بدا واضحا أن عام 2018 كان مليئا بالزيارات الخارجية لرئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، بين 4 قارات، ومواقف عديدة اتخذها النظام بملفات هامة وحيوية تمس الداخل المصري وتتشارك مع دول أخرى، ما يدفع للتساؤل حول حصاد تلك الزيارات والقرارات التي اتخذها السيسي في هذا العام.
وزار السيسي، الصين وأوزبكستان في أيلول/سبتمبر، وروسيا وألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر، وإيطاليا في تشرين الثاني/نوفمبر، والنمسا في 16 كانون الأول/ديسمبر الجاري، بجانب زياراته لقبرص واليونان، ودول الخليج العربي والسودان وإثيوبيا، وفي كل زيارة عقد اتفاقيات اقتصادية وتجارية.
وبرغم زيارات السيسي الخارجية لدول كبرى ومحاولته العودة لإفريقيا، إلا أن مراقبين ومحللين يرون أنه فشل على مستوى دول الجوار وعجز عن فك رموز ملف المصالحة الفلسطينية، رغم المتاجرة الإعلامية بهذه القضية، بجانب الفشل بحل أزمة مياه النيل مع إثيوبيا والسودان، وإن كانت العلاقات المصرية السودانية شهدت تقدما وتم وقف التصعيد الإعلامي من الجانبين إلا أنه على الأرض لم يحدث تقدم حقيقي بالملفات العالقة مثل أزمة مثلث حلايب وشلاتين، مع تراجع تأثير الدور المصري في ليبيا.
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: السيسي ليس مبارك لكنه أسوأ بكثير
الرهان على العائد
ويعتقد الباحث في العلاقات الدولية، علاء فاروق، أن "زيارات السيسي للخارج لها أهمية استراتيجية في هذا التوقيت كونها تعمل على حالة زخم دولي لدور مصر الريادي في عدة ملفات ومنها الملف الليبي الهام وملف سوريا واليمن".
فاروق، قال لـ"عربي21"، إن "قرب النظام المصري من الدول الكبرى وتكرار زيارتها يؤكد قبوله لدى هذه الدول على الأقل في هذه المرحلة واعتباره شريكا أساسيا في بعض الملفات المعقدة والتي سببت صداعا لهذه الدول".
وأضاف، "لكن يبقى الرهان على العائد من هذه الزيارات على الداخل المصري الذي يعاني من حالة ضعف اقتصادي وأمني وسياسي"، مشيرا إلى أن "النظام الحالي يحاول رأب هذا الصدع بعقد عدة مؤتمرات دولية بهدف تجميل صورته أمام العالم ومحاولة إرسال رسالة بأنه مستقر وله شعبية يجب أن تقبل بها هذه الدول".
وحول ما يثار حول تأثير بعض العواصم كالرياض وأبو ظبي وواشنطن على السياسة الخارجية ببعض الملفات واتباع النظام لرؤاها، أكد الباحث المصري، أنه "الآن لم يعد هناك تبعية لاختلاف بعض الرؤى والمصالح ولضعف بعض الحلفاء كالرياض بعد قضية مقل الصحفي جمال خاشقجي، واختلاف التعاطي مع الأزمة الليبية بين القاهرة وأبو ظبي التي تراهن حاليا على سفير ليبيا السابق لديها (العارف النايض)، بينما تراهن القاهرة على المشير (خليفة حفتر)".
يلعب بأوراق خارجية
وحول العائد من تلك الزيارات، قال الكاتب والمحلل السياسي سيد أمين، إن "العوائد الحقيقية لمصر صفر"، مؤكدا أنها "كلها زيارات لتمرير المخططات التي جاء لتنفيذها السيسي، سواء فيما يخص (تقسيم ليبيا) أو بتنفيذ (صفقة القرن)، وتأمين عملية تبادل الأراضي بسيناء، وتسليم القدس لإسرائيل، وحل مشاكل المهاجرين الأفارقة لأوروبا".
أمين، أكد لـ"عربي21"، أن السيسي "يلعب بتلك الأوراق، بالإضافة لصفقات السلاح من أجل دفع الغرب للتغاضي عن قمعه واستبداده".
وأضاف أن "التوجه نحو إفريقيا واتخاذ خطى بهذا الإطار، وزيارة السيسي، لدول كبرى مثل الصين وروسيا وألمانيا والنمسا مؤخرا؛ هي بالقطع نجاح خارجي ولكن أيضا لا يعود له ولكن للدور الإسرائيلي والسعودي الجبار في تلك الدول التي تدعم السيسي من أجل بقائه وتمكينه في نجاح المخططات التي جاء بسببها".
وبين أمين أن "البعد الأفريقي ليس بعيدا عن ذلك قطعا؛ ومحاولة التصدي للتغلغل التركي الإسلامي الصيني في تلك القارة"، مشيرا إلى أن "من أجبر الاتحاد الإفريقي على التغاضي عن انقلاب السيسي، ينتقل لتمكينه بأفريقيا من أجل أن يكون ذراعه هناك".
"مسيّر لا مخير"
من جانبه، رأى الخبير في العلاقات الدولية والقانون الدولي الدكتور السيد أبو الخير، أن "الانقلاب جاء لتحقيق عدة أهداف، وأن جميع الزيارات الخارجية للسيسي تسعى لتحقيقها"، مؤكدا أنه "موجه ومسيّر وليس مخيرا".
الأكاديمي المصري، قال إن أهم أهداف زيارات وقرارات السيسي الخارجية هي "إنهاء مصر كدولة واحدة وموحدة فضلا عن إضعافها وتقزيمها دوليا، والعمل على تقسيمها، والتنازل عن قيادة الأمة العربية لصالح النظامين السعودي والإماراتي".
وأشار إلى أنه بين قرارات السيسي الخارجية "اتفاقيات شراء أسلحة ليس لها دافع سوى الاستدانة حتى يتم التحكم في قرار مصر ووحدتها"، موضحا أن "تلك هي نتائج السياسات الخارجية للحكم العسكري الذي أراه منحة للشعب المصري وللأمة العربية والإسلامية بكشف أخطاء النظم والحكم العسكري بمصر وتكون بداية لنهاية الحكم العسكري".
اقرأ أيضا: بسبب القمع في 2018.. شخصيات مصرية خلف القضبان
رغم الزيارات مازال "منبوذا"
وبتعليقه على تلك الزيارات، قال البرلماني المصري السابق الدكتور جمال حشمت، إن "نظام الانقلاب يتلقى دعما كاملا من حكومات العالم الغربي الذي صدعنا بحقوق الإنسان علي خلاف مؤسساته الأهلية وهذا سمح للسيسي بالتجوال، معتمدا على محددات إقليمية بكل مكان يزوره".
السياسي المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "تلك المحددات "مثل مكافحة الإرهاب، ودعم خليفة حفتر بليبيا، ومنع الهجرة لأوروبا، وشراء أسلحة، وخضوع بالمواقف الدولية على حساب مصالح الأمة والوطن، ومحاولات التهجم على الإسلام وتجفيف منابعه والتشكيك بأصوله، وتجاوز تشريعاته بقوانين مجلس نوابه".
وبين حشمت، أن السيسي بزياراته الخارجية "يخاطب الجهات الدولية كلا حسب اهتماماته وبالتالي تحرك بحرية؛ لكن مع حالة التمكين ولا أقول الاستقرار التي سُمح بها له نعتقد أنه مازال منبوذا من الدول التي تتعامل معه لمساوماته وجرم أفعاله وانتهاكاته لحقوق الإنسان المصري، كما أنه لا يشعر بالأمان رغم دعم الخارج وكل القهر بالداخل".
مصر تدخل 2019 بديون غير مسبوقة (إنفوغرافيك)
الشعب خارج الحساب.. حصاد تشريعات برلمان مصر 2018
ماذا خسرت المعارضة المصرية في 2018.. وهل لها مكاسب؟