يواصل
مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، مارتن غريفيث، جهود التهيئة لجولة جديدة من محادثات
السلام بين أطراف النزاع
اليمنية، التي أبدت ترحيبها في المشاركة في تلك الجولة المتوقع
عقدها في
السويد الشهر المقبل.
فبعد
يومين من زيارته للعاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة
الحوثيين، ولقائه بزعيمها عبدالملك الحوثي الخميس،
دعا خلال زيارته مدينة الحديدة، الجمعة، للحفاظ على السلام في المدينة الواقعة على
ساحل البحر الأحمر في غرب اليمن، التي تشهد تراجعا في وتيرة المواجهات بين القوات الموالية
للحكومة ومسلحي الحوثي.
ورغم
أجواء التفاؤل التي تحيط بتحركات المبعوث الدولي لعقد جولة جديدة من المشاورات بين
أطراف النزاع باليمن، تثار شكوك كبيرة حول فرص نجاحها ، لاسيما إذا تم استدعاء تجارب
الجولات السابقة من
المفاوضات، التي فشلت بعضها قبل انطلاقها، آخرها جنيف3 التي كان
مقرر عقدها في 6أيلول/ سبتمبر الماضي.
"فرص معدومة"
وفي
هذا السياق، قال نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر" (محلية )، علي الفقيه إن
هناك ضغطا واضحا من أجل إنجاح المشاورات والتوصل إلى تهدئة تحقق وقف العمليات العسكرية.
وأضاف
في حديث لـ"
عربي21" أنه بالنظر إلى الظروف الإقليمية والضغط الموجه على السعودية
فإنها تبدو بالنسبة للمجتمع الدولي اللحظة المناسبة.
لكن
الصحفي الفقيه استدرك قائلا: "الوضع المحلي لا يعطي أي مؤشرات لإمكانية تحقيق
السلام". معللا ذلك بأن جماعة الحوثيين تستميت في عدم التراجع عن الانقلاب، كما
وتستبعد تماما أن تسلم السلاح أو تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها.
وأشار
إلى أنه "لا توجد أي فرصة لسلام حقيقي خلال هذه الجولة. مشددا أنه لن يتحقق سلام دائم وشامل إلا بتحقيق هزيمة عسكرية
للمتمردين الحوثيين بعدها سيقبلون بما يحافظ على بقائهم إن هم قبلوا أن يتحولوا إلى
جزء من الحياة السياسية ككيان منزوع المخالب، أي قوة السلاح التي تجعلهم يفرضون سيطرتهم
على اليمنيين بالقوة".
وأوضح
نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر، أنه يمكن للسلام أن يتحقق في حالة واحدة، إذا قبلت الحكومة
الشرعية والأطراف الداعمة لها بما وصفه "إعدام الشرعية والقبول بما يقدمه الحوثي
من فتات سيكون بمثابة طعم تتمكن من خلاله من تحييد الخليج وعمل هدنة مؤقتة يستعيد فيها
ترتيب أوراقه ليتفرغ بعد ذلك لجولة جديدة من الحرب".
وحسب
المتحدث ذاته فإن "تلك الحرب ستكون أشد ضراوة من سابقيها وستكون محطة مهمة بالنسبة
للحوثيين لاستكمال السيطرة على البلد ويكون حينها قد حصل على الاعتراف بشرعيته إقليميا
ودوليا".
"شكوك وفشل"
من جانبه،
يرى رئيس مركز يمنيون للدراسات، الدكتور فيصل علي، أن مارتن غريفيث، يتكئ منذ اليوم
الأول لتوليه منصبه الأممي الخاص لليمن على جنسيته (البريطانية) لإنجاح مهمته، لا على
كونه مجرد مبعوث للأمم المتحدة.
وأكد
في حديث لـ"
عربي21" أن غريفيث يدرك قبل غيره أنه يسير عكس عقارب الساعة في
اليمن، غير مكترث للمقدمات، بل يبحث عن نتائج ترضي بريطانيا أولا.
وكانت
لندن قد وزعت يوم الاثنين الماضي، مسودة مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى هدنة فورية
للقتال في مدينة الحديدة، وتحديد مهلة أسبوعين لأطراف الصراع لرفع كل الحواجز أمام
المساعدات الإنسانية.
وقال
علي إن أي سلام لا يستند على المرجعيات الثلاث "مجرد وهم"، في وقت اعتبر أن السلام المنقوص هو مجرد تأجيل وترحيل للحرب ريثما
تجدد ما وصفها "الهاشمية السياسية" (يقصد بها الكيان العميق الذي يدير الحوثيون)
نشاطها بشكل أو بآخر.
يتزامن
ذلك، في ظل فشل الحكومة الشرعية ودبلوماسيتها في تسويق مشروع اليمن الاتحادي على وجه
التحديد. على حد قوله.
وذكر
علي أن الدبلوماسي البريطاني يدلل الحوثيين، كما فعلت بلاده في القرن الماضي بتدليل
نظام الإمامة في الشمال وتحالفهما ضد الوجود العثماني ثم ضد الشعب اليمني. مؤكدا أن
غريفيث على استعداد أن يتفاوض مع الجماعة الحوثية، حتى لو رفضت الذهاب إلى السويد للمرة
العاشرة. وفق تعبيره.
وشكك
بفرص نجاح هذه الجولة من المشاورات التي قال إنها ستفشل حتى وإن ذهب الحوثيون إلى مقر
انعقادها، مادام أن هناك جيش وطني في اليمن.
وأشار
رئيس مركز يمنيون إلى أن بريطانيا التي غيرت خرائط الشرق الأوسط ومن ضمنها خرائط العثمانيين
في اليمن، لا تعرف سوى خارطة الشمال الزيدي المتشيع، والجنوب الشافعي السني على الطرق
الصوفية، ولذلك فهي المسؤولة الأولى والأخيرة عن تقسيم اليمن جغرافيا وديمغرافيا.
وأردف
قائلا: "لم تقتنع بانسحابها من اليمن في 1967 (يقصد بها اليمن الجنوبي الذي كان
محتلا من البريطانيين حتى هذا التاريخ)، فضلا
عن ذلك، لم ترض عن قيام نظامين يمنيين يحملان نفس التسمية والهوية، وباليمن الموحد،
ومن جديد تتحرك على ذات النهج".
واختتم
حديثه بالقول : إن غريفيث سينهي فترته دون إحداث أي شيء يذكر في اليمن ذات المزاج المتغير
على مدار الساعة.. والواقع في هذا البلد مختلف والتحولات منذ 2011 لن تكون في مصلحة
المؤامرة.
اقرأ أيضا: غريفيث بالحديدة والأمم المتحدة مستعدة للإشراف على الميناء