نشرت مجلة "نيتشر" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن اكتشاف تقنية فعالة تعمل على تعديل الجينات، ما يساعد على تشخيص بعض الأمراض المستعصية في وقت مبكر ويساهم في الحد من انتشار العدوى.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21" إن "حمى لاسا الفيروسية، تعد في طريقها إلى أن تصبح
الوباء الأخطر على الإطلاق، حيث أنها أودت بحياة حوالي 69 شخصا في نيجيريا خلال
هذه السنة، وعلى أمل أن يتمكنوا من الحد من حالات الوفاة الناتجة عن حمى لاسا،
يحاول الباحثون في نيجيريا العثور على اختبار تشخيصي جديد باستعمال تقنية كريسبر
لتعديل الجينات".
وأفادت المجلة بأن هذا الاختبار يقوم بالأساس على
تعقب مقتطفات جينية والتي تعرف، في هذه الحالة، بالرنا غير المشفر الموجود في حمى
لاسا، باستخدام تقنية كريسبر، وفي حال نجح هذا النهج، فقد يساعد على اكتشاف مجموعة
واسعة من الأمراض الفيروسية المعدية في وقت مبكر، وبالتالي، سيتسنى للخبراء في
مجال الصحة، استخدام العلاجات الأكثر فعالية والحد من انتشار العدوى.
وذكرت المجلة أن العلماء في كل من جمهورية الهندوراس
وكاليفورنيا، بصدد توظيف تقنية كريسبر في تشخيص فيروسات على غرار فيروس الضنك
وفيروس زيكا فضلا عن فيروس الورم الحليمي البشري المقترن بمرض السرطان.
في هذا الصدد، قالت عالمة الأحياء الجزيئي
النيجيرية، جيسيكا يووانيبي، التي تعمل على تطوير تشخيص مرض حمى لاسا، إنه
"يمكن لاختبار فعال وسهل التطبيق أن يقلل من معدلات الوفاة الناتجة عن حمى
لاسا والتي قد تصل إلى حدود 60 بالمئة، وإنني بصدد دراسة طريقة قد تنقذ العديد من
الأرواح".
اقرأ أيضا: الذكاء الاصطناعي... هل سيقود العالم للتطور أم الدمار؟
تجدر الاشارة إلى أنه عادة ما يتطلب تشخيص الأمراض
المعدية توفر خبرات متخصصة علاوة على معدات متطورة، والتي غالبا ما تفتقر إليها
المناطق التي تنتشر فيها الأمراض المماثلة لحمى لاسا، لكن الاختبارات التي تقوم
على تقنية كريسبر، تتيح الفرصة أمام الخبراء لتشخيص العدوى بشكل دقيق باستخدام طرق
تقليدية وبسيطة.
وأضافت المجلة أن يووانيبي وفريقها يواصلون دراسة
التشخيص القائم على تقنية كريسبر، الذي ساهم في تطويره باحثون في مركز برود
للأبحاث بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وآخرون في جامعة هارفارد، والذين ربطوا
تقنية كريسبر ببروتين كاس13.
في الواقع، يقطع هذا البروتين التسلسل الجيني الذي
سيستهدفه، ثم يبدأ بتقسيم الرنا غير المشفر بطريقة عشوائية، ويعرقل هذا الأمر
عملية تعديل الجينات ولكنه يعد مفيدا، إذ تسهل الأجزاء الناتجة عن تقسيم الرنا
تشخيص المرض.
وأشارت المجلة إلى أن سعر اختبار شرلوك في نيجيريا،
الذي نجح فريق مركز برود في تحديثه في سنة 2018، يبلغ تقريبا نصف قيمة اختبارات
"تفاعل البوليميراز المتسلسل"، كما أنه يستغرق نصف الوقت لإرجاع
النتائج، أي حوالي ساعتين. كما أن كلا الاختبارين يحتاجان إلى الكهرباء لمعالجة
العينات، إلا أن اختبار شرلوك ليس حساسا لانقطاع التيار الكهربائي مقارنة باختبار
تفاعل البوليميراز المتسلسل.
وفي هذا الخصوص، قالت كايلا بارنز، وهي أخصائية في
علم الوراثة: "نحن نرغب في الاعتماد على كتلة حرارية يمكن تشغيلها من خلال
مولد سيارة".
وأوضحت المجلة أن الاختبارات التي تعتمد على تقنية
كريسبر الأخرى، التي طورتها جنيفر داودنا صحبة فريقها في جامعة كاليفورنيا في
بركلي، تستخدم البروتينات ذات خصائص محددة وبراءات مختلفة لاستهداف مجموعة من
الأمراض.
اقرأ أيضا: اختبار للدم يمكن أن يكشف عن أعراض ألزهايمر المبكرة
وتأمل دودنا في أن تتمكن من المساعدة في الحد من
ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض سرطان عنق الرحم في الدول الأفريقية،
حيث يقع تشخيص المرض في كثير من الأحيان بعد فوات الأوان، مما يجعل فرص الشفاء منه
ضئيلة جدا، كما شاركت دودنا في تأسيس شركة ناشئة في سان فرانسيسكو، تدعى
"ماموث بيوسينس" في السنة الماضية لتطوير عملية التشخيص.
وبيّنت المجلة أن الباحثين في كل من بيركلي وشركة
"ماموث" يتطلعون إلى توسيع نطاق استخدام تقنية كريسبر من خلال إضافة
بروتينات جديدة وقع اكتشافها حديثا، والتي يساهم حجمها الصغير في تسهيل عملية
دمجها في تقنيات التشخيص.
في سياق متصل، ذكرت موظفة تقنية تعمل لصالح منظمة
الصحة العالمية في نيجيريا أن هذه الابتكارات التكنولوجية تعتبر مثيرة للغاية،
لكنها تحتاج إلى أن تحصل على ترخيص ليتم تصنيعها وبيعها بسعر معقول حتى يكون لها
تأثير كبير في البلدان ذات الدخل المنخفض، وهو الأمر الذي يفشل الباحثون في
التفكير فيه.
وعلى سبيل المثال، طُوّرت العشرات من الاختبارات
التشخيصية لفيروس إيبولا، ولكن وقع توزيع اثنين فحسب منها في جمهورية الكونغو
الديمقراطية، في حين تم تعليق البقية جراء العوائق الاقتصادية.
وفي الختام، ذكرت المجلة أنه في ضوء معارك البراءات
القائمة بين بيركلي ومركز برود للأبحاث، قد يكون التشخيص القائم على تقنية كريسبر
مزعجًا من وجهة نظر اقتصادية بالتحديد، لكن دودنا وبرديس ثابتي، اللتان تشرفان على
مشروع شرلوك في مركز "برود"، شددتا على التزامهما بإصدار تراخيص للمعدات
التي يعملان بها حتى يتمكن الأشخاص الذين يحتاجون إلى هذه التشخيصات من استخدامها.