طالب الرئيس الأمريكي وللمرة الرابعة
السعودية بدفع الأموال مقابل الحماية بقوله في كلمة ألقاها في ولاية أيوا الأمريكية "قلت للملك سلمان، أنا آسف يجب عليك إخراج أموالك وتدفع لنحميك"؛ وبذلك يُظهر ترمب إصراره على المسألة رغم الرد الذي جاء من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أثناء مقابلة على قناة بلومبيرغ بالقول إن السعودية لن تدفع الأموال مقابل أمنها.
خطاب أمريكي محرج
لغة ترمب أصبحت محرجة جدا للمملكة العربية السعودية التي تواجه العديد من الأزمات على رأسها الحرب في اليمن وأزمة العلاقة مع قطر والمواجهة مع طهران وأخيرا أزمة
اختفاء الصحفي السعودي جمال
خاشقجي؛ القضية التي باتت أمريكا طرفا مباشرا فيها بعد أن كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، الأربعاء، أن الاستخبارات الأمريكية رصدت اتصالات بين مسؤولين سعوديين، بحثوا خلالها خطة للقبض على الصحفي جمال خاشقجي، قبل اختفائه بأسبوع؛ لتضيف مزيد من الضغوط على العربية السعودية.
ترمب لم يطل صمته بعد لقاء ولي العهد محمد بن سلمان على قناة بلومبيرغ؛ وازداد قوة مستثمرا في الأزمات التي تواجهها الممكلة العربية السعودية؛ فتسريبات الاستخبارات الأمريكية ترافقت مع تصريحات للسيناتور الجمهوري بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي إن الرواية السعودية عن مصير خاشقجي غير متماسكة وغير معقولة؛ مضيفا لموقع ديلي بيست أن كل شيء يشير إلى أنه تعرض للقتل الأسبوع الماضي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول؛ وموضحا أنه توصل لهذه القناعة بعد الاطلاع على معلومات استخباراتية سرية؛ وتابع بأن علاقات بلاده في الوقت الراهن مع السعودية في أسوأ مراحلها عبر التاريخ".
سؤال مُرعب
تصريحات وتسريبات تبعها الإعلان عن نية الولايات المتحدة إجراء تحقيق مستقل لمتابعة اختفاء الصحفي السعودي خاشقجي ليرفع من مستوى الضغوط على المملكة العربية السعودية؛ تطورات تطرح سؤالا مُهمّا: هل تم توريط السعودية في ملف الاغتيال والاختفاء وباتت القضية مشابهة لاحتلال العراق للكويت التي تورط فيها العراق بعد مؤشرات من واشنطن أنها لن تتدخل؛ لتتدخل بعد ذلك بقوة وتعيد هندسة المنطقة بأكملها؛ فهل اغتيال واختفاء خاشقجي (فخ نصب للسعودية)؟ سؤال مهم ومرعب.
ترمب الذي حيد قانون جاستا وانسحب من الاتفاق النووي عاد ليمارس الضغط على السعودية من أبواب جديدة وبات أكثر جرأة في ابتزاز المملكة العربية السعودية مضاعفا الضغوط على بنيتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ قدمت له أزمة اختفاء خاشفجي فرصة ثمينة لممارسة مزيد من
الضغوط على المملكة العربية السعودية.
لم تعد أزمة اختفاء خاشقجي ملفا ثنائيا في العلاقات التركية ـ السعودية بل أزمة تأخذ أبعادا دولية بتدخل ألمانيا وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية؛ فتركيا مهما بغلت من حرص على أمن السعودية ومستقبلها ومهما بلغت المصالح المشتركة المقدرة بـ 8 مليارات دولار تبادلا تجاريا وأكثر من 100 مليار دولار استثمارات سعودية في
تركيا؛ فإن أنقرة لن تتمكن من تحمل تبعات ملف اختفاء خاشقجي وحدها من خلال إجراء تفاهمات مع المملكة العربية السعودية؛ فالملف كما هو واضح خرج من العباءة التركية ليصبح ملفا دوليا بامتياز؛ فرغم المناورات التركية لم تقدم السعودية إلى الآن رواية متكاملة للحادثة تسهم في احتواء تداعياتها .
ختاما أزمة القنصلية السعودية واختفاء خاشقجي باتت ملفا دوليا سيكون له تداعيات خطيرة على المملكة العربية السعودية إن لم تتداركه الرياض بتقديم رواية متماسكة ومقنعة تتضمن تقديم توضيحات مهمة لحماية أمن السعودية واستقرارها ومحاكمة المتورطين إن وجدوا؛ فإن المؤشرات كلها باتت تؤكد أن ما تملكه الدوائر الأمريكية عن الحادثة كبير جدا وسيتم استثماره بشكل غير مسبوق؛ مسألة تعكسها تصريحات ترمب الجريئة وغير المسبوقة.