أكد صندوق النقد
الدولي، أن الحكومة المصرية ملتزمة برفع الدعم تماما عن الوقود بعد أربعة أشهر من
الآن، مقابل صرف الشريحة الخامسة من قرض الصندوق البالغة ملياري دولار، حسب
الاتفاق مع المبرم بين الطرفين، الذي تنفذه الحكومة المصرية منذ ثلاث سنوات
تقريبا.
وتوصلت مصر لاتفاق
مع الصندوق في 2016 لإقراضها 12 مليار دولار، مقابل إجراء إصلاحات اقتصادية تتضمن
تحرير سعر صرف العملة المحلية، ورفع الدعم الحكومي عن الوقود والكهرباء ومياه الشرب
بشكل متدرج، حتى تصل إلى رفع نهائي منتصف عام 2019.
وقال النائب الأول
لمدير صندوق النقد ديفيد ليبتون، الأربعاء الماضي، إن هذا الإجراء ضروري لتشجيع
استخدام أكثر كفاءة للطاقة في مصر، وأنه سوف يساعد بجانب إصلاحات زيادة الإيرادات
العامة، على الإنفاق على الأمور ذات الأولوية العالية مثل الصحة والتعليم.
وكانت الحكومة
المصرية قد رفعت أسعار الوقود منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ثلاث مرات، وفقا
لاتفاقها مع الصندوق عبر تطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادي، يتضمن رفع الدعم النهائي
عن الوقود بنهاية حزيران/ يونيو 2019.
موافقة بعد خلاف
وكان صندوق النقد
الدولي قد أعلن الأسبوع الماضي، صرف الشريحة الخامسة من القرض المتفق عليه لمصر
بقيمة ملياري دولار، وبذلك تكون مصر قد حصلت حتى الآن على 10 مليارات دولار.
وجاءت موافقة الصندوق على صرف الشريحة الخامسة لمصر، بعد تأخير
لقرابة شهرين، بسبب خلافات بين الجانبين حول بعض النقاط الخاصة بتوقيت رفع الدعم
وكيفية تطبيق آلية تسعير الوقود، بحسب تقارير صحفية.
وتعليقا على هذه الخطوة، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إن
موافقة صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الخامسة لمصر، جاءت نتيجة نجاح برنامج
الإصلاح الاقتصادي، مؤكدا جدية الدولة في تنفيذ هذا البرنامج.
التضخم يرتفع
وقال الجهاز المركزي والتعبئة والإحصاء (حكومي)، يوم الأحد، إن معدل
التضخم السنوي ارتفع خلال شهر كانون الثاني/ يناير الماضي إلى 12.2% مقابل 11.1%
في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تأثرا بارتفاع أسعار الخضروات والحبوب
والدواجن.
وفي وقت سابق، قال البنك المركزي المصري، إن مخاطر محلية وأخرى
خارجية، تهدد النظرة المستقبلية لمعدلات التضخم في البلاد، على رأسها الزيادات
المرتقبة في أسعار الوقود وزيادة أسعار الفائدة العالمية.
ورفع صندوق النقد
توقعاته بزيادة متوسط معدل التضخم في مصر خلال العام المالي الجاري إلى 15.8%.
ومنذ بداية العام
المالي الجاري في تموز/ يوليو 2018 ارتفع التضخم السنوي في شهور آب/ أغسطس وأيلول/
سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر عن التوقعات، تأثرا بقرار رفع أسعار الوقود بنسب
تتراوح بين 17.4% و66.7% في تموز/ يوليو الماضي، ما أدى إلى ارتفاع كبير وغير
متوقع في أسعار الخضار والفاكهة، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة
والإحصاء.
"لا تراجع"
الخبير الاقتصادي
محمود عبد العظيم قال إن "الحكومة المصرية لم يعد أمامها سوى الاستمرار في
برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تعهدت بتطبيقه بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولا
يمكنها التراجع تحت أي ظرف".
وأضاف عبد العظيم،
في تصريحات لـ"عربي21"، أن "القرارات المؤلمة المترتبة على هذا
التعهد، ومن بينها الرفع النهائي للدعم عن المحروقات، ستؤدي، دون شك، إلى موجة
كبيرة من التضخم، لتواصل أسعار السلع والخدمات كافة في البلاد ارتفاعا بشكل متواصل،
استمرارا لمسلسل الغلاء الذي أنهك المصريين منذ عام 2016 وحتى الآن".
ولفت إلى أن
الحكومة بدأت بالفعل تطبيق آلية التسعير الحر على الوقود، ليتماشى مع الأسعار
العالمية حينما طبقتها في بداية العام الجاري على بنزين 95، تمهيدا لتطبيق الآلية ذاتها على باقي أنواع الوقود.
"العصا
الغليظة"
من جانبه أكد
الخبير الاقتصادي إيهاب الألفي أن "هذه الموجة من الغلاء ستضيف مزيدا من
الضغوط الكبيرة على الطبقة المتوسطة في البلاد، وتسقط مزيدا من المنتمين إليها
ليصبحوا أعضاء جددا في طبقة الفقراء، بينما يزداد الفقراء فقرا"، لكنه استبعد
اندلاع احتجاجات شعبية على نطاق واسع في البلاد، للتعبير عن رفض سياسات الحكومة أو
المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية.
وتوقع الألفي، في
تصريحات لـ"عربي21"، أن تنجح الحكومة باستخدام العصا الغليظة، في إشارة
إلى القبضة الأمنية، في قمع أي بوادر لتلك الاحتجاجات خوفا من تحولها إلى مظاهرات
عامة أو ثورة شعبية، على غرار ما يحدث في السودان منذ عدة أسابيع، لافتا إلى أن "الحكومة
نجحت طوال الأعوام الثلاث الماضية في منع أي احتجاج على تدهور الأحوال
المعيشية، وستنجح، فيما يبدو، في تمرير هذه القرارات الجديدة".
وأوضح أن "أصحاب
الدخول المتغيرة، من التجار وأصحاب المهن الحرة، سينجحون في تجاوز هذه الموجة من
الغلاء عبر رفع أسعار السلع والخدمات التي يقدمونها وتمرير هذه الزيادات إلى
الجمهور، فيما يبقى أصحاب الدخول الثابتة، من موظفي القطاع العام والخاص وأصحاب
المعاشات، يتحملون وحدهم أعباء هذه الزيادات بعد أن تخلت عنهم الحكومة ورجال
الأعمال، ورفضوا رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات الثابت منذ عدة سنوات، رغم تزايد
الأسعار ثلاثة أضعاف تقريبا منذ 2016".
هل ينجح صندوق النقد بوقف السيطرة الاقتصادية للجيش المصري؟
40 من معارضي الخارج يدعون "الشرفاء" لإنقاذ مصر من الضياع
شرطة مصر تحتفل بعيدها في ذكرى ثورة يناير.. هكذا علق نشطاء