورفع سعر الغاز المنزلي إلى 50 جنيها
للأسطوانة، و100 جنيه للتجاري.
تشوهات السوق لا الدعم
بدوره، قال الخبير في الاقتصاد السياسي محمد شيرين
الهواري إن "الزيادات الجديدة في أسعار المحروقات، لن تؤتي أي نتائج ملموسة
سوى التجميل الشكلي البحت لعجز الموازنة العامة، ما لم تصحبها إجراءات هيكلية
أخرى، مثل إنهاء الأوضاع الاحتكارية بسوق الوقود وكافة المنتجات البترولية
ومشتاقتها الأخرى التي تسيطر عليها الدولة.
ورأى الهواري في حديث خاص لـ"عربي21" أن
"المسألة ليست دعم المحروقات؛ ولكن إصلاح العيوب الحقيقية التي تشوه السوق
البترولية في مصر، تمنع خلق أوضاع تنافسية حقيقية، تنعكس على انخفاض الأسعار
وتجعلها في متناول يد المواطنين، وبما يضمن عدم قيام موجة تضخمية جديدة قد تعصف
بالبقية الباقية من القدرة الشرائية المحدودة أساسا".
اقرأ أيضا: كيف قتلت زيادة أسعار الوقود فرحة المصريين بالعيد؟
وسخر الأكاديمي المصري والمختص بالشأن الاقتصادي
محمد نبيل، من مبررات الحكومة في رفع أسعار الوقود، قائلا: "لا يوجد إنسان
عاقل يمكنه أن يدعي أن زيادة أسعار المحرقات يقتصر تأثيرها على أصحاب السيارات
الملاكي والأغنياء، واختزالها في هذا الأمر؛ لأن تأثير هذه الزيادة يمتد إلى كل
شيء في حياة جميع المصريين فقراء وأغنياء دون استثناء بنفس الحجم".
وأضاف نبيل لـ"عربي21": "للأسف رأينا
في زيادة أسعار الكهرباء الأخيرة أن نسبة الزيادة على الشريحة الأشد فقرا كانت 70
بالمئة، في حين زادت على أعلى شريحة (الشريحة الأغنى) بنسبة 8 بالمئة فقط"، لافتا
إلى أنه "لا يوجد دليل أوضح من ذلك على انحياز هذا النظام للأغنياء ضد
الفقراء".
موجات تضخمية
وعلق مستشار وزير التموين الأسبق عبدالتواب بركات،
بالقول إن "الحكومة المصرية ترفع أسعار المحروقات هذه المرة، إذعانا لمطالب
صندوق النقد الدولي"، مشيرا إلى أن "هذه الزيادات الجديدة سوف تزيد
أسعار نقل الركاب والسلع والبضائع، ما يرفع معدلات التضخم ويزيد من معدلات الفقر،
ومعاناة العمال والموظفين وطلاب الجامعات".
وأوضح لـ"عربي21" أن "زيادة أسعار
السولار على وجه الخصوص سوف يزيد من تكاليف إنتاج المحاصيل الغذائية، ما يزيد من
أعباء الفلاحين الفقراء ومعاناتهم بعد تضاعف أسعار الأسمدة والسولار في المرات السابقة،
والتشبب في موجات تضخمية تسفر عن سقوط أعداد جديدة من المصريين تحت خط الفقر،
والذي زادت نسبته عن 50 بالمئة وفق تقديرات مراكز أبحاث أجنبية".
وحذر بركات من أن "زيادة أسعار الوقود تقلل فرص
الدولة في جذب استثمارات أجنبية، بسبب زيادة تكاليف الإنتاج، ما يزيد من معدلات
البطالة والجرائم المرتبطة به".
وفي الإطار ذاته، حذر الباحث الاقتصادي عبد الحافظ
الصاوي، من أن رفع سعر الوقود "سيؤدي إلى وجود ارتفاع في جميع الأسعار في
السوق؛ لأنه يمثل 30 بالمئة من تكلفة إنتاج السلع والخدمات، ومع ارتفاع كافة أنواع
الوقود سترتفع أسعار المواصلات ونقل البضائع، يعقبه ارتفاع في جميع الأسعار".
اقرأ أيضا: مصر ترفع أسعار المحروقات بشكل مفاجئ.. تعرف عليها
وأشار الصاوي لـ"عربي21" إلى أن "كل
ذلك سوف ينعكس أيضا على أجور الأطباء والمدرسين وغيرهم"، مؤكدا أن "مصر
تنتظر في ظل تطبيق مجموعة من الإجراءات بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي موجة جديدة
من التضخم سوف تبدأ في أعقاب رفع أسعار الوقود وتستمر لمدة 6 أشهر كما حدث في
نوفمبر 2016، ليتجاوز الـ20 بالمئة".
وفند مزاعم الحكومة برفع الأسعار لتوفير الدعم
للفقراء، قائلا:" الحكومة لا تقدم أي رعاية اجتماعية تشمل أصحاب الدخول
المحدودة، فضلا عن العمالة الموسمية، أو الباعة الجائلين، أو العاملين في القطاع
شبه الخاص، وغير المنظم، سترتب عليه آثار اجتماعية سلبية".
لماذا يتمسك النظام المصري باختيار رجل اقتصاد لرئاسة الوزراء؟
زيادة سعر المياه 3 أضعاف في ولاية السيسي الأولى (إنفوغراف)
خطة السيسي للتخلص من 5 ملايين موظف.. تعرف عليها