أثارت تصريحات وزير قطاع الأعمال المصري هشام توفيق بأن صناعة الحديد والصلب لم تعد صناعة استراتيجية لمصر، ردود أفعال غاضبة بين المتخصصين والاقتصاديين والسياسيين، الذين اعتبروا تصريحات الوزير إشارة البدء الحقيقية لتصفية هذا القطاع الصناعي الهام.
وطبقا للمختصين الذين تحدثوا لـ"عربي 21" فإن هذه التصريحات تعكس سياسة نظام الإنقلاب بمصر، حول توجهه الاقتصادي القائم على المكسب السريع، دون القيام بمشروعات إنتاجية حقيقية تؤثر بالإيجاب على الاستثمار القومي، مقابل التوسع غير المبرر بقطاع العقارات الذي لا يعبر عن التطور الاقتصادي للدولة.
وفي تعليقه على تصريحات الوزير المصري يؤكد القيادي العمالي بشركة الحديد والصلب الحكومية شريف الغمراوي لـ "عربي 21" أن نظام السيسي وضع خطة ممنهجة لتصفية شركة الحديد والصلب، مثلما قام بتصفية شركة القومية للأسمنت قبل أشهر، موضحا أن الشركة التي تعد إحدى القلاع الصناعية بمصر يتم تصفيتها لصالح إفساح المجال لشركات الصلب التي استحوذت عليها القوات المسلحة.
ويضيف القيادي العمالي أن النظام الحالي في إطار سياسته للتخلص من العمالة الحكومية والجهاز الإداري يقوم بتصفية الشركات وتشريد العمال، حتى يوفر رواتبهم من موازنة الدولة بحجة أن الشركات خاسرة، مشيرا إلى أن شركته رغم مشاكلها تعتبر الأولي بمصر في صناعة سبائك الحديد والصلب سواء الخاصة أو ألواح الصلب بانواعه المختلفة المسوحبة على البارد أو الساخن، وهو ما يدخل في كل الصناعات الحيوية الثقيلة والخفيفة، والمدنية أو العسكرية.
اقرأ أيضا: بوادر ثورة عمالية في مصر.. هل تنجح هذه المرّة؟
ويضيف عضو لجنة القوى العاملة والصناعة بمجلس الشوري السابق طارق مرسي لـ "عربي21" أن ما كشفه الوزير يمثل رغبة نظام الانقلاب في القضاء على الصناعات الحيوية بمصر لصالح الاستثمارات الخاصة للقوات المسلحة، وهو ما بدأ بشركة القومية للأسمنت التي تم إغلاقها وتصفيتها بأمر مباشر لرئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي، لإيجاد مساحة لشركة بني سويف للأسمنت المملوكة للجيش في السوق المصري بعد ان رفضت معظم الدول قبول شحنات الأسمنت الخاصة بالجيش لمخالفتها موصفات الجودة والبيئة الأوربية.
ويضيف مرسي الذي يعد أبرز القيادات العمالية بمصر أن الفارق بين الرئيس محمد مرسي ونظام الإنقلاب أن الأول احتفل بعيد العمال عام 2013 من داخل شركة الحديد والصلب كإعلان صريح على اهتمام الدولة بهذه الصناعة الحيوية التي من المفترض أن تكون قاطرة الصناعات الاستراتيجية، بينما مع الإنقلاب فإن الوضع اختلف كليا وبات تصفية الشركة العملاقة مسألة وقت.
ويؤكد النائب السابق أنه لو كان بمصر حكومة تعمل على مصالح الشعب بشكل حقيقي، كان يجب تقديم الوزير للمحاكمة على تصريحاته التي أعلن فيها تصفية شركات قطاع الاعمال والاستفادة من الاراضي المقامة عليها وبيع المصانع والمكينات كخردة باعتبار أن سعر طن الخردة يبلغ 7 آلاف جنيه (392 دولارا).
ويضيف مرسي أن نظام السيسي يريد بيع 26 شركة في قطاعات الغزل والنسيج والصناعات الكيماوية والصناعات المعدنية واللأدوية، كخردة، ثم بيع أراضيها للإنفاق على مشروعاته الخاسرة بالعاصمة الإدارية وغيرها، وهو ما يمثل مخططا مدروسا لتدمير الصناعة بمصر.
اقرأ أيضا: أساليب جديدة لخصخصة الشركات في مصر.. أرقام صادمة
ويعلق الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ"عربي21" على توجهات نظام السيسي الاقتصادية بأنها تهدف في الأساس للتخلص من أعباء القطاع الحكومي بمختلف الطرق، سواء بوقف التعينيات، أو بعدم تطوير الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام، كهدف حكومي لمنافسة هذه الشركات للقطاع الخاص، ليستفيد منها المواطن والاستثمار القومي، ولكن الواقع أن نظام السيسي يتوسع في الاستثمار العقاري باعتباره الأقل كلفة والأكثر والأسرع ربحا.
ويضيف أبو الخير أن العالم المتقدم يفتخر بحماية صناعاته الاستراتجية وفي مقدمتها الحديد والصلب والأدوية، ولكن في مصر فإن الوضع مختلف، موضحا أنه بحسبة المكسب والخسارة، كان يجب علي الحكومة أولا التخلص من المؤسسات الإعلامية والصحفية القومية مثل الإذاعة والتليفزيون والأهرام والأخبار والجمهورية والمصور وغيرهم، والتي تصل خسائرهم السنوية أضعاف خسائر الشركات الصناعية.
وأبدي الخبير الاقتصادي تعجبه من خطة نظام السيسي لتصفية الصناعات الحيوية مثل الحديد والصلب في الوقت الذي تتوسع فيه بالقطاع العقاري، وهو القطاع الذي تعد صناعة الحديد والصلب من أحد أهم مكوناته، كما أنه حقق في الأشهر التسعة الماضية طفرة في صادراته الخارجية والتي بلغت 797 مليون دولار، ورغم ذلك تراها الحكومة غير استراتيجية وغير مهمة وتحقق خسائر.
ويستكمل أبو الخير حديثه بأن الوزارات بمصر تخصصت في البيع والخصخصة، ولا تقوم بعملها في تطوير الاستثمار والصناعة، ولذلك لم نسمع عن أي خطة حكومية لضخ مبالغ مالية لتطوير الشركات العملاقة مثل الغزل والنسيج والحديد والصلب وشركات البتروكيماويات وغيرها من الصناعات الهامة.
ويؤكد أبو الخير أن كل شيء بمصر الآن أصبح تحت قائمة البيع، سواء المستشفيات أو البنوك أو الفنادق أو الشركات والمصانع، وكأن هدف وإنجاز حكومات السيسي أصبح كيفية بيع الشركات وتصفيتها، وزيادة طابور البطالة والأزمة الاقتصادية بمصر.
كيف أصابت "لعنة سيناء" مركز جيش مصر بالتصنيف العالمي؟
دبلوماسي مصري يعتزل العمل العام.. وسياسيون يتضامنون
هكذا قرأ مختصون اعتقالات نظام السيسي للأطفال والنساء