للمرة الثالثة على
التوالي، يؤجل البرلمان الليبي جلسته المزمع عقدها من أجل التصويت على قانون
الاستفتاء على الدستور، بدعوى الاشتباكات الدائرة في طرابلس، وسط تساؤلات عن علاقة
الأحداث غرب البلاد بجلسة ستعقد في شرقها.
وأكد المتحدث الرسمي
باسم البرلمان، عبد الله بليحق أنه تم تأجيل الجلسة المخصصة لمناقشة الاستفتاء على
الإعلان الدستوري، على أثر عدم تمكن العديد من النواب في العاصمة طرابلس من القدوم
بسبب الأحداث الأمنية التي تشهدها المدينة".
استغلال
من جهته، أشار
البرلماني الليبي، علي السعيدي إلى أن "إلغاء الجلسة التي كان مقررا عقدها
اليوم الاثنين جاء لسببين الأول: عدم تمكن نواب المنطقة الغربية من الحضور إلى طبرق
نظرا للأوضاع الأمنية هناك، والثاني عدم وجود أي عضو من هيئة الرئاسة لاستئناف
الجلسة"، وفق تصريحات تلفزيونية.
ورأى مراقبون أن
"البرلمان استغل أحداث طرابلس للتهرب من التصويت على قانون الاستفتاء الذي
يتلكأ منذ فترة في إصداره، وأن الاشتباكات ستكون بمنزلة إنقاذ للبرلمان من أزمة
التصويت التي أحرجته أمام حتى مؤيديه"، وفق قولهم.
مؤامرات شرقا وغربا
من جهته، قال الناشط
السياسي الليبي، عبدالقادر القنين إن "البرلمان أصبح أداة في أيدي الثورة
المضادة للثورة الليبية، وهو رافض تماما للخروج من المرحلة الانتقالية، ويضع
العقبات دائما في طريق أي حل ينقذ
ليبيا أو يخرجها من الحرب الدائرة فيها"،
حسب رأيه.
وأكد في تصريحات
لـ"
عربي21"، أن "الاستفتاء على الدستور هو الطريق الوحيد لإنقاذ
ليبيا والذهاب إلى الانتخابات وإلغاء جميع الأجسام السياسية الموجودة الآن، لذا لن
يصدر البرلمان أي قرار بخصوص هذا الاستفتاء، أما أحداث طرابلس فليست بمنأى عن
الأمر، كونها هي أيضا جزء من المؤامرة لزعزعة الأمن".
ذريعة للهروب
وقال المدون من الشرق
الليبي، فرج فركاش إن "أحداث طرابلس أعطت ذريعة جاهزة للبرلمانيين بعدم
الحضور، وحتى لو لم تكن هناك اشتباكات، فمن الواضح عدم توافق مجلس النواب فيما
بينهم على مشروع القانون، خاصة المادة السادسة منه التي تنص على 3 أقاليم".
وأوضح في تصريحه
لـ"
عربي21" أنه "بعد بيانات البرلمان الأخيرة بين مؤيد ومعارض
للاتفاق السياسي وبيان مجلس الدولة، سيبقى مشروع القانون على الرف إلى حين تضمين
الاتفاق المعدل في الإعلان الدستوري لكي يتسنى استخدام آليات من مجلسي النواب
والدولة لتغيير المجلس الرئاسي وحكومته، وفق تقديره.
إسقاط البرلمان
لكن المحلل السياسي
الليبي، أسامة كعبار رأى أن "العلاقة التى تربط أحداث طرابلس وبرلمان طبرق، هي
أن هذه الأحداث من أجل إسقاط البرلمان العبثي، ومعه كل الأجسام السياسية الأخرى التي جثمت على الشعب الليبي حتى قاربت على إزهاق أنفاسه"، وفق تعبيره.
وأضاف
لـ"
عربي21" أن "الحراك العسكري الراهن في طرابلس هو من أجل وضع حد لكل
العابثين، سواء السياسيين أو المليشيات التي سيطرت على القرار السياسي والاقتصادي"، مشددا على أنه بات من المهم أن ينجح هذا الحراك لإنقاذ ليبيا مما هي فيه من حالة
الفوضى والتيه السياسي".
شماتة ومماطلة
بدوره قال
الناشط الليبي المقيم في كندا، خالد الغول إن "البرلمان غير مهتم بنتائج
الكارثة التي تحدث في طرابلس الآن، بل قد يظهروا شماتة وفرحا بها نظرا لعقليتهم
القبلية، بل لا أستبعد أن يكونوا جزءا منها، ويستخدم هذا البرلمان أسلوب المماطلة
للوصول إلى مبتغاه وهو الاستحواذ على البلاد بالكلية".
واستدرك قائلا:
"يريدون تحقيق هذا الاستحواذ بالتعاون مع نظام السيسي، لكن كل هذا فشل بسبب
إصرار المجتمع الدولي على العمل فقط مع المجلس الرئاسي وحكومته، بل يضغط هذا
المجتمع على البرلمان"، حسب تصريحه لـ"
عربي21".
عضو حزب "العدالة
والبناء" الليبي، إبراهيم الأصيفر أشار إلى أن "البرلمان دائما ما يخلق
الأعذار الواهية من أجل الهروب من عملية الاستفتاء، وهذه المرة كان هناك من أجج
الموقف في طرابلس قدم له هدية من ذهب لتأجيل جلسة التصويت التي لم تكن ستنعقد من
الأساس"، كما قال.
وتابع
لـ"
عربي21": "وبدلا من عقد المجلس جلسة طارئة لتدارس سبب الاحتراب
المحتدم في تخوم العاصمة، نراه يتملص من مسؤليته في التصويت على قانون ينتظره
الليبيون، لعله يخرجهم من هذا النفق المظلم"، وفق تصريحاته.