نشر موقع "إنترستنغ إنجينيرينغ" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن تطور قدرات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لدرجة أنها باتت قادرة على إنتاج رسومات وأعمال فنية رائعة، بشكل يضاهي الرسامين والنحاتين المحترفين.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تشهد تطورا سريعا في جميع
أنحاء العالم، ومن المحتمل أن يؤدي اجتياحها للعديد من مجالات الحياة إلى إحداث
تغييرات جذرية في العديد من المهن التي خُلقت من رحم الثورة الصناعية، ولكن، هل
يمكن أن تطال هذه التكنولوجيا المتقدمة قدسية الفن الذي لا طالما ذاد عنه الفنانون
من الجنس البشري؟ هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا على الفنانين؟
وأفاد الموقع بأن الفن الذي خلقته تكنولوجيا الذكاء
الاصطناعي هو عبارة عن صور تم إنشاؤها بطريقة خوارزمية بشكل كامل لتبدو ظاهريا مثل
العمل الفني الذي تنتجه أيادي الإنسان، وتعتمد هذه العملية المعقدة على مجموعة
كبيرة من الرموز بدلا من القريحة الإبداعية الكامنة في العقل البشري.
وأشار الموقع إلى لوحة "إدموند بلامي"
التي تعتبر تجسيدا واضحا لقدرة الذكاء الاصطناعي على الإبداع، حيث قامت مجموعة
تسمى "أوبفيوس" مقرها باريس، ببيع هذه اللوحة في مزاد علني مقابل 432500
دولار أمريكي، وعملت هذه المجموعة على إنشاء لوحات مماثلة باستخدام خوارزمية تُسمى
"الشبكات التوليدية التنافسية"، لكن النتيجة كانت عبارة عن صور ضبابية
إلى حد ما، ومن ثم طبعت على قطعة قماش ووضعت في إطار خشبي مذهّب، وتحمل اللوحة
علامة مميزة كتوقيع تشير إلى أن الفنان ليس بشريا.
وتجدر الإشارة إلى أن الباحثين ابتكروا برنامج ذكاء
اصطناعي لبناء الشبكات التوليدية التنافسية، حيث يعتمد هذا البرنامج على شبكتين
عصبونيتين لابتكار عالم رقمي متكامل بالاستناد إلى رسم أولي بسيط، وفي حالة لوحة
"إدموند بلامي"، تتكون هذه الشبكة من جزئين؛ الجزء الأول يسمى
"المولّد"، أما الجزء الثاني يدعى "المميز".
اقرأ أيضا: مرشح نوبل للتعليم لـ"عربي21": مستقبل الأمم يعتمد على معلمينا
وأضاف الموقع أن هذه المجموعة قامت بإدخال نحو 15
ألف لوحة من فترات مختلفة من تاريخ الفن إلى خوارزمية الذكاء الاصطناعي، لكن الفن
الذي ابتكرته هذه المجموعة باستخدام هذه التكنولوجيا يختلف بشكل كبير عن الأعمال
الفنية التي ينتجها الرسامون الحقيقيون.
وأكد الموقع أن الفن الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي
يجذب اهتمام الناس منذ سنة 2015، وتحديدا عندما قامت شركة غوغل لخدمات الإنترنت
بالإعلان عن إصدار برنامج جديد أطلقت عليه اسم "ديب دريم"، ويستخدم هذا
البرنامج شبكة عصبونية التفافية تحدد أنماطا في الصور باستخدام خوارزمية تركيبية
لظاهرة الباريدوليا، حيث يستجيب العقل لمحفزات على شكل صورة أو صوت.
وأوضح الموقع أن هذا الشكل الجديد من الفن أثار ضجة
كبيرة في عالم الفن، لا سيما في ظل تزايد القلق والخوف على مستقبله. في المقابل،
يعتقد العديد من الفنانين الذين يستخدمون هذه التقنية المتطورة، على غرار الفنان
والمبرمج الألماني ماريو كلينجمان، أن هذا التوجه لا يعدو أن يكون مجرد
"زوبعة في فنجان".
وفي هذا الإطار، أكد كلينجمان أن هذا الفن يخلق
إشباعا فوريا حتى في حال لم يكن الإنسان على دراية عميقة بطرق إنشاء هذه اللوحات
وكيفية التحكم في هذه التكنولوجيا، مما سيجعل هذه الفئة من الأشخاص ضحية للدجالين
والراغبين في ركوب موجة الابتكارات الجديدة.
وكشف الموقع أن كلينجمان وغيره يقدرون هذه النماذج
القادرة على خلق صور من نوع جديد تبدو حديثة ومميزة، وهم يدركون أنها شكل جديد
للأداة الفنية. وفي الواقع، تحمل جميع الصور التي تم إنشاؤها حتى الآن لمسة واضحة
من المساهمة البشرية، ذلك أن الذكاء الاصطناعي غير قادر على إنشاء هذه اللوحات
بشكل تلقائي بل يحتاج إلى توجيه وإشراف من الإنسان.
وفيما يتعلق بالطرف الذي يجدر به تقاضي الأجر عندما
يتم بيع الأعمال الفنية التي يتم فيها استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإن
الأمر منوط بعهدة مالك حقوق الطبع والنشر بموجب قانون البلاد الذي يحميها، ولكن
الإشكال يتمحور حول حقوق الفنانين الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا، فهم في نهاية
الأمر يضعون لمساتهم الخاصة في لوحات هي في الأساس ليست عملا برمجيا بحتا، وفي هذه
الحالة، السؤال المطروح هو: ألا ينبغي أن يمتلك المساهمون البشر حقوق الطبع والنشر
إذا كانت تقنية الذكاء الاصطناعي غير مؤهلة تلقائيًا للمطالبة بحقوقها؟
ونوه الموقع إلى أن مكتب الولايات المتحدة للبراءات
ينص على أنه "سيرفض تسجيل أي مطلب إذا خلص إلى أن العنصر البشري لم يبتكر
العمل"، ولكنه ينص أيضا على أنه سيستثني الأعمال "التي أنتجتها آلة أو
بواسطة عملية ميكانيكية تعمل بشكل عشوائي أو تلقائي دون أي اسهام إبداعي أو تدخل
من مؤلف بشري".
وأوضح الموقع أن هذا الأمر يشبه إلى حد كبير عقود
العمل في الولايات المتحدة. وفي هذه الحالة، يلغي المؤلف ملكية حقوق الطبع والنشر
لعمله لصالح المشغّل، أما بالنسبة لبلدان أخرى على غرار المملكة المتحدة، تكون
المشكلة أكثر بساطة، حيث يمنح قانون المملكة المتحدة حقوق الطبع والنشر للشخص الذي
يقوم بالترتيبات اللازمة لإنشاء أعمال بواسطة الكمبيوتر ولكنها تشترط وجود بعض
"المجهودات" البشرية.
وفي الختام، لفت الموقع إلى أنه بات من المستحيل
التنبؤ بما يمكن أن تصل إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي، لذلك من الأفضل توضيح هذه
المشكلة القانونية بسرعة قبل أن تخرج الأمور عن سيطرة البشر.
تعرف على المشاهير الذين فضلوا عدم التواصل مع العالم الخارجي