نشر موقع "مودرن ديبلوماسي" الأمريكي تقريرا تحدث من خلاله عن ارتباط الاستثمار الرياضي المتعثر، الذي تقوده المملكة العربية
السعودية داخل البلاد وخارجها، ارتباطا وثيقا بصورة السياسة الخارجية والداخلية التي تنتهجها حكومتها.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم،
تركي آل شيخ، يمثل أفضل وجه للسياسة السعودية المضطربة. وحيال هذا الشأن، ينتهج آل شيخ دبلوماسية رياضية تقوم بالأساس على الإنفاق ببذخ وممارسة الإكراه مع الخصوم، وهو ما لا يقود إلى تحقيق النجاح بأي شكل من الأشكال.
وأضاف الموقع أن تركي آل شيخ يعد من الأشخاص المقربين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث كان أحد حراسه الشخصيين في السابق، ناهيك عن كونه الرئيس الفخري السابق لنادي التعاون السعودي لكرة القدم. ومن جهته، اعترف الأمير الوليد بن طلال بمكانة آل شيخ في التسلسل الهرمي للسلطة داخل المملكة.
تجدر الإشارة إلى أن بن طلال كان ضمن لائحة رجال الأعمال والأمراء الذين تم احتجازهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض خلال السنة الماضية، وذلك كجزء من مساعي ولي العهد لتقويض نفوذهم وسلبهم أموالهم.
وأضاف الموقع أن تركي آل شيخ كان مقربا من سعود القحطاني، المستشار بالديوان الملكي السعودي، والذي تمت تنحيته من منصبه عقب تصاعد الأصوات المشيرة إلى ضلوعه في مقتل الصحفي جمال خاشقجي. ومع ذلك، فشلت الدبلوماسية الرياضية المشوبة بالحماقة التي ينتهجها آل شيخ في تحقيق أهدافها. وإن لم يكن ذلك كافيا، فإنها قد ساهمت في زيادة الطين بلة وتعميق أزمات المملكة المتنامية.
وذكر الموقع أن أهداف المملكة كانت تتمثل في التحول إلى مركز لإدارة
كرة القدم على المستويين الإقليمي والعالمي، وذلك من خلال شن حملة مضادة لاستضافة قطر لمونديال 2022، فضلا عن التوجه نحو مصر والاستثمار في الدوري المصري الممتاز. علاوة على ذلك، سعى النظام السعودي إلى اعتماد
الرياضة كورقة ضغط لدفع المغرب إلى تأييد ودعم الحصار الذي يفرضه على قطر.
وأفاد الموقع أنه رغم إنفاق المملكة العربية السعودية لمئات ملايين الدولارات لاستضافة الأحداث الرياضية الهامة، على غرار بطولات دبليو دبليو إي للمصارعة والمباريات الودية بين كبار المنتخبات العالمية، إلا أنها بالكاد تمكنت من تلميع صورة نظام محمد بن سلمان لدى المجتمع الدولي. ويرجع سبب ذلك إلى فظاعة جرائم الرياض، على غرار اغتيال خاشقجي والحرب على اليمن، والتي تسببت في حدوث أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
وأشار الموقع إلى مساعي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم باستحداث بطولة دولية تبلغ قيمتها 25 مليار دولار، وهو ما من شأنه تعزيز نفوذهم على الكرة العالمية وتضييق الخناق على قطر، التي تستعد لاستضافة كأس العالم لسنة 2022 في ظل الحصار الاقتصادي المجحف من طرف الإماراتيين والسعوديين.
علاوة على ذلك، تطمح حكومة الرياض إلى ممارسة الدبلوماسية الرياضية لإقناع رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو، باعتماد نظام 48 منتخبا في مونديال 2022، وذلك حتى تستضيف البلدان المجاورة لقطر بعض المباريات، وهو ما يعني مشاركتها حقوق البث. ولم تتوقف السلطات السعودية عند هذا الحد، لتعمد إلى قرصنة بث مجموعة قنوات بي إن سبورتس القطرية وعرض فعاليات مونديال روسيا 2018 بطريقة غير شرعية.
وأوضح الموقع أن الأيدي السعودية امتدت لكرة القدم المصرية في سبيل زيادة نفوذها على المجال الرياضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث قام تركي آل شيخ بالسيطرة على أحد نوادي الدرجة الأولى في مصر بالاعتماد على تمويلات يُعتقد أنها صادرة عن ولي العهد محمد بن سلمان. وقبل ذلك، سعى آل شيخ للتحكم بزمام الأمور داخل نادي الأهلي المصري، لكن محاولاته باءت بالفشل.
ونتيجة لرفض النادي الأهلي، عمل تركي آل شيخ على استثمار مبالغ كبرى من المال لتأسيس نادي بيراميدز المصري، والذي كان يعرف باسم الأسيوطي سبورت. ولم يكتفِ المستثمر السعودي البالغ من العمر 37 سنة بهذا الحد، ليدفع مبلغ 33 مليون دولار نظير التعاقد مع ثلاثة لاعبين برازيليين وإطلاق قناة فضائية خاصة بالنادي الجديد.
وذكر الموقع أن ما قام به آل شيخ أثار سخط جماهير النادي الأسيوطي، وهو ما دفعهم إلى توجيه الإهانات إليه ولعائلته خلال إحدى مباريات الفريق في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي. نتيجة لذلك، قرر الرجل المقرب من ولي العهد إنهاء مغامرته في الدوري المصري الممتاز، خاصة مع تجاهل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، طلبه للتدخل لفض الإشكال بينه وبين الجماهير المصرية.
وفي الختام، أوضح الموقع أن توجه تركي آل شيخ نحو الاستثمار في مجال الرياضة على المستويين الإقليمي والعالمي زاد الأمور سوءا بالنسبة للنظام السعودي، ومنعه من تلميع صورته الملطخة بالدماء عقب الاغتيال الوحشي للصحافي السعودي جمال خاشقجي.