نشرت
صحيفة "
نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية تقريرا تحدثت فيه عن وضع
الناشطين الحقوقيين داخل المملكة العربية
السعودية وخارجها. ومنذ فترة، تشن الحكومة
السعودية حملة اعتقالات على الناشطين الحقوقيين داخل المملكة وخارجها.
وقالت
الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه يبدو أن الشعب السعودي
سيدفع ثمن صمت الدول الغربية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، حيث تعرض
الناقد السعودي الساخر، غانم الدوسري، لاعتداء على مرأى ومسمع من الجميع
في شوارع
لندن.
وأشارت
الصحيفة إلى أن المملكة العربية السعودية لم تعد تتسامح مع أي نقد يوجه إليها حتى
لو كان من قبيل السخرية، حيث أصبح أي نقد يوجه للمملكة على شبكة الإنترنت يواجه
بعقوبة صارمة قد تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات. من جانبهم، استقبل العديد من
المعارضين السعوديين في الخارج هذه الأخبار بابتسامة ساخرة. لكن، بعد تعرض الناقد
غانم الدوسري للهجوم في لندن اختفت هذه الابتسامة تماما.
وأفادت
الصحيفة أن الدوسري، الذي يمتلك قناة على يوتيوب يسخر فيها من العائلة المالكة
السعودية، ذهب رفقة صديق إنجليزي إلى مقهى وسط لندن. وأفاد الدوسري لصحيفة
"الإندبندنت" البريطانية أنه بمجرد أن غادر وصديقه المقهى صاح في وجهه
مجموعة من المارة قائلين: "من أنت لتتحدث عن عائلة آل سعود؟".
وأضافت
الصحيفة أن المعتدين تمكنوا من صفع الدوسري على وجهه، لكنهم لاذوا بالفرار قبل قدوم الشرطة. في المقابل،
أعلن الدوسري المعارض للحكومة السعودية أنه لن يتوقف عن النقد وأن على هؤلاء أن
يشعروا بالخجل من أنفسهم. وقد تمكن هؤلاء المعتدون من الاختفاء تماما في شوارع لندن
بعد هذه الحادثة. وعلق الدوسري على ذلك قائلا: "لم أتوقع مطلقا أن أتعرض
للهجوم في لندن لأنني أشعر بالأمان هنا". والجدير بالذكر أن الدوسري يعيش في
المملكة المتحدة منذ سنة 2000 بعد فراره من المملكة العربية السعودية.
وأوضحت
الصحيفة أن الرياض لم تتخذ مثل هذا الموقف المعادي للمعارضة من قبيل الصدفة، كما
أن الصمت الغربي تجاه ذلك الموقف يعد أكثر بطشا بالمعارضين. فمنذ بضعة أشهر،
استقبلت لندن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، استقبالا رسميا وقدمته على أنه
"الرجل الذي يقود المملكة نحو الحداثة" في حملة ضخمة ليس لها مثيل.
آنذاك، ظهرت إحدى اللوحات الإعلانية في شوارع لندن كتب عليها: "هذا الرجل (أي
محمد بن سلمان) يقود المملكة نحو التغيير".
وتطمح
الحكومة البريطانية إلى الحصول على الدعم الاقتصادي من المملكة العربية السعودية
بعد خروجها رسميا من الاتحاد الأوروبي. وفي حزيران/ يونيو الماضي، قامت الرقابة
المالية البريطانية بتعديل قوانينها الأساسية من أجل أن يتم تداول أسهم شركة
أرامكو السعودية للنفط في بورصة لندن.
وأبرزت
الصحيفة، في السياق ذاته، أن ولي العهد السعودي تابع جولته الخارجية من أجل الحصول
على دعم أكبر لسياسته في بلاده، حيث بعد زيارته للندن بأسابيع توجه إلى الولايات
المتحدة الأمريكية. وقد قابل بن سلمان عددا هاما من الشخصيات الأمريكية إلى جانب
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من بينهم رئيس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، ورجل
الأعمال، ريتشارد برانسون. فضلا عن ذلك، يعتبر صهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، من
أكبر المؤيدين لسياسة ولي العهد السعودي.
وأوضحت
الصحيفة أن كوشنر يعتقد أن ابن سلمان يستطيع أن يشكل جبهة قوية مع إسرائيل في الشرق
الأوسط ضد النفوذ الإيراني. ومن الواضح أن كوشنر هو من أقنع ترامب بأن يقوم بأول
زيارة خارجية له إلى السعودية. كما يبدو أن السعودية لم تتخذ خطوة مقاطعة قطر في
حزيران/ يونيو سنة 2017 إلا بتشجيع من الإدارة الأمريكية، حيث اتهمت الرياض الدوحة
بتمويل الإرهاب وأن لها علاقة بإيران.
وعلى
الرغم من الوعود الإصلاحية التي قدمها ابن سلمان إلا أنه ألقى القبض على رجال الدين
المعارضين لإصلاحاته، وكذلك على مجموعة من النشطاء الليبراليين. وفي الوقت الحالي،
يواجه كل من رجل الدين، سلمان العودة، والناشطة الشيعية، إسراء الغمغام، عقوبة
الإعدام.
وفي
الختام، أكدت الصحيفة أن وعود الإصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها ابن سلمان أصبحت
وعودا وهمية مع مرور الوقت، خاصة بعد إعلان الدولة بيع حصة من شركة أرامكو للنفط.
كما يبدو أن ما فعلته لندن مع الرياض ليس له جدوى.