قالت مصادر أهلية في المناطق التي تعرض سكانها للتهجير بريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي إن سماسرة تابعين للنظام السوريين نشطوا في عمليات شراء للمنازل المدمرة وأراضي المهجرين بهدف "إعادة تشكيل ديمغرافية المنطقة".
وقال أبو خالد، الرجل
الخمسيني، وهو ممن لا زالوا داخل مدينة الرستن بريف حمص الشمالي إن أعيان المنطقة
والمخاتير (المكلفين من مديرية بلدية النظام ومن حزب البعث) في المناطق التي دخلها
النظام مؤخراً في ريفي حماة وحمص بدأت تمارس عمليات السمسرة على الأبنية المدمرة
بالكامل والمنازل المهدّمة جراء الحرب والوصول إلى اتفاقات البيع والشراء مع
أصحابها المتبقين في مناطقهم أو المهجّرين منها.
وأضاف أن ذلك يتم عن
طريق شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي و"الواتس آب"، للوصول إلى
سعر زهيد لبيع أراضيهم وممتلكاتهم إلى مستثمرين إيرانيين وإلى رؤوس أموال تجار
دمشق ممن تعرف موالاتهم للنظام.
وتابع أبو خالد أن
المخاتير والأعيان والبعثيين، بات عملهم الخدمي يقتصر على السمسرة وتوفيق البيع
بين المستثمرين والبائعين من أهالي المنطقة، حتى وصل الأمر إلى شراء الأبنية
والمنازل التي ما زال أهلها يقطنون فيها ممن رفضوا التهجير خارج بلداتهم، وإعطائهم
وعودا بإقامة أبنية جديدة في ضواحي وأطراف تلك المناطق لمنحهم منازل بداخلها أثاث
جديد لاستبدال ما دمره القصف.
وأشار إلى أن هذا على
سبيل تقديم المغريات للأهالي من أجل زيادة عدد الأراضي والمنازل المباعة للوصول
إلى أكبر قدر ممكن من مساحة البلدات والمناطق، وذلك وفق عقود تنظّم في دوائر
مديرية البلدية التابعة للنظام والتي افتتحت مؤخراً فيها.
وعن أسباب تركيز
النظام ورؤوس أمواله والتجار الإيرانيين على شراء تلك الأبنية المدمرة، والتي
بالكاد تعود عليهم بالربح، يقول الناشط الإعلامي بريف حمص حمود الحمصي
لـ"عربي21": "إن الربح المادّي لم يكن هدفهم الأساسي، بل هو سعيهم في
الوصول إلى توسيع نفوذهم والسيطرة على أكبر قدر ممكن من مساحات تلك المناطق
وامتلاكها ومنع المهجّرين من العودة إليها في المستقبل القريب".
وأوضح الحمصي أنه جراء
عمليات الشراء في القصير وريف دمشق فإن الآلاف منعوا من العودة إلى مناطقهم خلال
السنوات القادمة حيث لم يعد لهم مأوى أو شيء يربطهم مع مناطقهم الأم.
ووفق لمصادر محلية فإن
المناطق التي يجري شراؤها لن يسمح لأحد ممكن سكنها سابقا أن يعود إليها لأنها
ستتحول إلى مناطق تتبع عسكريين وإيرانيين وموالين للنظام ضمن خطة تغيير ديمغرافي
شاملة.
ويسعى الإيرانيون في
التمدد في هذه المناطق لموقعها الجغرافي القريب من المركز الإيراني في حماة وهو
اللواء 47 المركز الخاص بالحرس الثوري الإيراني وضباطه في محافظة حماة والذي يعمل
على إدارة العمليات العسكرية في المنطقة، كما يحوي بداخله المتطوعين من الحرس
الإيراني من المدنيين السوريين التابعين للنظام.
وتعتبر مناطق الرستن
وتلبيسة ومناطق ريف حماة الجنوبي مناطق قريبة للسكن لعناصر هذا اللواء، كذلك
يتواجد بالقرب منه مبنى البحوث العلمية الذي يحوي بداخله أيضاً عناصر وضباط من حزب
الله اللبناني وإيرانيين أيضاً.
وعن الأسعار الزهيدة
التي تعرض على البائعين من أهالي المنطقة، قال بلال الشاب الثلاثيني في مدينة
الرستن بأن السمساسرة يعملون على الشراء بأسعار لا تتجاوز الـ40% من أسعار المنازل
الحقيقية تحت حجّة التدمير وبأن المنطقة غير مؤمنة خدمياً، وسعيهم الكبير في شراء
المنازل والأبنية قبل ترميمها للحصول عليها على هذا الحال لكسر أسعارها.
ووصل متوسط شراء سعر المنازل
في الرستن إلى أربعة ملايين ليرة سورية، فيما يفترض بحسب تقديرات أهالي المنطقة أن
يصل سعرها الحقيقي إلى أكثر من 12 مليون ليرة سورية، نسبة لارتفاع أسعار جميع
العقارات في سورية مع انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وبالتالي
فإن البائع من الأهالي خسر الملايين في بيع منزله بهذا السعر، كما خسر حلم عودته
إلى بلدته مدى الحياة.
وقال الناشط السياسي محمد
العابد بأن هذا السيناريو بات يكرر ذاته في جميع المناطق في سوريا، فمدينة القصير
كانت أولى المناطق التي رسم لها تغيير ديمغرافيتها وتجهيزها لأبناء الطائفة
الشيعية من لبنان وسورية، حيث تحولت لمدينة تحوي بداخلها مئات العائلات لمقاتلي
حزب الله اللبناني في سورية وأهالي ضباط النظام من الطائفة الشيعية بشكل خاص.
وأوضح أن النظام لم
يتوقف حينها عند ذلك بل عمل على نقل البعض من مهجرّي بلدات كفريا والفوعة
المواليتين للنظام إلى مدينة القصير جنوبي حمص وبذلك حوّل طابع المنطقة ذات
النسيج الطائفي الذي كانت تحويه المدينة إلى منطقة تحمل طابعاً شيعياً بامتياز.
ظريف يروّج لدور إيراني باتفاق روسيا وتركيا بشأن إدلب
مراقبون لـ"عربي21": النظام فشل في جر إدلب لـ"المصالحة"
المئات يفرون من جنوب إدلب والنظام السوري يستمر بقصفه