معجزات الرئيس العربي العددية كبيرة ومستمرة.. هو بطل تحطيم الأرقام القياسية.
هناك شعوب وطوائف تتطيّر من بعض الأرقام. بعض الطوائف تقدس أرقاماً معينة. البهائيون يقدسون الرقم 19، ولرشاد خليفة البهائي صاحب كتاب "عليها تسعة عشر" قصة مع الرقم 19 الذي أهلكه. من الجدير بالتذكير أنّ عدد زبانية جهنم 19. الصينيون يتطيّرون من الرقم 4، ويكنّون عنه برموز وإشارات خوفاً من اللعنة والنحس، فلن تجد على الغرف أو الطوابق أو الشوارع في الصين الرقم 4، وقصة الرقم 13 في أوروبا معروفة، فهو رقم الأشباح والنحس والطيّرة. وفي الإسلام: فضّل الله بعض الأرقام على بعض، مثل البشر "ليبلوكم".. والله وتر يحب الوتر، الأرقام الفردية مفضلة في الأذكار والطعام، لكن من غير إثم إن زوج المسلم الأرقام في العبادات أو في الحياة، فثنّى وربّع وأربع على نفسه بشرط العدل بين الزوجات. الطيرة شرك، النحس الوحيد الذي ابتلي به العرب هو مدة دورة الرئيس الرئاسية، هي أس الشرور، وسواها من الأرقام السوداء مثل الثامن من آذار، الثلاثين من يونيو، السادس عشر من تشرين التصحيح، الذي لم يكن تصحيحاً، وإنما إضلالاً، كانت قد بقيت أشياء صحيحة فعطلها الرئيس إلى الأبد، الأبد هو وضع التاريخ في الثلاجة.
ومثل ذلك: السادس من كذبة 6 أكتوبر، هناك أعداد أهلكت الحرث والنسل مثل الثلاثين من يوليو. المدة الانتخابية الرئاسية العربية الجمهورية ملكية ولا تنتهي. لا يعرف رئيس عربي معاصر التزم "بالعقد الاجتماعي" وعدده وعدته سوى المنصف المرزوقي، وقائد انقلابي فعل ذلك هو سوار الذهب. نتحدث في هذه الأيام بالأرقام، وليس كما في الماضي بالأرحام. الرئيس الصيني ألغى بعد استفتاء في البرلمان المدة الرئاسية وعدتها خمس سنوات، وجعلها من غير قوسين، بلا نهاية مثل رئاسة الفاتيكان، وكل الدول تقلد أمريكا التي سنَّ لها جورج واشنطن مدتين، كل واحدة أربع سنوات، فقلدناها، فكان من عجائب الزمان وتصاريف الحدثان أن ترامب أثنى على الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتمنى لو تحذو أمريكا حذو الصين. اعترض على تعديل دستور الصين نائبان من أصل ثلاثة آلاف، بينما كان نواب مصر أشجع، حيث اعترض نائبان أيضاً من أصل خمسمائة، وقد انتقمت المخابرات منهما ببث صور فاضحة للأول وهو خالد يوسف، وتسجيلات جنسية صوتية للثاني، فجمع السيسي التجديد والإصلاح الجنسي!
معجزات الرئيس في أعداد الضحايا الأبرياء، وتضخيم العملة، وأرقام مكعبات الماء والكهرباء كبيرة ومذهلة. نسبة فوز الرئيس في الانتخابات دائماً إعجازية. إنجازات وإعجازات.
يقال في الأمثال: دخول الحمام ليس كالخروج منه، أما دخول القصر الجمهوري، فليس منه خروج، مثله مثل سجن تدمر وفرع فلسطين السوري، الداخل مفقود والخارج مولود، على عكس القصر الجمهوري.
يقال في الأمثال: دخول الحمام ليس كالخروج منه، أما دخول القصر الجمهوري، فليس منه خروج، مثله مثل سجن تدمر وفرع فلسطين السوري، الداخل مفقود والخارج مولود، على عكس القصر الجمهوري
شهدنا بالأمس حملة فرعونية على الفضائيات المصرية وإعلامها لتعديل الدستور، والصواب تحريف الدستور الذي صنعه الرئيس على عينه. هو الذي عين رئيس اللجنة الدستورية، وهو الذي انتخبها، وليس الشعب، وقيل في تبرير تحريف الدستور إنه كتب على عجل،
السيسي نفسه قال إنه كتب بنوايا طيبة، الأصل عنده أن يكتب بنوايا سيئة. التعديل هذه المرة سيتيح للرئيس مدتين. كل مدة قدرها ثماني سنوات.
قال إعلام الرئيس إن الغرض منحملة التمديد للرئيس السعيد هو تغيرات الزمن. الدستور يعدل على قياس الشعب في البلاد المتحضرة، وعلى قياس الرئيس في البلاد المتجبرة.
لقد كبر الرئيس، وشاخ قليلاً، وتمدد بالترف والبطر، وتقلصت البلاد بالجوع والخوف، وتمددت قدمه على البلاد كلها، وبات الدستور ضيقاً على قدمه. في التعريف: إن الدستور عقد بين الشعب والرئيس، والعقد يصوغه الشعب عبر ممثلين منتخبين، هو مجموعة من القواعد القانونية التي تُبين شكل الحكومة ونظام الحكم في الدولة. والوثيقة الرسمية التي تحتوي على (القانون الأساسي الأعلى) للدولة، والذي يُحدد شكل تلك الدولة وطبيعة نظام الحكم فيها. وهناك دساتير دائمة وأخرى مؤقتة، ودساتير مرنة وأخرى جامدة.
الرئيس المصري مثلاً زعم أنه لا يشرب سوى الماء، لكنه أكل الدستور بأنياب القوانين التي أصدرها. وكان قدوعد عشرات الوعود ونقضها، وبعد أن أقسم عليها مرتين وأحياناً ثلاث مرات، هو حَلَّاف مَّهِين، صاحب أمانات كاذبة، اليمين الذي يريد الإبرار به: هو لا والله مش ح اسيبها.
ومن أيماناته الكذابة وقد صارت موسوعة؛ الوعد بحماية الثورة، واحترام الدستور، وعدم الترشح لئلا يعود بمصر أربعين سنة إلى الوراء، ثم وعود بالخير العميم بعد ستة أشهر، ثم سنتين، فثلاث، وقد انقضت كل تلك المدد، أحلام الرئيس لا يمكن تحقيقها، وحلمه هو الموت في القصر الجمهوري. للرئيس عادة ألقاب كثيرة أولى بها لقب: حارس المقبرة، فالشعب ميت وإن كان يعيش. التمديد نسيء، وقد قال تعالى فيه: "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ? يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ". ومن حسن المقادير أن الرئيس السوداني ليس له أبناء يرثون القصر، وابن الرئيس الجزائري لا يزال صغيراً، لكن يبدو أن الرئيس سيحنط لحين بلوغ الابن السن الدستورية. أمس انطلقت الجماهير إلى مهرجان رئاسي للاحتفال
بإعلان بوتفليقة نفسه رئيساً، وكانت الجموع هادرة، لترى رجلاً بعث من الموت. الذين بعثوا من الموت هم العزير، وأهل الكهف، والسبعون من قوم موسى، وبوتفليقة!
ومن عجائب السياسة والدين أن بابا الفاتيكان الذي يوصف في أدبيات الصحافة والتاريخ بأنه المجدد ونصير الضعفاء والفقراء، وخليفة بطرس، والحبر الأعظم، وهو الوحيد الذي اختار اسماً من غير الألقاب المتداولة في ألقاب البابوات تأسيًاً بالقديس فرنسيس الأسيزي، أحد معلمي الكنيسة الجامعة، "والمدافع عن الفقراء، والبساطة، والسلام" والذي أقام في بيت القديسة مرتا، لا في المقر الرسمي في القصر الرسولي، و"البابا القادر على إحداث تغييرات ضد الإجهاض والمثليين، والوحيد الذي احتفظ بالصليب الحديدي الذي كان يرتديه كرئيس أساقفة، ولم يضع الصليب الذهبي مثل سابقيه، لكنه لم يزر سوى الطغاة من العرب، السيسي، وبوتفليقة، وملك الأردن، وابن زايد، ويعلم الفاتيكان أنّ هؤلاء طغاة، أيديهم ملطخة بالدماء، ولا يتخذ الفاتيكان قراراً إلا بعد تمحيص دقيق يستغرق أحياناً عقوداً.
توصف دولنا بدول الموز، والحقيقة أنها دول قشور الموز، ليس الدستور هو وحده الذي يعدل، الدين نفسه، وهو دستور سماوي عُدّل حتى لم يعد الإسلام إسلاماً.
توصف دولنا بدول الموز، والحقيقة أنها دول قشور الموز، ليس الدستور هو وحده الذي يعدل، الدين نفسه، وهو دستور سماوي عُدّل حتى لم يعد الإسلام إسلاماً
وإذا كان الناشطون قد أطلقوا طرفة تقول إن الرئيس كل أربع سنوات يجدد شعبه، ويبقى ثابتاً، فهو صحيح، فالرئيس ومخابراته يراقبون من يقول لا، ويعاقبونه. البلاد كلها تعيش العقاب بالرئيس. من حق السجين أن يحلم بتغيير السجان.
ولا يوجد واحد من الرعية العربية يحلم بالرئاسة، أقصى ما يحلم به هو أن يصير مواطناً، ربما أقله أن ينام آمنا غير جوعان.
حلمه الأكبر هو الهجرة.