عاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى انتقاد أوضاع حقوق الإنسان خلال مؤتمر صحفي مشترك بالقاهرة مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، قائلا: إن "الاستقرار مرتبط باحترام الحريات الفردية ودولة القانون".
وقال ماكرون، على هامش زيارته لمصر، الأحد، إن حقوق الإنسان في مصر ينظر إليها بشكل متزايد على أنها في وضع أسوأ مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
ومثلت تصريحات ماكرون انقلابا في موقفه عندما قال خلال لقائه السيسي بباريس في 2017 إنه لن يقوم "بإلقاء محاضرة" على السيسي بخصوص الحريات المدنية، ما أثار انتقادات المنظمات الحقوقية.
وقال ماكرون، الإثنين، إن "الاستقرار الحقيقي يمر عبر حيوية المجتمع"، وإن "الاستقرار والسلام المجتمعي الدائم مرتبطان باحترام الحريات الفردية ودولة القانون".
ويقوم، ماكرون، بزيارة رسمية مدتها ثلاثة أيام إلى مصر؛ لتعزيز العلاقات الاقتصادية خصوصا، متعهدا بالحديث بصراحة أكبر بشأن مسألة حقوق الإنسان التي تآكلت في أعقاب حكم السيسي.
اقرأ أيضا: ماكرون يلتقي السيسي في القاهرة وسط انتقادات حقوقية
وكانت عدة منظمات حقوقية طالبت ماكرون بخطاب قوي حول الوضع الكارثي لحقوق الإنسان في مصر مع المطالبة بإطلاق سراح كل السجناء المحتجزين ظلما، وتعليق كل مبيعات السلاح الفرنسي الذي يمكن أن يستخدم لارتكاب أو تسهيل الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي.
انقلاب ماكرون
وإذا ما كانت تصريحات ماكرون بشأن ملف حقوق الإنسان تمثل انقلابا على تصريحاته السابقة في 2017، أو أنه ضلل بخصوصها، قال الباحث في جامعة مرسيليا بفرنسا، المرسي طارق: إن "ماكرون يشعر بالضعف أمام جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية؛ بسبب احتجاجات السترات الصفراء، وبالتالي هو يستجيب لها لكسب مزيد من الشعبية، أكثر من استخدامه لها كورقة للضغط على مصر".
مضيفا لـ"عربي21" أن "أوضاع حقوق الإنسان لا تعني الغرب بقدر ما هو تأثير مواقفه تجاه هذه الدول على الرأي العام المحلي وليس الخارجي، وأعتقد أن استجابة ماكرون للحديث عن أوضاع حقوق الإنسان مع السيسي تأتي استجابة للمنظمات الحقوقية أكثر منها رغبة حقيقية في الضغط على السيسي".
وبشأن إذا ما كان ماكرون على دراية بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، أكد أن "جميع زعماء الغرب يعلمون بشكل كاف بما يحدث في كل أنحاء هذه الأنظمة، بل إن الأدوات المستخدمة في التنصت أو التعذيب هي صناعة غربية، ويعلمون أين وكيف تستخدم هذه الأدوات، ولكن ما يعنيه مصالح فرنسا".
واستبعد أن يكون لتأجيل القاهرة صفقة شراء 12 طائرة رافال أخرى من فرنسا يد في إثارة القضية، قائلا: "إن غالبية الصفقات الماضية كانت بتمويل من الحكومة الفرنسية وضمانها من البنوك الفرنسية، فمصر ليس لديها أي أموال لشرائها، وإنما تتم بقروض".
ضغوط ناجعة
وقلل المحلل السياسي المصري – الفرنسي، محمد السيد، من أثر انتقادات ماكرون لملف حقوق الإنسان في مصر، قائلا: "انتقاد السيسي جاء على استحياء؛ فلم يذكر المعتقلين والمختفين قسريا، ولكن الإشارة في حد ذاتها أزعجت السيسي".
وتابع في حديث لـ"عربي21": "والسبب أن المنظمات الحقوقية التي اجتمعت في باريس قبل سفر ماكرون وطالبته بوقف تصدير السلاح، ومنها هيومن رايس وتش وأمنستي ومنظمات أخرى حقوقية تعمل على الأراضي الفرنسية".
وأوضح أن "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان" و"الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان" بالتعاون مع مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، رصدت استخدام أسلحة فرنسية ضد المتظاهرين"، مشيرا إلى وجود "قضية مرفوعة في المحاكم الفرنسية ضد الشركة الفرنسية "أميسيس" التي قامت ببيع معدات خاصة بالتجسس وتتبع الهواتف والرسائل الإلكترونية، وهذه القضية لا زالت أمام المحكمة منذ نوفمبر2017".
اقرأ أيضا: ماكرون من القاهرة: حقوق الإنسان في مصر أسوأ من عهد مبارك
وأردف: "لكن ماكرون يحاول أن يجمل موقفة السيء عندما دافع عن السيسي في الإليزيه، كما يحاول ابتزاز السيسي للضغط عليه في ملفات أخرى، ومنها الملف الليبي على سبيل المثال الذي تواجه فيه فرنسا انتقادات كبيرة من جارتها إيطاليا وغيرها".
هكذا قرأ مختصون زيارة عباس لمصر في ظل الاحتقان مع حماس
حقوقيون: السيسي فتح النار على نفسه بإنكاره وجود معتقلين
هل ورط السيسي أكبر شركة مقاولات مصرية في تنزانيا؟