نشر موقع قناة "كانال في" الكندية، تقريرا كشف من خلاله عن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وشبكة الإنترنت بشكل عام، على علاقتنا بالعالم الخارجي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هناك العديد من الدراسات التي تناقض بعضها البعض، لكن من الواضح أن شبكة الإنترنت ستكون عامل عزل اجتماعي للكثيرين.
وتجدر الإشارة إلى أن عددا متزايدا من الأشخاص، يقضون ساعات طويلة في تصفح شبكة الإنترنت لإجراء بحوث أو العمل أو الدردشة مع الأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد أن أحد عوامل العزل عن المجتمع يتمثل في العمل عن بعد. في الحقيقة، تسهل الإنترنت عمليات البحث وتبادل المعلومات، لكن لم يعد من الممكن اجتماع الموظفين أو العمال في مكان واحد، إذ قد يعمل البعض في المؤسسة ذاتها وعلى المشروع نفسه لعدة أشهر أو سنوات، دون حدوث لقاء بينهم.
في الأثناء، يكتفي هؤلاء الموظفون بالتواصل مع بعضهم البعض عبر البريد الإلكتروني والهاتف، أو عبر الشبكات الداخلية.
وأوضح أن الاتصال بالزملاء لم يعد ضروريا. وبناء على ذلك، تؤدي التكنولوجيا إلى خلق مسافة بينهم، مما يؤثر على المجتمع وعلى طبيعة الموارد البشرية.
ولسائل أن يسأل، لما قد يترك المرء منزله، بينما بإمكانه العمل من هناك والتواصل مع الزملاء والعملاء؟.
اقرأ أيضا: منع دخول الأطفال إلى شبكة الإنترنت.. سلبيات وإيجابيات
وأضاف أنه من خلال بقاء الفرد وحيدا لساعات أمام شاشته، فهو بهذه الطريقة يعزل نفسه أكثر.
والجدير بالذكر أنه بالنسبة للبعض، لم يعد للآباء والأصدقاء أي وجود فعلي في حياتهم تقريبا. في الإطار ذاته، قد يحد البعض من التواصل مع الزوج أو الزوجة والأطفال دون قصد، وذلك نتيجة انشغاله بالعالم الافتراضي.
وأشار الموقع إلى أن البعض لن يتردد في ابتكار حياة مختلفة تماما عن حياتهم الحقيقية، من خلال إحاطة أنفسهم بأصدقاء لا يعرفونهم، إذ أنهم سيفضلون الوثوق في هؤلاء الأصدقاء الافتراضيين، بدلا من الأقارب.
علاوة على ذلك، كشفت دراسة أُجريت في سنة 2009، أن 55 بالمئة من الأمريكيين الذين يتصفحون الإنترنت، يناقشون مواضيع مهمة وشخصية مع أصدقائهم الافتراضيين الذين لا يعرفونهم جيدا.
ويعتقد المستخدمون الذين يقضون أوقاتهم على منصات مختلفة على الإنترنت (على غرار مواقع المناقشة، والمدونات، ومواقع التواصل الاجتماعي والشبكات المهنية…) أنهم يقومون بإنشاء روابط اجتماعية.
وفي واقع الأمر، يفقدهم جلوسهم كل هذا الوقت أمام شاشة الحاسوب، الاتصال تدريجيا مع العالم الخارجي.
وأورد الموقع أن مواقع التواصل الاجتماعي تُوهم الإنسان بأنه محاط بالأصدقاء. في المقابل، يجعل وجود أصدقاء افتراضيين من السهل على الفرد عزل نفسه عن العالم الخارجي.
ولتأكيد هذه المعلومات، كشفت دراسة عن أن 30 بالمئة من الأشخاص النشيطين على مختلف الشبكات الاجتماعية لا يعرفون جيرانهم.
اقرأ أيضا: هذه تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على صحتك العقلية
وأفاد، بأن دائرة الأصدقاء الذين باستطاعة المرء تأمينهم على أسراره تتقلص ببطء. ففي سنة 1985، كان لدى الفرد ثلاثة أصدقاء مقربين يستطيع تأمينهم على جميع أسراره.
وبعد عقدين من الزمن، انخفض عدد الأصدقاء المقربين ليصبحوا اثنين فقط. تجدر الإشارة إلى أن 25 بالمئة من الأشخاص الذين تم التواصل معهم من أجل إجراء هذه الدراسة، لم يكن لهم أي شخص يثقون به على الإطلاق.
وبيّن، في المقابل، أن الأشخاص الأكثر نشاطا على شبكات التواصل الاجتماعي، غالبا ما يتواصلون مع أشخاص ذوي اهتمامات وأفكار مختلفة، كما قد يكونون من عرقيات مختلفة، مما يضفي سمة الانفتاح، بالإضافة إلى تحسين المستوى الثقافي للفرد.
وأضاف الموقع أن الإنترنت ساهمت إلى حد كبير في ولادة ظاهرة أوتاكو في اليابان، التي تتعلق بالمهووسين بألعاب الفيديو أو مشاهدة الصور المتحركة والمانجا الذين يقضون الكثير من الوقت على شبكة الإنترنت.
ويتمثل اتصال هذه الفئة الوحيد مع العالم الخارجي في تناول الطعام، إذ يخرجون بشكل متقطع للذهاب للتسوق، كما أنهم يعملون، ويدرسون، لكنهم يختلطون مع الآخرين بشكل حصري على الإنترنت.
ويمتلك هؤلاء مواقع ويب خاصة بهم ومواد ترويجية، لكنهم يفتقرون للتواصل مع الأشخاص على أرض الواقع.
وأورد أن للعزلة الاجتماعية تأثيرات مباشرة على الصحة. ووفقا لدراسة بريطانية نشرت سنة 2010، يعادل قضاء الكثير من الوقت لوحدك في خطورته تدخين 15 سيجارة في اليوم.
بالإضافة إلى ذلك، يرتبط الانعزال عن المجتمع ارتباطا مباشرا بارتفاع معدل الوفيات.
اقرأ أيضا: السوشيال ميديا قد تكون سبب مشاكل النوم لدى الأطفال
خلافا لذلك، تظهر العديد من الحلول للتصدي للعزلة الناتجة عن التكنولوجيات الحديثة، إذ يحتاج من وقعوا ضحية هذه العزلة إلى تلقي دعم أكبر من أحبائهم، وإيجاد مجالات اهتمام أخرى، وممارسة أنشطة مختلفة، بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة البدنية.
وفي الختام، أفاد الموقع أنه في الوقت الذي تساهم فيه شبكة الإنترنت في بناء جدران عازلة بين أفراد المجتمع، إلا أنها لا تزال تمثل أداة هامة لتزوّد الفرد بالمعلومات، لا سيما إذا تم استخدامها بشكل صحيح.
وفي حال تزايد اهتمامك بالإنترنت، فمن المحتمل أنك ستميل لعزل نفسك تدريجيا، وهو ما يترك خيار انعزالك من عدمه بيدك.