أعلن البرلمان المصري، إرجاء مناقشة قانون "العدالة الانتقالية" المقنن للتصالح مع قيادات الأنظمة السابقة لأجل غير مسمى.
وفسر مراقبون عدم إصدار القانون على مدار 3 سنوات هي عمر مجلس النواب بأنه غلق من النظام لباب تقنين أية مصالحات قد تضم جماعة الإخوان المسلمين.
وقال المتحدث باسم مجلس النواب صلاح حسب الله، الخميس، إن هناك قوانين كثيرة بالأجندة التشريعية أهم بكثير من العدالة الانتقالية، خاصة وأن القانون يتحدث عن تصالح النظام السابق، ومن وجهة نظر البعض قد يشمل جماعة الإخوان.
فاقد الشيء لا يعطيه
وفي تعليقه، يرى الباحث المهتم بحقوق الإنسان عزت النمر، أن "العدالة الانتقالية أحد الأوراق المهمة لدى الأنظمة لتحقيق مصالح الأوطان بالمراحل الانتقالية، ونظام الانقلاب ليس نظاما وطنيا وليس معنيا بمصالح الوطن أو إعادة اللحمة لشعبه، وبُنيَ بالأساس على الظلم والخيانة وبدأ عهده الأسود بوقف العمل بالدستور المستفتى عليه شعبياً".
وقال النمر بحديثه لـ"عربي21"، أنه "لا يُنتظر من النظام أدنى توجه لأي شكل من أشكال العدالة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ولأن أي عدالة تطبق تعني أن يكون رموز هذا العهد بين مشنوق ومسجون".
وأشار إلى أنه "خلال سنوات الانقلاب التي خلت ظهر أن السيسي معني بسن قوانين تمنح شركاءه بالانقلاب حصانة وتحظر ملاحقتهم قضائيا عن الجرائم التي ارتكبت والدماء التي أريقت والخيانات التي أرهقت الوطن وأهدرت مقدرات الأمن القومي وأهانت كرامة المصريين".
اقرأ أيضا: هل أصبح تعديل الدستور من أجل السيسي مسألة وقت؟
على جانب آخر وبعيدا عن جرائم نظام السيسي، يرى النمر أن "العدالة الانتقالية تظل إما عقابية أو تصالحية، وبالفعل استخدم السيسي ثلة فاسدة مجروحة من قضائه المشؤوم لتبرئة نظام مبارك ورموزه من الفسدة والقتلة، فيما استخدم نفس قضاء التلفيق والبغي لمعاقبة الشعب والانتقام من رموز ثورة يناير ونتاجها نظام الدكتور محمد مرسي والتنكيل بهم".
وأضاف قائلا: "من هنا فالسيسي، وانقلابه ليسوا بحاجة لقانون قد يتداول معه حديث مصالحة مع ثورة يناير ورموزها وخاصة من الإخوان المسلمين، لذا أتوقع أن تكون المادة المادة 241 من (دستور الإنقلاب) أحد نقط العبث به في قابل الأيام، أما الكيان السقط المسمى مجلس نواب علي عبد العال فهو خيال مآته لا يملك من أمره شيء".
وتابع: "تبقى نقطة أخيرة وهي ربما يريد السيسي إبقاء القانون بالأدراج وهو قادر على محوه وإلغائه، من قبيل الحاجة يوما ما لفرض شروطه على بقايا ثورة يناير وجماعة الاخوان خاصة إذا تبدلت الأحوال - خارجيا أو داخليا- وجرت بالنهر مياه أخرى".
التوقيت قبل القانون
وأكد الحقوقي محمد زارع، أن "عدم إقرار القانون ليس مفاجأة؛ وكل الإجراءات التي تتم على الأرض تؤكد اشتعال العداء بين النظام الحالي والسابق بعد التعامل مع جماعة الإخوان كمحظورة واستهداف قياداتها ومحاكمتهم والتحفظ على أموال رجال أعمالهم واستهداف قدرات الجماعة المالية مع قيادتها وعناصرها البشرية".
نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الخطاب الإعلامي الرسمي للدولة يتحدث عن جماعة محظورة وإرهابية ما يكشف أنه ليس بالمنظور القريب بعهد الرئيس السيسي أن يكون هناك تصالح فكلا الطرفين يرى الآخر عدو، والسيسي يرى الإخوان خطر على الدولة رغم حديثه أن الوطن يتسع للجميع".
اقرأ أيضا: صحيفة فرنسية: السيسي يسعى لحكم مصر مدى الحياة
وتابع: "والإخوان، لا أتصور بعد كل ما تم ضدهم من السهل أن يكونوا جزءا من تسويات؛ وعندما تحدثت بعض أجنحتهم عن المصالحة هوجمت من أجنحة أخرى بالجماعة"، مضيفا "ولا أتصور أن يقدم البرلمان شيكا على بياض بقانون مصالحة دون وجود تسويات واضحة ومشاورات رسمية بين الدولة والإخوان".
وأعرب زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، عن تصوره للمشهد مؤكدا أن "كلا الطرفين لن يقدما تنازلات إلا بخطوات شجاعة عندها يمكن للبرلمان إصدار قانونه أو تفعيل الدستور أو قرار رئاسي"، معتقدا أن "الوضع قائم طالما السيسي موجود ومسيطر وطالما الإخوان ضعيفة وليس لديها مبادرات ولا توجد وساطة أو مبادرات".
وبين أن "الأمر ليس قانونا بقدر ما هو هل المناخ موات؟"، موضحا أن "القانون ثانوي لأن روح العدالة الانتقالية تتطبق بروح القانون، فقط تتعايش مع الآخر ويقبلك بهدف المستقبل، وطي صفحة الماضي، وتعويض الضحايا، والعفو عن المساجين، فليست قانون بقدر المناخ المناسب".
ما علاقة دولة مبارك؟
ويرى الحقوقي علاء عبد المنصف مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، أن "النظام لا يخاف من إصدار القانون ولكنه لا يريد ذلك، وليس بحساباته وجود عدالة تسن بقانون"، مشيرا إلى أن "إجراءاته القمعية تؤكد أننا أمام نظام لا يحترم القوانين والدساتير وكل ما هو عدالة"، مؤكدا أنه "لا توجد خسائر من تجاهل القانون أكثر مما تعيشه مصر من خسائر سياسية ومجتمعية"
عبدالمنصف، قال إن "القانون معني به الحزب الوطني، والسيسي يخشى عودة رجال حسني مبارك للمشهد وسحب البساط منه لو صدر القانون وطبق بحقهم"، موضحا أنه "وبرغم فسادهم فإنهم كانوا رجال دولة بالاقتصاد والسياسة والاعلام وهو ما لا يتوفر بالشريحة المهترئة المحيطة بالسيسي".
واستبعد الحقوقي المصري أن يكون لهذا القانون مجال مع التيار الإسلامي والمعتقلين، موضحا أن "للنظام معركة صفرية مع التيار الإسلامي لن تنتهي إلا بسقوط أحد الطرفين بشكل نهائي"، نافيا احتمال أن يطالبه المجتمع الدولي بالتصالح مع الإخوان مؤكدا أنه "نظام يقتات على فكرة محاربة الإرهاب -يتهم بها الإخوان- وورقة اللاجئين".
3 صناديق تبتلع أموال المصريين بالخارج.. تحايل أم استثمار
مصر تدخل 2019 بديون غير مسبوقة (إنفوغرافيك)
الشعب خارج الحساب.. حصاد تشريعات برلمان مصر 2018